يشهد الاقتصاد الأمريكي اليوم حالة من التأهب للبيانات الصادرة عزيزي القارئ، وسط حالة من التباين في المشاعر لدى المستثمرين، وذلك في خضم التوتر السياسي في المنطقة العربية التي تشهدها شعوبها، واضعين بعين الاعتبار أن هذا أثر على مستويات الثقة في العالم أجمع.
هذا مع العلم أن أزمة ليبيا أثرت على أسعار النفط الخام لترتفع إلى فوق مستويات 105 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى له منذ تشرين الثاني للعام 2008، هذا بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الذهب أيضا لتصل إلى مستويات قياسية يوم أمس عند 1447.77 دولار للأونصة، وذلك باعتباره الملاذ الآمن في وقتنا هذا.
أما بالنسبة للبيانات الرئيسية الصادرة اليوم عن الاقتصاد الأمريكي، فسنكون اليوم على موعد مع تقرير الناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع من العام الماضي وفي القراءة النهائية إلى جانب المؤشر المفضل لدى البنك الفدرالي لقياس التضخم، وهو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري عن الربع الرابع أيضا، هذا بالإضافة القراءة النهائية لمؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين الخاصة بشهر آذار/ مارس.
وبداية الجلسة الأمريكية ستكون مع وزارة التجارة الأمريكية التي ستصدر القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع من العام الماضي والذي من المتوقع أن يشير إلى نمو الاقتصاد الأمريكي بأفضل من القراءة السابقة، حيث من المتوقع أن يكون الاقتصاد قد نما خلال الربع الرابع بنسبة 3.0% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 2.8%، بينما من المتوقع أن تثبت القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي المقاس بالاسعار عند القراءة السابقة أي عند 0.4%.
أما بما يخص مؤشر الإنفاق الشخصي فمن المتوقع أن يرتفع خلال الربع الرابع بنسبة 4.1% بتطابق مع القراءة السابقة، إضافة إلى التوقعات التي تشير بأن مقياس التضخم المفضل لدى البنك الفدرالي - مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري - سيثبت خلال الربع الرابع وفي القراءة النهائية عند القراءة السابقة التي بلغت 0.5%.
وهذا ما أشار إليه الفدرالي الأمريكي مرارا وتكرارا مؤخرا، وهو أن الاقتصاد الأمريكي سيواصل تعافيه وسيستمر في مرحلة نموه وأن مرحلة التعافي أخذت مؤخرا منحى أكثر قوة بشكل نسبي، إلا أن ذلك يبقى محدودا في ظل العقبات التي لا تزال تقف أمام الاقتصاد متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني ومعدلات البطالة المرتفعة وارتفاع قيم حبس الرهن العقاري.
كما من المنتظر صدوره تقرير جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين وفي القراءة النهائية عن شهر آذار/ مارس والتي من المتوقع أن تنخفض إلى 68.0 مقابل 68.2 وذلك في ظل تداعيات الأزمات الخارجية والتي أثرت على مستويات الثقة عالميا وليس على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، ناهيك عن أزمة الزلزال الياباني والذي قد يكون سببا في عرقلة تعافي الاقتصاد العالمي، باعتبار أن اليابان هو ثالث أكبر اقتصاد في العالم.
إلا انه من المؤكد أن يتمكن الاقتصاد من إيجاد سبيل الاستقرار التام، حيث من المحتمل أن يتلقى الاقتصاد المزيد من العزم ليشكل الدعم للأنشطة الاقتصادية إلى حين تحقيق الاستقرار على المدى البعيد، وسرعان ما تبدأ معدلات البطالة بالهبوط بوتيرة أسرع فإننا قد نشهد نسب نمو أكثر قوة، وهذا ما نتوقع حدوثه بحلول النصف الثاني من العام المقبل.
وهنا نشير بأن الاقتصاد الأمريكي سيواصل تعافيه من الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم، و من الجدير بالذكر أن الاقتصاد سيلزمه المزيد من الوقت قبل أن ترجع المياه إلى مجاريها كما يقولون، وبالتالي من المتوقع أن نرى تباينا في أداء الاقتصاد خلال الفترة القادمة، وذلك قبل أن يتمكن من تحقيق الاستقرار الجزئي بحلول النصف الثاني من العام 2011...