ينتظر المستثمرين قرار البنك الأوروبي بفارغ الصبر، إذ من المقرر أن يعلن عن قراره بشأن سعر الفائدة و الذي يتوقع أن يبقى كما هو ودون تغير ليظل عند مستوى 0.75% بعد أن كان أخر تخفيض له في في يوليو/تموز السابق في 2012، من المتوقع أن يبقى معدل الايداع عند مستويات 0.0% و معدل إعادة التمويل فمن المتوقع أن يبقى هو أيضا عن مستويات 1.50%.
لكن عزيزي القارئ، يجب أن لا نتجاهل بعض المشاركين في الأسواق الذين يتوقعون أن يتم التخفيض بمقدار 25 نقطة أساس لاحتواء الأوضاع الاقتصادية الراهنة، إذ أن احتمالية التخفيض لمستويات تاريخية جديدة عند 0.50% مطروح على الساحة خلال 2013 خاصة وسط الظروف الاقتصادية الراهنة في منطقة اليورو، فقد وقعت الاقتصاديات الأوروبية الـ 17 خلال الربع الثالث بركود اقتصادي بنسبة0.1%، بعد أن قام البنك المركزي الأوروبي خلال الأجتماع الاخير بتخفيض التوقعات المستقبلية للنمو و التضخم خلال الفترة القادمة.
تعاني منطقة اليورو من انكماش واضح في أداء الأنشطة الاقتصادية المختلفة، فقد واصلت القطاعات الاقتصادية( القطاع الخدمي ، و الصناعي) انكماشها، و يواجه اقتصاد منطقة اليورو ارتفاعا كبيرا في معدلات البطالة في البلاد إلى 11.8% لمستويات تاريخية عليا جديدة، نعم، ان هذا الضعف الذي أصاب منطقة اليورو بعد السياسات التقشفية الصارمة التي أقرتها الحكومات لاحتواء أزمة الديون الأوروبية.
على الرغم من كل التكهنات بتخفيض سعر الفائدة يبقى خيار تثبت سعر الفائدة المرجعي اليوم هو الأمثل وسط معدلات التضخم المسيطر عليها و التي لا تزال فوق 2.0%، وخاصة مع ظهور علامات لتحسن الشعور العام في الأسواق بعد الموافقة الأوروبية على منح اليونان أموال الإنقاذ و تقدم جزء من خطة الإنقاذ لأسبانيا لإعادة رسملة البنوك و عمليات السوق المفتوحة التي أعلن عنها في أيلو الماضي...
قام البنك المركزي الأوروبي في السادس من أيلول الماضي بإقرار عملية السوق المفتوحة للسيطرة على الارتفاع في العائد على السندات الحكومية للبلدان الأوروبية المتعثرة، و لذلك لا بد للبنك من التريّث قبل التقدم بأي خطوة خاصة بعد برنامج شراء السندات من الحكومات الأوروبية المتعثرة بوساطة من آلية الاستقرار الأوروبي التي أطلقها الوزراء الأوروبيين في قمة الاتحاد الأوروبي الماضية في تشرين الأول.
المعطيات الراهنة في منطقة اليورو تدعم جميع التوقعات بقيام البنك بمزيد من السياسات التحفيزية خلال الفترة القادمة، إلا أن هذه السياسات من المحتمل ان تكون خلال النصف الأول من العام الجاري 2013، إذ من المتوقع ان يعيد البنك تفعيل برنامج منح القروض طويلة الأمد بأسعار فائدة زهيدة كما فعل ذلك في كانون أول 2011 بجولتين تقدرا بحوالي تريليون يورو لدعم وتيرة النمو و دعم مستويات السيولة في الأسواق و إعادة الحياة إلى الدورة الانتاجية...
أما عن البنك البريطاني فالتكهنات قوية جدا بقيام البنك المركزي البريطاني بتثبيت سعر الفائدة المرجعي عند مستويات 0.50% و برنامج شراء الأصول عند مستويات 375 مليار جنيه الجاري، بعد أن استطاعت بريطانيا في الربع الثاني تسجيل مستويات نمو بنسبة 1.0% على المستوى الربع السنوي و بنسبة 0.0%، و لكن لا بد من التذكير مجددا بأن معدلات النمو الراهنة بدعم من عوامل مؤقتة، إذ اعادنا البنك المركزي البريطاني للواقع بتوقعاته بالعودة إلى دائرة الركود الاقتصادي خلال الربع الرابع.
عاد العضو المعارض ديفيد مايلز إلى معسكر المعارضين على مستويات برنامج شراء الأصول، فقد صوت خلال قرار الفائدة الماضية في كانون الأول على رفع البرنامج بمقدار 25 مليار جنيه ليصبح البرنامج عند 400 مليار جنيه ، و هذا التصويت من مايلز سوف يفتح الطريق لمعارضة عدد أكبر من الأعضاء في اللجنة على السياسة النقدية التي يتبعها البنك البريطاني.
عزيزي القارئ، أن بقاء البنوك المركزية في القارة العجوز عند موقفها من السياسة النقدية سوف يدعم أسواق العملات و الأسهم الأوروبية، و لكننا سوف نبقى نتطلع للمؤتمر الصحفي لرئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي بعد خمس و أربعون دقيقة من قرار الفائدة لعله يشحن الأسواق المالية بدفعة من الأمل و التفاؤل و يحقق لليورو مزيدا من الأرباح..