سلسلة البيانات التي تصدر من الاقتصاد البريطاني تؤكد بعضها البعض بشأن تباطؤ وتيرة تعافي الاقتصاد في النصف الثاني من العام الحالي و أيضا تظهر مدى ضعف وتيرة النمو، فاليوم أظهرت البيانات انخفاض عمليات الإئتمان العقارية ومما يوضح ذلك عدم استقرار القطاع المصرفي حتى الآن.
ووفقا لمؤشر الموافقات على القروض العقارية الصادر عن البنك المركزي البريطاني لشهر أغسطس/آب فقد انخفض إلى 47.4 ألف موافقة من 48.7 ألف مقارنة بالشهر السابق وإن كان جاء أعلى قليلا من التوقعات التي كانت تشير إلى 47 الف موافقة. ومنخفضا بذلك للشهر الرابع على التوالي ومسجلا بذلك أدنى مستوى له منذ شهر فبراير/شباط.
هذه البيانات تعكس ضعف ويترة نمو قطاع البناء في بريطانيا و الذي كان من أحد أضلاع الأزمة المالية، ووفقا لآخر البيانات فقد انخفضت اسعار المنازل في سبتمبر/أيلول إلى أدنى مستوى منذ 18 شهر هذا في الوقت الذي ارتفع فيه حجم المعروض من المنازل عن الطلب عليها و أيضا يوضح ذلك إستمرار البنوك في تقليص عمليات الإئتمان حتى الآن، هذا و إن كان مؤشر صافي القروض المدعوم بمنازل ارتفع في أغسطس/آب ليصل إلى 1.7 بليون جنيه إسترليني من 0.1 بليون و جاء أعلى من التوقعات التي تشير إلى 0.3 بليون جنيه.
على الجانب الآخر فقد إنخفض مؤشر صافي إئتمان المستهلك في نفس الفترة بنحو -0.1 بليون من 0.2 بليون للقراءة السابقة فيما كانت التوقعات تشير إلى 0.1 بليون جنيه إسترليني. وما يعني ذلك تقليص المستهلكين لحجم الإئتمان الخاص ليصل إلى أدنى مستوى منذ نوفمبر/تشرين الثاني السابق. وما يوضح ذلك مدى ضعف مستويات الإستهلاك التي تعد المحرك الرئيسي للنمو.
و على الرغم من تحقيق الاقتصاد البريطاني للنمو في الربع الثاني ضمن أفضل أداء منذ عام 1999 مسجلا 1.2% إلا أن ذلك كان مدفوعا بخطط التحفيز و الدعم الحكومي للاقتصاد، و كانت البيانات قد أظهرت نمو قطاع البناء -يساهم بنحو 6% من الناتج المحلي- في الربع الثاني بنسبة 9.5% ومحققا بذلك أفضل أداء منذ عام 1963 إلا أن ذلك لايعني تحسن أداء القطاع و يرجع هذا النمو إلى إستئناف أعمال البناء في الربع الثاني بسب توقفها بفعل موجة البرد الشديدة في الربع الأول.
ومن ثم قد نشهد قيام البنك المركزي البريطاني في الفترة القادمة بالتوسع في سياسة التخفيف الكمي البالغ حتى الآن 200 بليون جنيه إسترليني و ذلك من أجل دعم عملية النمو في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بأكبر خفض للإنفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية.
منطقة اليورو
إنتقالا إلى منطقة اليورو و التي تعاني من الإضطراب بشأن أزمة الديون السيادية و مدى قدرة الدول على خفض عجز الموازنة لديها دون اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي. اليوم جاءت البيانات مفاجئة للتوقعات حيث ارتفعت مستويات الثقة لأعلى مستوى منذ يناير/كانون الثاني من عام 2008.
مؤشر الثقة بالاقتصاد ارتفع في شهر سبتمبر/ايلول مسجلا 103.2 من 102.3 للقراءة السابقة المعدلة من 101.8 وجاء بأعلى من التوقعات التي تشير إلى 101.3 . و ارتفع مؤشر الثقة بالخدمات في نفس الفترة ليصل إلى 8 من 7 للقراءة السابقة، وتقلص إنكماش مؤشر الثقة بالخدمات ليصل إلى -2 من -3 للقراءة السابقة المعدلة.
ارتفاع الثقة جاء غير متوقعا خاصة في تلك الفترة التي تحاول فيها الدول الأكثر تحملا لعبء الديون السيادية و التي بها أكبر مستوى للعجز في محاولة لإقناع المستثمرين بالأسواق بعدم اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد في الحصول على الدعم.
وفيما يبدو أن الجهود التي تقوم بها الحكومات من أجل خفض عجز الموازنة ساهمت بشكل ما في دعم الثقة في الأسواق لدى المستثمرين و إن كان علاج تلك المعضلة قد يأخذ الكثير من الوقت وليس في غضون أشهر.
وإن كانت تلك الجهود من شأنها أن تبطئ من عملية تعافي اقتصاديات منطقة اليورو، وهذا ما يوزاي توقعات المفوضية الأوروبية بشأن نمو المنطقة و التي تتوقع تراجع ويترة النمو في الربع الثالث إلى 0.5
% و بنسبة نمو 0.3% في الربع الأخير من العام الحالي.