Investing.com - عندما ننظر إلى أداء العملات العالمية في عام 2024، نجد أن الدولار الأمريكي هو الذي تصدر المشهد. حيث شهدت العملة الأمريكية تحولًا سياسيًا واقتصاديًا لافتًا للنظر، حيث تجاوزت مخاوف الركود التي هيمنت على الصيف الماضي لتحقق مكاسب قوية في النصف الأخير من العام.
يرى المحللون أن السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع يعود إلى تأثير دونالد ترامب. فمع فوز الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتعهداته بخفض الضرائب واستعادة عظمة أمريكا، أبدت الأسواق تفاؤلًا كبيرًا دفع الدولار إلى الصعود فوق جميع العملات الرئيسية الأخرى بحلول نهاية العام.
قوة غير مسبوقة
بالمقارنة مع الدولار الذي اكتسب قوة غير مسبوقة، شهد الجنيه الإسترليني تراجعًا بنسبة 1.4% ليصل إلى 1.26 دولار، بينما انخفض اليورو بأكثر من 5.5% ليصل إلى 1.04 دولار.
وفي مجموعة الدول العشر الكبرى، كانت الانخفاضات أشد وطأة على الين الياباني والدولار النيوزيلندي والكرونة النرويجية، حيث فقدت كل منها أكثر من 10% من قيمتها. وهذا يعني أن الزوار من هذه الدول سيجدون السفر إلى الولايات المتحدة أكثر تكلفة بشكل كبير.
يكمن جزء كبير من قوة الدولار في الأداء الاقتصادي القوي للولايات المتحدة خلال عام 2024، إلى جانب سياسة الفائدة المرتفعة نسبيًا التي انتهجها رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، مقارنة بسياسات البنوك المركزية الأخرى.
وأشار جوردان روتشستر، المحلل في بنك ميزوهو، إلى أن هذا المزيج كان ذا تأثير كبير، حيث قال: "بدأت البيانات الأمريكية في التحسن في سبتمبر وأكتوبر، وشهدنا ارتفاعًا للدولار مدعومًا بتحسن البيانات والانتخابات الرئاسية. كما بدأ التضخم الأمريكي في التعافي خلال الربع الأخير من العام."
على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، كان لسياسة خفض الفائدة التدريجي التي انتهجها بنك إنجلترا تأثير داعم للجنيه الإسترليني، مما ساعده على تحقيق أداء أفضل مقارنة باليورو. عانى اليورو من ضغوط بعد خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع من 4% إلى 3%، مع توقع المزيد من التخفيضات في عام 2025 لدعم النمو.
يتوقع روتشستر أن ينخفض اليورو إلى 1.01 دولار، مما يجعل احتمالية التكافؤ مع الدولار تلوح في الأفق. ومع ذلك، تبقى الأسواق عرضة للتغير السريع مع تطورات مثل الانتخابات الألمانية وتحفيز الاقتصاد الصيني والسياسات التجارية لترامب.
من جهة أخرى، يثير تساؤل احتمال ضعف الدولار مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض. فقد صرح ثانوس فامفاكيديس من بنك أوف أميركا: "من غير المرجح أن تدعم إدارة ترامب دولارًا قويًا، وستسعى إلى تقليص قوته." وأشار إلى أن ترامب قد يحاول استبدال جيروم باول برئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي في عام 2026، مما قد يؤدي إلى زعزعة الأسواق.
في أماكن أخرى من العالم، شهدت العملات تحركات أكبر وأكثر درامية.
العملات الأفضل أداءً أمام الدولار
العملة الأفضل أداءً كانت الشلن الكيني، الذي تمكن من تحقيق عودة مذهلة بعد سنوات من التراجع. فقد انخفض إلى أدنى مستوياته في يناير، عندما تطلب الأمر أكثر من 160 شلنًا للحصول على دولار واحد. لكن الشلن استطاع التعافي بنسبة 20% ليصل إلى 129 شلنًا مقابل الدولار.
ويعزو ساين جوهيل، محلل في فيتش سوليوشنز، هذا الارتفاع إلى نجاح كينيا في إصدار سندات يورو جديدة وسياسات نقدية مشددة، مما عزز ثقة المستثمرين ودفع تدفقات رأس المال.
على صعيد مشابه، حققت الروبية السريلانكية ثاني أفضل أداء عالميًا، حيث ارتفعت بنسبة 11% مقابل الدولار بعد أزمة ديون واضطرابات داخلية. ويرى مارك ويليامز من كابيتال إيكونوميكس أن تباطؤ التضخم كان عنصرًا أساسيًا في هذا التعافي، رغم أن الروبية لا تزال أقل من مستوياتها قبل الأزمة بثلاثة أعوام.
احتلت ليبيريا المركز الثالث بفضل ارتفاع عملتها بنسبة 5% مقابل الدولار الأمريكي، مدفوعة بصفقة ائتمانية جديدة مع صندوق النقد الدولي والتزام بإصلاحات اقتصادية. ورغم ذلك، حذر الصندوق من هشاشة الاقتصاد الليبيري بسبب سوء إدارة المالية العامة.
العملات الأسوأ أداءً أمام الدولار
من ناحية أخرى، كان الجنيه المصري من بين العملات الأسوأ أداءً أمام الدولار في 2024، حيث فقد ما يقرب من 39% من قيمته بعد أن تم تحرير سعر العملة في مارس الماضي إبان صفقة رأس الحكمة الاستثمارية الموقعة مع دولة الإمارات والتي سهلت حصول مصر على تدفقات نقدية كبيرة لاحقًا.
في المقابل، كانت النيرة النيجيرية من بين الأسوأ أداءً أيضًا، حيث فقدت 41% من قيمتها بعد تحركات جذرية من البنك المركزي لتعويم العملة وخفض قيمتها بما يتماشى مع السوق السوداء. ومع ذلك، تستمر التحديات مع توقعات بارتفاع التضخم وضعف أسعار النفط.
أما البر الإثيوبي فقد سجل خسائر فادحة بلغت 55% من قيمته، بعد أن سمحت السلطات بتعويم العملة وسط تحديات اقتصادية وسياسية كبرى. ورغم هذه الإصلاحات، لا تزال إثيوبيا تواجه صعوبات في استقرار اقتصادها.
وأخيرًا، تواصل الليرة اللبنانية تسجيل أسوأ أداء عالميًا، حيث فقدت 80% من قيمتها خلال العام. تفاقمت الأزمة مع تخفيض جديد لقيمة العملة في فبراير واشتداد التوترات السياسية والاقتصادية. يشير تحليل جولدمان ساكس (NYSE:GS) إلى أن الإصلاحات المطلوبة تتضمن إعادة هيكلة الديون والبنوك، وتوسيع الدعم الدولي، مما يجعل الطريق نحو الاستقرار طويلًا وشاقًا.
خصومات رأس السنة.. فرصتك الأخيرة
ومع بداية عام جديد، فهذه هي فرصتنا لنذكرك بكل ما يقدمه InvestingPro من الخدمات والأدوات، ونريد أن نوفر لك جميع المعلومات التي ستتيح لك معرفة ما إذا كان InvestingPro مناسبًا لك.
الأمر الذي يجعل أداة InvestingPro الأقوى والأكثر قيمة مقابل السعر هو أنها يمكنها أن تكون معك في أي مكان باللغة العربية. حيث يمنحك الاشتراك في InvestingPro القدرة على تصفح كل خدمات ومعلومات وبيانات الأداة من خلال هاتفك باللغة العربية