بغداد، 26 ديسمبر/كانون أول (إفي): يودع العراقيون عام 2009 وانظارهم مصوبة نحو ما قد تأتيهم به انتخابات 2010 التي من المفترض ان ينتج عنها حكومة جديدة تحمل على عاتقها مهمة تدعيم الامن والاستقرار، بينما تكمل القوات الأمريكية انسحابها الذي بدأته في يناير/كانون ثان الماضي.
وكانت بدايات 2009 شاهدا على عدة خطوات على المستوى السياسي والامني أثرت على الوضع العام في العراق، وابرزها بداية الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية، والذي من المنتظر ان يتم بشكل جزئي حتى أغسطس/آب 2010 وبشكل كلي في ديسمبر/كانون أول 2011.
وكان نتيجة ذلك تسلم الجيش العراقي في أول يناير/كانون ثان مسئولية الامن فيما يعرف بـ"المنطقة الخضراء"، حيث توجد مقار الحكومة والوزارات والبعثات الدبلوماسية، وهو ما اعتبره حينها رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، بمثابة لحظة حاسمة في اتجاه استعادة العراقيين لسيادتهم على بلدهم وسيطرتهم على اراضيه.
وتواصل منذ تلك اللحظة نقل المسئوليات للعراقيين بموجب الاتفاق الامني الذي وقعته واشنطن مع بغداد في ديسمبر/كانون أول 2008 وان لم يخلو الامر من شكوك حول قدرة الجيش والشرطة العراقية على حفظ الأمن في البلاد.
وكان مسعود بارزاني رئيس منطقة الحكم الذاتي باقليم كردستان قد حذر في فبراير/شباط من أن انسحاب الولايات المتحدة بشكل متسرع يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية، وهى مخاوف كان يزكيها استمرار الهجمات وحوادث العنف التي كانت تحصد ارواح نحو مائة شخص اسبوعيا قبل الانسحاب الأمريكي من المدن، إلى جانب استمرار النزاع حول السيادة على كركوك، التي يطالب بها الأكراد والعرب.
وعلى الرغم من كل شيء وكما هو مقرر، أكملت القوات الامريكية انسحابها من كافة المدن العراقية بحلول 30 يونيو/حزيران، تاركة مهمة ضمان الأمن فيها للعراقيين، فيما اعتبر انه خطوة أولى في اتجاه انسحاب الجيش الامريكي من العراق بشكل كامل.
وما حدث في الحقيقة بعد الانسحاب كان عكس ما توقعه الكثيرون، حيث اتجه مؤشر العنف نحو الانخفاض، وبالتالي اعداد الضحايا، حتى ان شهر نوفمبر/تشرين ثان بأكمله لم يسجل أكثر من 88 قتيلا، بحسب تقديرات المصادر الامنية.
وطبعا كان هناك بعض الاستثناءات التي كانت دائما تغذي الشكوك حول قدرة العراقيين على حفظ امنهم، ويبرز من بينها الهجمات العنيفة التي استهدفت مقار حكومية في 19 أغسطس/آب و25 أكتوبر/تشرين أول، وخلفت في مجموعها نحو 300 قتيل.
ونتج عن ذلك ان قررت الحكومة العراقية إعادة النظر في الاستراتيجية الامنية برمتها، ومراجعة المسئوليات، مع التشديد على الالتزام بالقضاء على تنظيم القاعدة وبقايا جماعات العنف المرتبطة بحزب البعث المحظور، بالإضافة للتركيز على انتخابات العام المقبل.
ورغم الاهتمام الواضح من قبل الحكومة والتيارات السياسية بتلك الانتخابات، التي من المقرر ان يتم اجرائها مبدئيا منتصف يناير/كانون ثان 2010 فان تاريخ عقدها ما زال هو أيضا محل شك وجدل كبيرين بسبب الخلافات حول القانون الانتخابي الذي أقره البرلمان في نوفمبر/تشرين ثان بعد اسابيع من النقاش والشد والجذب.
وفيما طالب نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بزيادة تمثيل المغتربين العراقيين، هددت حكومة كردستان بمقاطعة الانتخابات إذا لم يتم مراجعة عدد المقاعد المخصصة لكل محافظة.
وبينما يدور النقاش والجدل، تمكنت التيارات السياسية الرئيسية من تكوين تحالفاتها قبل دخول الانتخابات التي من المفترض ان يتم من خلالها رسم الخريطة السياسية للعراق في 2010.
وتجدر الاشارة إلى ان الخلافات بين زعماء الائتلاف الحاكم، والتي تجلت في الانتخابات البلدية التي أجريت في يناير/كانون ثان وعززت من موقف المالكي، كان من بين نتائجها توسيع الهوة إلى درجة الانقسام بين أعضاء الحكومة نفسها.
وقبل انتخابات 2010 قام المالكي بتشكيل "إئتلاف دولة القانون"، في مقابل قيام رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري بتشكيل "الائتلاف الوطني العراقي"، والذي يضم غالبية الكتل السياسية الرئيسية في الائتلاف الحكومي الحالي.
وبالإضافة لتلك التكتلات، التي يسيطر عليها سياسيون شيعة، والتي لا تتوانى عن السعي لجذب الاكراد والسنة والمسيحيين، هناك العديد من التحالفات السياسية التي تبحث لها عن مكان، ومن أبرزها تحالف "التجديد" الذي يغلب علية السنة بزعامة طارق الهاشمي، و"التجمع الوطني العراقي للكفاءات والنخب"، بقيادة علي الدباغ، المتحدث باسم الحكومة.
وهكذا تدور رحى المعركة السياسية بين مختلف الاحزاب والكتل العراقية بانظار مصوبة نحو ما تخبئه الانتخابات القادمة، التي يأمل الاكراد بدورهم ان يكون لهم فيها قول فصل. (إفي)