بعد هدوء نسبي في الأسواق خلال الأيام القليلة الماضية بسبب موسم العطلات و بداية العام الجديد هذا بجانب بدء عودة الأسواق بشكل تدريجي إلى مستوياتها العادية و التي قد تستمر حتى منتصق الشهر الجاري، إلا أن هنالك بعض من الأمور التي قد تنشط من إهتمام المستثمرين بشأن أزمة الديون السيادية الأوروبية و التي لم تنتهي بعد...
البيانات الاقتصادية لم تعد وحدها العامل المؤثر على التحركات في الأسواق خاصة في ظل وجود أزمة جديدة اتشعل فتيلها في العام الماضي بين أعضاء منطقة اليورو السبعة عشر. و التي نتج عنها حصول اليونان و أيرلندا على مساعدات من قبل الاتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي.
و لم يقف الأمر عند هذا الحد بل ازدادت المخاوف لتمتد إلى البرتغال و بعدها أسبانيا و هم من اكبر الدول المثقلين بالديون بين أعضاء المنطقة و يأتي بعدهم أيطاليا، و تواجه البرتغال ضغوطاً في سوق الدين الدولي من أجل التقدم لطلب المساعدة للحيلولة دون السقوط في الإفلاس.
و لعل أهم ما يعطي مؤشرا عن تفاقم الأزمة و مدى تخوف المستثرمين من مخاطر الدين السيادي لبعض الدول و هو ما يتضح جليا على العائد على السندات و الذي يرتفع بشكل كبير في حالة الأزمات و مقابل تحمل المستثمرين مخاطر الإفلاس هذا من ناحية، و من ناحية أخرى يبين مستوى الطلب على السندات السيادية لدولة ما مدى تقبل الأسواق لدين تصدره دولة ذات إختلال مالي هيكلي و لديت اتساع في عجز الموازنة.
اليوم من المقرر أن تقوم البرتغال بفتح المزاد الأول خلال العام الجديد على الديون السيادية للحصول على التمويل، و ذلك من خلال طرح أذون خزانة لأجل ستة أشهر- تستحق في يوليو/تموز- بقيمة 500 مليون يورو. و ذلك ضمن خطة الحكومة نحو طرح سندات بقيمة 20 مليار يورو خلال العام الحالي و ذلك بهدف تمويل الموازنة و سداد الديون المستحقة عليها. وكي تقنع الحكومة المستثمرين بأنها قادرة على إصلاح عجز الموازنة و عدم اللجوء إلى المساعدة، فقد أعلنت عن أكبر خطة لخفض الانفاق العام منذ ثلاث عقود.
و هذا المزاد سيعطي إلى حد ما تقييم لمدى قابلية الأسواق للديون السيادية الأوروبية، جدير بالذكر أن فروق العائد بين السندات البرتغالية و الألمانية لأجل عشر سنوات لتصل إلى 484 نقطة وهو أعلى مستوى تاريخي في منطقة اليورو في شهر نوفمبر/تشرين ثان من العام السابق، بينما سجل يوم أمس 370 نقطة.
ومن ضمن المستجدات الأخرى التي تسحوذ على إهتمام كبير في الأسواق، هي تأكيد البنك الاحتياطي الفدرالي-البنك المركزي الأمريكي- يوم أمس وفقا لاجتماع اللجنة الفيدرالية المفتوحة على استمراره في دعم الاقتصاد الأمريكي إلى أن ينخفض معدل البطالة و تقليص عدد العاطلين عن العمل البالغ عددهم 15 مليون شخص، وتأتي هذه التصريحات ضمن تطبيق البنك للموجة الثانية من سياسة التخفيف الكمي بقيمة 600 مليار دولار أمريكي، و تصريحات اللجنة قد يكون تمهيد نحو توسيع سياسة التخفيف الكمي مستقبلا.
بالنسبة للبيانات التي صدرت اليوم فقد كانت عن استكمال الإعلان عن أداء القطاعات الرئيسية في منطقة اليورو بعد أن أظهرت البيانات منذ بداية الأسبوع تحسن أداء القطاع الصناعي، و اليوم تظهر اتساع نمو القطاع الخدمي في ألمانيا أكبر اقتصادات منطقة اليورو حيث سجلت القراءة النهائية لمؤشر مدراء المشتريات عن ديسمبر/كانون الأول قيمة 59.2 من 58.3 للقراءة السابقة، بينما في منطقة اليورو سجل المؤشر 54.2 من 53.7.
أما بالنسبة لمؤشر مدراء المشتريات المركب-يقيس أداء القطاعين الصناعي و الخدمي- عن نفس الفترة فقد سجل 54.2 من 53.7 للقراءة السابقة.
و في بريطانيا ارتفع مؤشر مدراء المشتريات للبناء في ديسمبر/كانون الأول إلى 54.2 من 53.7 للقراءة السابقة، ليستكمل بذلك إظهار نمو القطاعات الرئيسية في البلاد، خاصة بعد أن حقق القطاع الصناعي أفضل أداء له منذ 14 عام في نفس الفترة و على حسب ما أظهرته البيانات يوم أمس.