Investing.com - شهد سعر صرف الليرة اللبنانية استقراراً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، وذلك بعد تسلّم وسيم المنصوري مهامه كحاكم بالإنابة لمصرف لبنان، خلفاً لرياض سلامة. وقد توقفت عمليات شراء الدولار من السوق المحلية، كما أُوقفت المنصات التي كانت تُستخدم لتحديد سعر الصرف، مثل "صيرفة".
وفي حديث خاص لصحيفة "الشرق"، أوضح مصدر مصرفي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن هذا التغيير في السياسة النقدية أدى إلى تقليل الضغط على الدولار، حيث كان الحاكم السابق قد أدخل البنك المركزي في منافسة مع القطاع الخاص على شراء الدولار السوق، ما زاد من صعوبة التحكم في سعر الصرف.
وأشار المصدر إلى أن مصرف لبنان اليوم يركز على بيع الليرة اللبنانية لمن يحتاجها، خاصة لدافعي الضرائب الذين ما زالوا يتعاملون بالليرة على الرغم من "دولرة" معظم قطاعات الاقتصاد اللبناني. هذه الإجراءات، وفقاً للمسؤول، ساهمت في إنهاء الضغط على الدولار وإعادة دمج الاقتصاد الشرعي في النظام المصرفي، بالإضافة إلى تحقيق فصل بين الاقتصاد المدولر واقتصاد الليرة.
توافر الدولار في السوق
منذ الانهيار الاقتصادي عام 2019، شهدت الليرة اللبنانية تراجعاً كبيراً في قيمتها من 1500 ليرة إلى حوالي 90 ألف ليرة لكل دولار. في محاولة لاستعادة الثقة بالنظام المصرفي، أصدر مصرف لبنان تعميمات مثل "التعميم 158" و"التعميم 166"، والتي سمحت للمودعين بالحصول على جزء من ودائعهم بالدولار بشكل شهري.
وفي سبتمبر الماضي، طلب المصرف المركزي من البنوك تسديد ثلاث دفعات للمستفيدين من التعميمين، ليتمكنوا من الحصول على 900 دولار شهرياً في أكتوبر، بينما يحصل مستفيدو "التعميم 166" على 450 دولاراً شهرياً.
إضافة إلى ذلك، أعلن مصرف لبنان أنه سيستمر في دفع رواتب القطاع العام بالدولار على سعر صرف 85500 ليرة حتى شهر نوفمبر على الأقل، ما يضخ مزيداً من الدولار في السوق.
المسؤول المصرفي توقع أن يؤدي هذا الضخ إلى توفير حوالي 200 مليون دولار في السوق بشكل فوري، بالإضافة إلى 120-130 مليون دولار من رواتب القطاع العام. مع تزايد توافر الدولار، واستقرار الاقتصاد المدولر، يُتوقع أن يستمر الاستقرار في سعر الصرف.
من العوامل التي تدعم استقرار سعر الصرف هي تقليص الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية إلى 53 تريليون ليرة، مقارنةً بـ60 تريليون في بداية الأزمة. هذا الخفض أدى إلى تراجع قدرة المضاربين على التأثير في سعر الصرف. كما أن البنك المركزي يحتفظ بالقدرة على التحكم بكمية الليرات التي يضخها في السوق، مع إمكانية إيقاف بيع الليرة إذا لزم الأمر، مما يزيد الطلب على الليرة ويسهم في استقرار سعر الصرف أو حتى خفضه.
الليرة تفقد دورها
على الرغم من استقرار سعر الصرف، يرى جهاد الحكيّم، أستاذ الاقتصاد والأسواق المالية العالمية، أن الليرة اللبنانية فقدت دورها كعملة للتداول أو لتخزين القيمة، مشيراً إلى أن الاقتصاد اللبناني "مدولر" بشكل كامل.
وأشار الحكيّم إلى أن معظم التعاملات التي تتجاوز قيمتها 10 دولارات تتم بالدولار الأميركي، خاصةً بعد قرار الحكومة اللبنانية في مارس 2023 بالسماح بتسعير المنتجات وبيعها بالدولار. أصبحت عملية الدفع بالدولار مشهداً مألوفاً في الحياة اليومية، ما يفسر استقرار الليرة رغم التحديات الاقتصادية والاضطرابات العسكرية التي يشهدها لبنان.