واشنطن، 2 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): أصبح على الرئيس الأمريكي باراك أوباما تقديم كشف حساب حول ما نفذه من وعود قطعها على نفسه عندما أصبح أول رئيس من أصول أفريقية يصل لسدنة الحكم في الولايات المتحدة، وحساب التركة المتبقية التي سيتعين عليه العمل عليها في عامه الثاني بالبيت الأبيض قبل يومين من مرور الذكرى الأولى لجلوسه خلف المكتب البيضاوي.
وليس متوقعا أن يحتفل البيت الأبيض بهذه المناسبة، بينما سينتهز أوباما ذكرى فوزه التاريخي بزيارة يقوم بها إلى ويسكونسون، إحدى الولايات التي شهدت انتصاراته في الانتخابات التي أجريت خلال هذه الفترة من العام الماضي ليلقي خطابا عن التعليم.
ويعزى غياب المظاهر الاحتفالية بشكل ما إلى مهمة يتعين على أوباما الانتهاء منها وهي ضرورة الإعلان في أي لحظة عن نتائج تقييمه للاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان وإذا كان سيرسل المزيد من التعزيزات لحرب تزداد تعقيدا شيئا فشيئا.
هذا فضلا عن انخفاض شعبيته تدريجيا على مدار الشهور العشرة الأولى من فترة ولايته الأولى.
وتشير استطلاعات للرأي إلى أن أوباما يحظى حاليا بقبول تصل نسبته إلى 55% فيما يعد تحسنا في شعبيته رغم أنها لا تزال بعيدة عن النسبة التي سجلها فور تنصيبه في يناير/كانون ثان الماضي وبلغت 70%.
فقد استيقظ الشعب الأمريكي من الآمال التي طالما حلم بها مع مرشح كسر كافة القوالب العنصرية وترددت خطاباته الرنانة على مسامعهم، على واقع تخيم عليه أزمة اقتصادية طاحنة وحرب في جبهتين ومشكلات داخلية حكومية وبرلمانية على رأسها قانون إصلاح التأمين الصحي.
لقد وصل أوباما إلى البيت الأبيض مفعما بطاقة كبيرة دفعته فقط للإعلان خلال الأيام الأولى عن إغلاق معتقل جونتانامو، وخطة هائلة لتحفيز الاقتصاد، فضلا عن التزامه بإحلال السلام في الشرق الأوسط.
ولكن ما تبين حتى الوقت الحالي هو تزايد صعوبة تحقيق تلك الوعود عما تخيله هذا الرئيس الذي بدأ مسيرته بخطى محفوفة بالنوايا الطيبة منذ توليه مهام منصبه.
ويبدو أن إغلاق جونتانامو في يناير/كانون ثان المقبل، مثلما كان يرجو أوباما، بات مستحيلا على المستوى العملي، فإدارته لم تحدد حتى الوقت الحالي ما ستفعله مع غالبية السجناء.
وعلى الرغم من تدخله الشخصي في اجتماع ثلاثي عقد بمدينة نيويورك الأمريكية في سبتمبر/أيلول الماضي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلا أن استئناف المفاوضات في الشرق الأوسط يبدو أبعد مما كان سابقا.
وفي سياق آخر، احتدمت الحرب في أفغانستان على الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي عن تبني استراتيجية جديدة في مارس/آذار. وفيما يتعلق بالعراق، سبق أن أعلن عن خروج القوات العسكرية في أغسطس/آب المقبل ولكن الهجمات التي وقعت مؤخرا أرقت الاستقرار التدريجي الذي بدأ يشهده البلد العربي، وجعلت الإدارة الأمريكية تعيد حساباتها مرة أخرى.
غير أن النجاح الكبير الذي حققه أوباما على الصعيد الدولي حتى الوقت الحالي تجسد في المفاوضات التي أقيمت بشأن التوصل إلى اتفاقية مع روسيا لتقليل الأسلحة النووية، والتي تأمل واشنطن الانتهاء منها في ديسمبر/كانون أول المقبل.
ويسعى الرئيس الأمريكي لأن يجعل من هذه الاتفاقية أحد نماذج مقترحه نحو عالم خالي من الأسلحة النووية، وهو أحد الأسباب التي عززت قرار منحه جائزة نوبل للسلام.
ولم تختلف الساحة المحلية كثيرا عن الدولية، حيث اضطر أوباما أيضا لتقليل سقف توقعاته.
فالأزمة الاقتصادية لا تزال قائمة رغم الإجراءات التي تبنتها حكومة واشنطن وتضمنت على وجه الخصوص خطة التحفيز الاقتصادي التي حظيت بالموافقة في فبراير/شباط الماضي وكانت مزودة بقيمة 787 مليار دولار. بينما تأرجحت نسبة البطالة عن 10% واعترف البيت الأبيض أنه لازال أمامنا الكثير من الوقت لنصل إلى مرحلة التعافي.
وعلى الرغم من ذلك، بدأ الاقتصاد الأمريكي يكشف عن آثار للتعافي، حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 3.5% خلال الربع الأخير من العام الجاري، فيما يعد أكبر نسبة يتم تسجيلها في عامين.
ولا يزال أوباما في انتظار موافقة الكونجرس على أكبر إصلاح يراهن عليه في قطاع الصحة ولعله الأمر الذي كان له نصيب الأسد في تراجع شعبيته.
وبعد شهور من المناقشات واللوم المتبادل بين الديمقراطيين والجمهوريين، لم يحسم بعد إذا كان النظام الذي ستتم الموافقة عليه سيضم خيارا عاما ينافس شركات التأمين الخاصة. لقد حدد البيت الأبيض هدفا بمضي الإجراء قدما قبيل انتهاء العام الجاري.
ويبرز ضمن القضايا التي تم تأجيلها للعام الثاني بالبيت الأبيض، قانون حول التغير المناخي وإصلاح قطاع الهجرة، والتي يؤكد مسئولو البيت الأبيض أنها ستكون من أكبر أولويات العام المقبل.
ويبدو في نهاية حصاد العام الأول الذي لم يعد متبقيا على انقضائه سوى يومين، تحول شعار أوباما المتحمس والباعث على التفاؤل "Yes We Can¨ أو "نعم نستطيع" على أرض الواقع إلى "Yes .. Maybe¨ أو "نعم .. ربما".(إفي)