فرانكفورت (ألمانيا)، 4 نوفمبر/ تشرين ثان (إفي): أصدر مجلس إدارة شركة جنرال موتورز الأمريكية لصناعة السيارات قرارا مفاجئا بإلغاء صفقة بيع فرعه الأوروبي "أوبل" إلى مجموعة ماجنا الكندية النمساوية، مما أثار ردود أفعال متباينة في الأوساط الاقتصادية على مستوى العالم.
وجاء القرار خلال اجتماع مجلس إدارة جنرال موتورز، الذي انعقد الثلاثاء في ديترويت، لينهي بذلك تكهنات انتشرت منذ أكتوبر/تشرين أول الماضي وبعد شهور من المفاوضات الصعبة، حول قرب توقيع عقد البيع مع الكونسورتيوم المكون من مجموعة ماجنا ومصرف "سبيربنك" الروسي.
وقد أثار القرار قلقا في ألمانيا التي كانت تعول حكومتها كثيرا على صفقة البيع، وطالبت في أول رد فعل برد مليار و500 مليون يورو، هي قيمة المساعدات التي قامت بمنحها لأوبل لدعم الصفقة الملغاة.
كما دعت نقابة العاملين بالشركة الألمانية لتنظيم إضرابات غدا الخميس تبدأ في ألمانيا وتمتد بسائر دول القارة الأوروبية احتجاجا على قرار مالكتها بإلغاء صفقة بيعها.
من جانبه، وصف وزير الاقتصاد الألماني راينر بروديرليه قرار جنرال موتورز بإلغاء صفقة بيع أوبل بأنه "غير مقبول".
وقال المتحدث الرسمي باسم نقابة العاملين بالشركة سيمون إيبل-شمدت في تصريحاته لوكالة (إفي) إن 25 ألف و500 عامل بأربعة مصانع تابعة لأوبل في ألمانيا ستنظم غدا إضرابا اعتبارا من تمام الساعة 11.00 ت ج.
ومن المقرر أن ينضم العاملون بمصانع أخرى لأوبل في القارة الأوروبية للاحتجاجات يومي الجمعة والاثنين المقبلين، ولكنه لم يعرف بعد كيف ستتم الإضرابات في كل بلد.
وكانت جنرال موتورز قد أعلنت إفلاسها في مطلع صيف العام الجاري وتعين على واشنطن التدخل لإنقاذها بمساعدة قيمتها 50 مليار دولار.
يشار إلى أن العضو المنتدب الجديد لجنرال موتورز فريتز هاندرسون أراد إتمام صفقة البيع بسرعة ولكن مجلس الإدارة الذي تم تشكيله عقب الإفلاس قد وضع عراقيل وعمل على إبطاء عملية شراء الفرع الأوروبي من جانب ماجنا.
وفي رد فعل معاكس، اعتبرت أوبل أن قرار إلغاء صفقة بيعها لمجموعة ماجنا يظهر أن مالكتها الأمريكية تعتبرها "جزءا استراتيجيا" من الشركة.
وذكرت الشركة الألمانية في بيان أصدرته اليوم أن "قرار مجلس إدارة جنرال موتورز يوضح أنها وفوكسهال (الماركة الأخرى التي كانت ستباع) تحظيان بأهمية بالغة بالنسبة للشركة الأم التي لا ترغب في التخلي عنهما".
وأضاف البيان أنه "بعد مفاوضات مطولة وصعبة شاركت فيها أطراف كثيرة ذات مصالح مختلفة، الآن بات واضحا أمام كافة المشاركين أن جنرال موتورز تعتبر أوبل جزءا استراتيجيا من الشركة".
من جانبها، أعلنت مجموعة ماجنا، التي كانت تسعى للاستحواذ على النسبة الكبرى من أسهم شركة أوبل، أنها "تتفهم قرار" الشركة الأم بإلغاء صفقة البيع.
وأشار العضو المنتدب بماجنا سيجفريد وولف في بيان صدر الثلاثاء إلى أن الشركة "تتفهم هدف جنرال موتورز من إلغاء الصفقة وهو الاحتفاظ بأوبل التي تعتبر عنصرا أساسيا في منظومة جنرال موتورز العالمية".
وتابع وولف "سنواصل دعمنا لأوبل ولجنرال موتورز أمام التحديات التي تواجهانها ونود التعبير عن امتناننا للجميع إزاء دعمهم لإعادة هيكلة الفرع الأوروبي ومجهوداتهم الحثيثة طوال الشهور الأخيرة".
كما وجه مسئول المجموعة الكندية النمساوية الشكر بوجه خاص لشريكه مصرف (سبيربنك) الروسي الذي كان سيتعاون معها في الصفقة.
وبررت جنرال موتورز قراراها المفاجئ بـ "التحسن الذي شهده قطاع الأعمال" خلال الشهور الأخيرة، فضلا عن أهمية أوبل وفوكسهال بالنسبة لها.
وستتكلف خطة جنرال موتورز لإعادة هيكلة أوبل نحو ثلاثة مليارات يورو، وهو قيمة "أقل بكثير من كافة العروض التي تلقتها الشركة الأمريكية".
وأعربت المفوضية الأوروبية عن رغبتها في أن تكون هذه الخطة الجديدة "مضمونة وتوفر فرص عمل دائمة"، وأضافت أنها ستتحقق من مدى تناسب المساعدات التي تستطيع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي منحها.
جدير بالذكر أن ماجنا كانت الخيار المفضل للعاملين بمصانع أوبل في ألمانيا، ولحكومة برلين نظرا لأن عرضها كان يتضمن تسريح عدد أقل من العاملين في هذا البلد.
كانت شركة السيارات الأمريكية قد اتفقت في سبتمبر/أيلول الماضي على بيع 55% من شركة أوبل للكونسورتيوم الذي تتزعمه ماجنا، والذي كان يضم أيضا شركة "غاز" ومصرف سبيربنك الروسيين، وطبقا لما كان متفقا عليه، فإن جنرال موتورز كانت ستحتفظ بنسبة 35%، بينما ستحتفظ أوبل بنسبة الـ10% المتبقية.
وشدد هيرمان جريف، رئيس بنك سبيربنك الروسي، آنذاك على ضرورة أن يتضمن اتفاق بيع أوبل لمجموعة ماجنا بند نقل التكنولوجيا لروسيا، وهو ما أعربت جنرال موتورز عن رفضها له مرارا. (إفي)