Investing.com - شهد سعر الدولار في السوداء في مصر تحركات ملحوظة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث سيطر الارتباك على المتعاملين بالسوق الموازية على إثر عدد من الأنباء الهامة بشأن الاقتصاد المصري بشكل عام، وتوقعات سعر الدولار أمام الجنيه الفترة القادمة بشكل خاص.
يأتي ذلك بالتزامن مع تخفيض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في مصر في عام 2024 من مستوى 5 في المائة في تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر في شهر أبريل الماضي، إلى 4.1 في المائة في تقريره الأخير لشهر يوليو الصادر هذا الأسبوع، فيما رفع توقعاته الخاصة بالتضخم خلال العامين الجاري والمقبل.
ورغم إبقاء الصندوق على توقعاته الخاصة بالنمو في العام الحالي عند 3.7 في المائة، وهي نفس توقعات أبريل، فإنه خفَّض من مستوى توقعات العام المقبل، مرجعاً ذلك بالأساس إلى "ضعف مرونة سعر الصرف، وهو ما أسفر عن نقص في سوق الصرف الأجنبية، بما يؤثر على حركة الواردات، كما يثبط ثقة المستثمرين"، حسبما أوضحت بيتيا كوفا بروكس، نائبة مدير قسم البحوث في صندوق النقد الدولي، للصحافيين، مساء يوم الثلاثاء.
اقرأ أيضًا: بنك أمريكي يحدد موعد تعويم الجنيه المصري.. ويحذر من مخاطر تمويلية عميقة
وفي غضون ذلك، حذر بنك الاستثمار الأمريكي "مورغان ستانلي" من 3 مخاطر تمويلية من المرجح أن تواجه مصر الفترة القادمة، حيث رجح البنك أن يتم إجراء تعديل سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية خلال سبتمبر أو أكتوبر المقبل.
وكانت السوق السوداء قد تلقت ضربة مفاجئة هذا الأسبوع بعد أن لجأ كل من "بنك مصر" و"البنك الأهلي المصري"، إلى طرح شهادات استثمار دولارية جديدة بفائدة مرتفعة تصل إلى 7%، حيث جاءت خطوة بنكي الأهلي ومصر في إطار محاولة البنكين لجذب العملة الصعبة من السوق الموازية.
ومع صدور تقريري صندوق النقد الدولي وبنك "مورغان ستانلي" شهدت السوق السوداء للدولار مزيدًا من التخبط، وذلك باعتبارهما يشيران إلى مخاطر تمويلية تحيط بالاقتصاد المصري، بجانب الإشارة إلى تعديل محتمل في سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية.
وبشكل عام، يتراجع الدولار في السوق السوداء كلما كانت هناك أنباء مطمئنة حول وضع الاقتصاد المصري، أو صدور توقعات من مؤسسات وبنوك دولية تفيد بعدم تراجع الجنيه في القريب العاجل، حيث يرتفع العرض ويقل الطلب في هذه الحالة. والعكس صحيح، يرتفع الدولار ويزداد الطلب كلما كانت الأنباء سلبية وغير مطمئنة.
وظل سعر الصرف الرسمي ثابتا عند حوالي 30.90 جنيه للدولار منذ أشهر، بينما تراجعت العملة المصرية في السوق السوداء إلى مستويات تتراوح بين 37 إلى 39 جنيها للدولار خلال الأيام القليلة الماضية.
اقرأ أيضًا: محلل: العالم سيتغير إذا انضمت السعودية إلى "بريكس".. بداية تَحَطُم "البترودولار"
توقعات صندوق النقد
خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في مصر في عام 2024 من مستوى 5 في المائة في تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر في شهر أبريل الماضي، إلى 4.1 في المائة في تقريره الأخير لشهر يوليو الصادر هذه الأسبوع، فيما رفع توقعاته الخاصة بالتضخم خلال العامين الجاري والمقبل.
ورغم إبقاء الصندوق على توقعاته الخاصة بالنمو في العام الحالي عند 3.7 في المائة، وهي نفس توقعات أبريل، فإنه خفض من مستوى توقعات العام المقبل، مرجعاً ذلك بالأساس إلى "ضعف مرونة سعر الصرف، وهو ما أسفر عن نقص في سوق الصرف الأجنبية، بما يؤثر على حركة الواردات، كما يثبط ثقة المستثمرين"، حسبما أوضحت بيتيا كوفا بروكس، نائبة مدير قسم البحوث في صندوق النقد الدولي، للصحافيين، مساء يوم الثلاثاء.
وفي تعديل كبير لرؤيته المستقبلية لمستوى التضخم، توقع الصندوق أن يصل متوسط التضخم في مصر إلى 24.4 في المائة في 2023، وأن يرتفع إلى 32 في المائة عام 2024، بينما كانت توقعات شهر أبريل (نيسان) الماضي تشير إلى متوسط تضخم 21.6 في المائة في 2023، وترجيح التراجع إلى مستوى 18 في المائة في 2024.
وفي إيضاحها لهذا التحول الكبير، خصوصاً العام المقبل، أرجعت بروكس هذه التغيرات في معظمها إلى انخفاض قيمة العملة المحلية.
وكان معدل التضخم قد تسارع بأعلى وتيرة له على الإطلاق في يونيو (حزيران) الماضي مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية على خلفية سلسلة تخفيضات قيمة الجنيه وارتفاع الطلب الموسمي. وقفز معدل التضخم السنوي العام في المدن المصرية إلى 35.7 في المائة خلال ذلك الشهر.
وأكدت بروكس أن صندوق النقد يرى أنه على "الحكومة المصرية تبني سياسات قوية تعيد اختلالات الاقتصاد الكلي، وأيضاً تجعل التضخم تحت السيطرة، وربما يكون الشيء الأكثر أهمية هو السماح بمزيد من المرونة في سوق العملات الأجنبية".
مخاطر تمويلية.. تعديل سعر الصرف
أشار تقرير مصرف "مورغان ستانلي" إلى أن الخطر الأول يتمثل في مراجعة وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني لمصر والتي يتوقع صدورها أواخر يوليو الجاري أو أوائل أغسطس المقبل.
وكانت وكالة التصنيف الائتماني الشهيرة قد وضعت قدرة مصر على الوفاء بالالتزامات طويلة الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية في مايو الماضي قيد المراجعة بهدف خفض التصنيف. وفي حالة حدوث الخفض كما هو متوقع، من شأنه أن يكون الثاني في العام الجاري بعدما خفضته في فبراير 2023 من B2 إلى B3.
فيما يكمن الخطر الثاني في قرار صندوق النقد الدولي بشأن المراجعتين الأولى والثانية للقرض، اللتين توقع البنك إتمامها بين سبتمبر وديسمبر، حيث أبرمت مصر مع الصندوق في ديسمبر الماضي اتفاقاً قيمته 3 مليارات دولار ومدته 46 شهراً.
وبموجب البرنامج، كان من المخطط إجراء مراجعتين سنوياً، لكن تم إرجاء المراجعة الأولى التي كان من المخطط تنفيذها في مارس الماضي مع بطء الحكومة المصرية في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها، ومن بينها التزام مصر بسعر صرف مرن للعملة المصرية، وهو الأمر الذي تسبب في تأخر حصول البلاد على الشريحة الثانية من القرض.
أما الخطر الثالث الذي أشار إليه البنك الاستثماري، هو توقف مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب، وهو اتفاق الحبوب الأوكرانية الذي أعلنت روسيا انسحابها منه في وقت سابق من يوليو الحالي، مع اشتراط موسكو تنفيذ 5 مطالب للعودة مجدداً إلى الصفقة حال الوفاء بها.
يتوقع مصرف "مورغان ستانلي" أن يتم تعديل سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية خلال سبتمبر أو أكتوبر المقبل، أي في وقت قريب من المراجعة الأولي والثانية لصندوق النقد الدولي.
الاقتصاد المصري يخسر في معركة صندوق النقد؟