Investing.com - تتجه تركيا نحو توجيه مليارات الليرات إلى الدين الحكومي من خلال فرض قاعدة جديدة تلزم صناديق سوق المال بتخصيص ما لا يقل عن 10% من محافظها للسندات الحكومية. هذه الخطوة من المتوقع أن تزيد الطلب على السندات قصيرة الأجل وتدفع نحو انخفاض العوائد على الطرف القصير من منحنى العائد وتعزز من الاستثمارات في العملة المحلية.
وفقًا لتوفان جومرت، المدير التنفيذي لاستراتيجيات الأسواق العالمية في BBVA بلندن، تمتلك هذه الصناديق أصولًا مجتمعة تبلغ قيمتها 1.18 تريليون ليرة، مما يعني أن القاعدة الجديدة ستلزمها بتخصيص حوالي 100 مليار ليرة (2.9 مليار دولار) للسندات الحكومية. وحاليًا، تشكل السندات أقل من 2% من هذه المحافظ.
تأثيرات القاعدة الجديدة
تهدف هذه الخطوة إلى تقليل تكلفة اقتراض الخزانة التركية، حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع الطلب إلى "انحدار تصاعدي" في منحنى العائد، ما يعني انخفاض عوائد السندات قصيرة الأجل بشكل أسرع من نظيراتها طويلة الأجل. وبالفعل، أدى الإعلان إلى انخفاض عوائد السندات السيادية التركية لأجل 10 سنوات لليوم الرابع على التوالي، محققًا أكبر انخفاض شهري خلال عام.
تحاول السلطات التركية أيضًا عبر هذا القرار تعزيز الاستثمارات في العملة المحلية في محاول لتقوية الليرة وجذب رؤوس الأموال. حيث تشهد العملة التركية تراجعًا ملحوظًا خلال هذه اللحظات من تعاملات اليوم، إذ تنخفض الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي بنسبة 0.3%، مسجلة مستوى 34.64 ليرة للدولار الواحد.
فيما تسجل الليرة مستوى 36.48 أمام اليورو، منخفضة بحوالي 0.5%.
من ناحية أخرى، سجل غرام الذهب في تركيا حوالي 2,928 ليرة، متراجعًا بنسبة 1.7% خلال اليوم.
صرّح أونور إيلجن، رئيس الخزانة في بنك MUFG Turkey في إسطنبول، قائلًا: "بينما تؤثر القاعدة بشكل رئيسي على السندات قصيرة الأجل بسبب قيود فترة الاستحقاق، فإن السيولة الإضافية قد يكون لها تأثير أوسع على منحنى العائد."
انخفض العائد على السندات الحكومية التركية بالليرة المستحقة في أبريل 2025 بمقدار 75 نقطة أساس إلى 41.95%.
كما تراجع العائد على السند المرجعي لمدة عامين بمقدار 100 نقطة أساس ليصل إلى 40.26%.
تحديات أمام مديري الصناديق
تركز صناديق في تركيا على أدوات مالية شديدة السيولة بفترات استحقاق تصل إلى 184 يومًا. ومع التعديل الجديد، يواجه مديرو الصناديق تحديات مزدوجة تتمثل في إعادة توازن المحافظ وتأمين السندات المطلوبة في سوق يعاني من قيود العرض.
وأعلنت هيئة الأسواق المالية عن القاعدة الجديدة يوم الجمعة، مع مهلة للامتثال تنتهي في فبراير 2025.
قال تُرغت ألب جونال، مدير المحافظ في شركة Azimut Portföy في إسطنبول: "ستخلق هذه الخطوة طلبًا كبيرًا على السندات قصيرة الأجل أو السندات المرتبطة بمعدل الفائدة المرجعي بالليرة التركية والتي تدفع كوبونات ربع سنوية."
وأضاف أن نقص المعروض من هذه السندات في السوق الثانوية قد يدفع الحكومة إلى زيادة حجم المزادات للسندات الحكومية.
تأتي هذه التحركات بشأن تعزيز الاستثمار في سندات العملة المحلية بالتزامن مع قرار البنك المركزي التركي يوم الخميس، بشأن تثبيت سعر الفائدة الرئيسي عند المستوى الحالي البالغ 50%، وهو الأمر الذي كان متوقعًا بشكل كبير من قبل الخبراء للسيطرة على التضخم.
أصبحت التوقعات بشأن السياسة النقدية أكثر ضبابية في الأشهر الأخيرة، بفعل ارتفاع معدلات التضخم في سبتمبر وأكتوبر عن التوقعات السابقة. هذا التطور دفع الكثير من المحللين لتأجيل توقعاتهم بخفض أسعار الفائدة إلى العام المقبل، بعدما كانوا يتوقعون اتخاذ هذا الإجراء في نوفمبر.
رغم ذلك، أظهر البنك المركزي التركي موقفًا مختلفًا خلال الأسابيع الأخيرة. ففي اجتماعه الأخير، حافظ على معدلات فائدة مرتفعة، لكن محافظ البنك فاتح كارهان أشار في وقت سابق هذا الشهر إلى مراجعة توقعات التضخم للعام الجاري وما يليه، مما أظهر ميلاً نحو تخفيف السياسة النقدية.