بعد تذبذب الأسواق بشكل كبير خلال الفترة الماضية وسط تكهنات تشير إلى أن اسبانيا قد تقوم بطلب قرض انقاذ شامل لمصاريفها الحكومية مع بداية تشرين الثاني القادم، بينما يستمر الساسة الأسبان برفض و شجب مثل هذه التكهنات و أن بلادهم ليست بحاجة لمساعدات مالية في الوقت الراهن.
هذا هو اليوم المنتظر قد أتي لما سيكون لبيانات اليوم من أثر كبير على الأسواق خلال الفترة القادمة. فبداية، جميع المستثمرين بانتظار بيانات الثقة في منطقة اليورو و ألمانيا لمعرفة أين أصبحت مستويات الثقة في منطقة اليورو بعد الانهيار الذي حصل لها وسط استمرارية تفاقم أزمة الديون السيادية و عدم قدرة صناع القرار الأوروبيون باتخاذ القرارات و الاجراءات اللازمة لمكافحة الأزمة و دعم مسيرة النمو الاقتصادي.
و من المتوقع أن تأتي بيانات الثقة متباينة في منطقة اليورو و ألمانيا خاصة بعد برنامج شراء السندات الذي أشاده المركزي الأوروبي في الفترة القادمة في سبيل خفض تكاليف الاقتراض في المنطقة و محاربة أزمة الديون السيادية بشتى الطرق، مما قد يساعد مستويات الثقة التي لازمت القاع في الآونة الأخيرة.
و من جهة أخرى، سيصدر اليوم أيضاً بيانات الميزان التجاري في منطقة اليورو لشهر آب علماً بأن الصادرات الأوروبية تلعب دور هام جداً في العجلة الاقتصادية الأوروبية كون الدول الأوروبية هي معتمدة بشكل أساسي على صادراتها، و من المتوقع أن تظهر القراءة المعدلة موسمياً توسع الفائض إلى 8.2 مليار يورو مقارنة بالفائض السابق عند 7.9 مليار يورو، وقد تظهر القراءة الفعلية انكماش الفائض إلى 10 مليار يورو مقارنة بالفائض السابق عند 15.6 مليار يورو.
و نتطرق هنا لأهم بيانات اليوم ألا وهي مستويات التضخم و التي تكمن أهميتها لما سيكون لها من أثر مباشر على سياسات البنوك المركزية النقدية خلال الفترة القادمة، فمن ا لمتوقع أن ترتفع أسعار المستهلكين خلال شهر أيلول في منطقة اليورو، و لكنها من المتوقع أن ثابتة على الصعيد السنوي عند مستويات 2.7% و هي تعتبر بعيد نسبياً عن مستويات البنك المستهدفة و لكنها لا تزال ضمن الحدود الموافق عليها للبنك.
علماً بأن استمرار ارتفاع أسعار المستهلكين بعيداً عن مستويات البنك المستهدفة سيرغم البنك على التريث و التفكير عدة مرات قبيل اتخاذ أي قرار تيسيري نظراً لكون مهمة البنك المركزي الأوروبية تضع أولوية استقرار الأسعار قبل دعم و تيسير النمو، و لكن الظروف الاقتصادية المواتية تضع البنك في أسوأ المواقف التي لا يحسد عليها.
و ليست بريطانيا هي في حالٍ أفضل، فسنشهد اليوم أيضاً استمرار ارتفاع أسعار المستهلكين في الاقتصاد الملكي خلال أيلول بعيداً عن مستويات البنك المستهدفة، فمن المتوقع أن ترتفع الأسعار بنسبة 2.5% مقارنة بالمستويات السابقة 2.3% و هذا ما يزيد من الضغوط التضخمية على الاقتصاد البريطاني و يحد أيضاً من قدرة المركزي البريطاني على اتخاذ المزيد من الاجراءات التيسيرية و التحفيزية في سبيل دعم اقتصاده الذي يرقد في مستويات عميقة من الركود الاقتصادي. هذا و تحمل الأجندة البريطانية أيضاً المزيد من البيانات التي تتعلق بالتضخم كمؤشر أسعار المنتجين.
و يبقى المستثمرين على استعداد لاستقبال هذه البيانات اليوم مما سيكون لها أثر على سياسة البنك المركزي الأوروبي و البريطاني كما أشرنا لتجد الأسواق بهذه البيانات شاغل آخر عدا عن اسبانيا التي بقيت متصدرة ساحة و التي من المتوقع أن تبقى كذلك و لكن سيعطي المستثمرين بعض اهتمامهم لتلك البيانات.