من توبي ستيرلنج
أمستردام (رويترز) - مع وصول مفاوضات الاتحاد الأوروبي بشأن صندوق للتعافي من آثار جائحة فيروس كورونا وميزانية جديدة للتكتل إلى طريق مسدود وصف رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان نظيره الهولندي مارك روته مطلع هذا الأسبوع بأنه "الرجل المسؤول عن الفوضى برمتها".
وفي حين اتهمه أوربان بذلك، ذهب دبلوماسيون من إسبانيا وإيطاليا إلى وصفه "بالسيد لا.. لا.. لا!"
وبينما يتطلب الدفاع عن عدم إنفاق أموال على المشروعات الأوروبية من يقول "لا"، اضطلع روته بذلك الدور بتصميم محسوب باعتباره زعيم مجموعة دول صغيرة "مقتصدة".
وفي حين أن روته ربما يتسم بشخصية أقل حيوية من مارجريت تاتشر قبل 30 عاما، فإن استعداده لارتداء عباءة البخل والتقتير بعد مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي يستند بشدة إلى الرأي العام والسياسات في بلاده.
فالهولنديون، الذين يؤيدون عضوية الاتحاد الأوروبي بأغلبية الثلثين، يفاخرون بتاريخهم كدولة تجارية وبتقاليدهم التي تقوم على ترشيد الإنفاق وفق المذهب الكالفيني.
ويدرك دافعو الضرائب الهولنديون أنهم على نحو متناسب من بين أكبر المساهمين في ميزانية الاتحاد الأوروبي، لذا فإن فكرة إعطاء أو إقراض المزيد لا تحظى بالشعبية.
جاء لقب "السيد لا" من مقطع مصور في أبريل نيسان أعيد نشره كثيرا على تويتر ويظهر فيه جامع قمامة هولندي يصيح في روته مطالبا إياه بعدم إعطاء أموال "لهؤلاء الإيطاليين والفرنسيين"، ليرد روته قائلا "لا ..لا .. لا .. سأتذكر ذلك".
يقول منتقدون إن ممانعة هولندا في الإنفاق في غير محلها الآن، بالنظر إلى فائض البلاد التجاري الكبير مع بقية دول الاتحاد الأوروبي.
قال إريك نيلسن الخبير الاقتصادي في يونيكريديت في مذكرة يوم الأحد إن صافي المساهمة الهولندية في ميزانية 2018 والبالغ 2.4 مليار يورو "لا يحكي سوى جانب صغير من القصة المالية الحقيقية".
وكتب يقول "وفقا لشبكة العدالة الضريبية، ساعدت الملاذات الضريبية بهولندا في ذلك العام نفسه على انتزاع 6.7 مليار يورو من فواتير الضرائب من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا".
لكن الحديث في هولندا يركز أكثر على ما إذا كان رخاء البلاد نتيجة أخلاقيات عمل أكثر صرامة وما إذا كان من الإنصاف مشاركة الأموال مع دول لديها سن تقاعد أقل.
وتلعب السياسات المحلية دورا أيضا. ففي حين تلوح الانتخابات العامة في الأفق في مارس آذار المقبل، يتعين على حزب روته (الشعب من أجل الحرية والديمقراطية) المحافظ منافسة الأحزاب اليمينية المتطرفة في كسب ود الناخبين المتشككين في الأغلب في الاتحاد الأوروبي.
وإضافة إلى ذلك، فإن ائتلاف تيار يمين الوسط الحاكم حاليا في هولندا يفتقر إلى الأغلبية في البرلمان. وأي تسوية يجري التوصل إليها في بروكسل حاليا يرى الهولنديون أنها تذهب لأبعد مما ينبغي فيما يتعلق بالإنفاق والمساهمة في ميزانية التكتل ربما لا تحظى بالمصادقة لاحقا في لاهاي، حيث مقر البرلمان.
هذا الرفض حدث في 2005، ثم تكرر الرفض في 2016 ضد اتفاق وقعه روته نفسه.
(إعداد علي خفاجي للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)