وصلنا إلى ختام تداولات الأسبوع عزيزي القارئ والمستثمرون في انتظار صدور تقرير مبيعات التجزئة والذي سيصدر في وقت لاحق اليوم، حيث من المتوقع أن تتقلص مبيعات التجزئة خلال نيسان وسط تقلص الأنشطة الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة نوعا ما، وذلك مع العلم أن الاقتصاد الأمريكي تمكن من النمو خلال الربع الأول من هذا العام بنسبة 3.2%، إلا أن الاقتصاد لن يكون قادرا على تحقيق نمو بتلك النسب خلال الفترة القادمة، وذلك وسط معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني والتي تثقل كاهل النشاطات في الاقتصاد الأكبر في العالم.
من المتوقع أن ترتفع مبيعات التجزئة خلال نيسان بنسبة 0.2% مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 1.6% في حين من المتوقع أن ترتفع مبيعات التجزئة باستثناء المواصلات بنسبة 0.4% خلال الشهر نفسه مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.6%، أما بالنسبة لمبيعات التجزئة باستثناء المواصلات والوقود فمن المتوقع أن ترتفع بنسبة 0.3% خلال نيسان مقابل 0.7% خلال آذار.
واضعين بالاعتبار أن مبيعات التجزئة تشكل حوالي نصف الإنفاق لدى المستهلكين وبالتالي وبالنظر إلى هذه التوقعات فإننا نعتقد بأن الأنشطة الاقتصادية تباطأت نوعا ما خلال نيسان في حين أن معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني تبقى صاحبة التأثير السلبي على مستويات الإنفاق، وبالتالي تنعكس على مستويات النمو، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلكين يمثل ما يقارب ثلثي الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
ويجب أن لا ننسى أن البنك الفدرالي مسبقا أن إنفاق المستهلكين سيرتفع خلال الفترة القادمة ولكن بوتيرة معتدلة، كما وأشار البنك الفدرالي أن مستويات الإنفاق ستبقى تحت وطأة الضغوطات وسط العقبات التي تقف أمام الاقتصاد الأمريكي وتقدمه بالشكل المنشود، خاصة تلك المتعلقة بقطاع العمالة الأمريكي، حيث أن معدلات البطالة ارتفعت خلال نيسان إلى 9.9% مقابل 9.7% خلال آذار، وذلك على الرغم من أن الاقتصاد تمكن من إضافة ما يقارب 300 ألف وظيفة خلال نيسان، حيث أن الموظفين لا يزالون في دائرة البحث عن وظائف.
واضعين بالاعتبار أن معدلات البطالة تبقى المعضلة الأكبر المعيقة لوصول الاقتصاد إلى مستويات النمو على المدى البعيد، حيث أن معدلات البطالة لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، الأمر الذي يؤثر بالسلب على مستويات الدخل والنمو، وبالتالي ينعكس على الإنفاق خاصة وسط القلق الذي ينتاب المستهلكين في المنطقة، مما يجعلهم يدخرون نقودهم بدلا من إنفاقها.
ولكن بالمقابل لا نتوقع استمرار هذا الضغط لفترة طويلة، حيث أن أرباب العمل بدأوا بتحسس التطور الطفيف الذي مر به الاقتصاد، وبالتالي فإنهم قد يبدأون بتوظيف أعداد جديدة بوتيرة معتدلة، في حين أن الأمر المطمئن في الموضوع أن الاقتصاد يسير على خطى التعافي التدريجي.
وهذا يدفعنا للقول أن الاقتصاد سيلزمه المزيد من الوقت إلى حين الوصول إلى معدلات النمو على المدى البعيد حيث أن مجمل القطاعات في الاقتصاد يسيرون على خطى التعافي من أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية، في حين أن الاقتصاد سيصل بالتأكيد إلى بر الأمان ولكن تبقى هي مسألة وقت قبل أن يتمكن الاقتصاد الأكبر في العالم من قيادة الاقتصاد العالمي نحو الخلاص.
في حين أن مؤشر الإنتاج الصناعي سيصدر اليوم أيضا مغطيا شهر نيسان حيث من المتوقع أن يشير إلى مواصلة التحسن في الأنشطة الصناعية، حيث من المحتمل أن يتوسع الانتاج الصناعي بنسبة 0.7% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.1% وبالتالي فإن مؤشر سعة الطاقة الانتاجية، ذلك المؤشر الذي يقيس مدى كفاءة المصانع في استخدام المصادر، والذي من المتوقع أن أن يرتفع بنسبة 73.8% خلال نيسان مقابل 73.2% خلال آذار.
منوّهين عزيزي القارئ أن النشاطات الصناعية شهدت تحسنا ملحوظا خلال الفترة الماضية، حيث أن الشركات بدأوا بتعديل تطلعاتهم المستقبلية إلى نظرة إيجابية، الأمر الذي دفعهم إلى رفع مستويات الإنتاج وذلك لملاقاة مستويات الطلب المستقبلية، ولكن كما أشرنا سابقا سيحتاج هذا الأمر إلى مزيد من الوقت، وذلك وسط سير الاقتصاد نحو التعافي التدريجي.
في حين سيصدر لاحقا مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين عن شهر أيار والذي من المتوقع أن يرتفع إلى 73.5 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 72.2، وذلك وسط الاعتقاد الكبير أن الاقتصاد شهد تحسنا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة، وبما أن الثقة في صعود فإن هذا قد يقود إلى تحسن مستويات الإنفاق سرعان ما يتحقق الاستقرار.
ومن المحتمل أيضا أن يشير التقرير أن التطلعات المستبقلية الخاصة بالتضخم ستبقى على ما هي عليه بعض الشيء، مشيرين إلى أن البيانات التضخمية التي صدرت أخيرا أشارت إلى أن التضخم لا يزال تحت السيطرة، وذلك على الرغم من الارتفاع الأخير لأسعار الطاقة، حيث أن الضعف الأخير الذي واجه الانشطة الاقتصادية أثقل كاهل الأسعار ليحد من ارتفاعها، وبالتالي بقيت مستويات التضخم تحت السيطرة.
وأخيرا تنتظر الأسواق صدور مؤشر مخزونات الأعمال الذي من المتوقع أن يشير هو الآخر إلى تحسن تدريجي في المخزونات، حيث من المحتمل أن يرتفع المؤشر بنسبة 0.4% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.5%، إلا أنه من الواضح أن الثقة في الأعمال تحسن شيئا فشيئا وسط التحسن الذي طرأ على الاقتصاد.
والاقتصاد الأمريكي من المؤكد أن يستمر في سيره نحو التعافي من أسوأ ركود منذ الكساد العظيم، في حين أننا لا ننتظر حل سحري للاقتصاد، حيث كما أشرنا أنها مسألة وقت، في حيث أن البنوك المركزية والحكومات في العالم يحاولون مواصلة الدعم لتحقيق مستويات نمو على مستوى العالم ليعود الاقتصاد العالمي إلى وضعه المعهود.