يواصل قطاع المنازل الأمريكي تلقيه للضغوطات الناشئة من معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني والتي تحد من النشاطات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة قطاع المنازل، إلا أن استمرار مد يد العون المقدمة من قبل الحكومة الأمريكية، أخذت الاوضاع بالتحسن التدريجي خلال الفترة الماضية أو بالتحديد خلال النصف الثاني من العام 2009 وحتى يومنا هذا.
ونبدأ البيانات بمؤشر S&P/CaseShiller لأسعار المنازل والي صدر عن شهر كانون الأول حيث وصل إلى 145.90 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 146.28 والتي تم تعديلها إلى 146.25، بينما بلغت التوقعات 146.30، في حين أن مؤشر S&P/CS المركب 20 ذلك المؤشر الذي يقيس أسعار المنازل في عشرين مقاطعة أمريكية، فقد هبط بنسبة 3.08% بأفضل من القراءة السابقة التي بلغت -5.32% والتي تم تعديلها إلى -5.34% وبأعلى أيضا من التوقعات التي بلغت -3.10%.
مشيرين إلى أن استمرارية هبوط أسعار المنازل تأتي من ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري والتي تقف عند المستوى الأعلى لها منذ 26 عام، وذلك وسط الأزمة التي تلقي بظلالها على النشاطات الاقتصادية في القطاع، مضيفين إلى ذلك أوضاع التشديد الائتماني التي تحد من قابلية المستهلكين في الحصول على قروض جديدة، ناهيك أيضا عن معدلات البطالة المرتفعة التي لا تزال تقف حاجزا أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي ككل بالشكل المنشود.
حيث بالرغم من انخفاض معدل البطالة خلال كانون الثاني إلى 9.7% مقابل 10.0% إلا أنها لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ العام 1983، وبالتالي فإن الحكومة الأمريكية من المؤكد أن تواصل دعمها للاقتصاد، وذلك لتوفير وظائف إلى جانب توفير قروض للشركات الصغيرة لتحفيزها على تعيين موظفين جدد، وذلك سعيا من الحكومة إلى تقليص معدل البطالة لمساعدة القطاعات الرئيسية على تحقيق الاستقرار والنمو من جديد.
واضعين بعين الاعتبار أن الاقتصاد الأمريكي فقد أكثر من 8.4 مليون وظيفة خلال العام المنصرم، مما ادى إلى متاعب عويصة في القطاعات الرئيسية على مستوى الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن القطاع الأكثر ضررا كان قطاع المنازل، حيث شهد القطاع ارتفاعا حادا في قيم حبس الرهن العقاري نظرا لفقدان الكثيرين وظائفهم، الأمر الذي منعهم من تسديد دفعاتهم المستحقة.
وكن دائما عزيزي القارئ للكأس نصف آخر، حيث من الجانب الآخر إن الدعم الكلي المقدم من قبل الحكومة الأمريكية والمتمثل في برنامج الإعفاء الضريبي ساعد القطاع على التحسن التدريجي، وذلك عن طريق إعفاء المشترين للمنازل لأول مرة من الرسوم الضريبية والبالغة ثمانية آلاف دولار أمريكي، حيث أن تقرير S&P/SC لأسعار المنازل أشار إلى ارتفاع الأسعار لسبعة أشهر متتالية، مما يقودنا إلى نقطة مهمة، ألا وهي أن قطاع المنازل الأمريكي تمكن من تخطي المرحلة الأسوأ من أزمة الركود وما عليه سوى السير بخطى ثابتة نحو الاستقرار، ليكمل التحسن الذي بدأه منذ النصف الثاني من العام 2009.
كما أن التحسن الملحوظ الذي شوهد في النشاطات الاقتصادية تأثرت من تراجع معدلات البطالة، إلى جانب ارتفاع أسعار المنازل بعض الشيء، إضافة إلى ارتفاع مستويات الدخل والتي تجعل من المنازل في متناول يد الكثيرين مقارنة بالسابق، إلا ان التحديات لا تزال أمام الاقتصاد ككل، متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني ومعدلات البطالة التي لا تزال مرتفعة، ناهيك عن اقتراب موعد انتهاء برنامج الإعفاء الضريبي، مما قد يكون له تأثير سلبي على القطاع خلال الفترة القادمة، ولكن مجمل الأوضاع من المتوقع أن تكمل تقدمها خلال هذا العام إلى حين تحقيق النمو على المدى البعيد خلال العام 2011.
كما أن البنك الفدرالي أشار مسبقا إلى ان معدلات البطالة ستتراوح خلال هذا العام بين 9.3 – 9.7%، في حين أن التوقعات تشير إلى احتمالية هبوط معدلات البطالة بحلول نهاية العام الحالي إلى 9.5% مصحوبة بارتفاع قيم حبس الرهن العقاري، مما قد يرفع من معروض المنازل التي أصلا قامت بتسجيل مستويات عليا، إضافة إلى التوقعات التي تشير بأن أكثر من 3 مليون منزل أمريكي سيتم إعادة بيعها للمقرضين، واضعين بالاعتبار أن معدلات البطالة المرتفعة اسهمت في انخفاض أسعار المنازل حيث أن قيم حبس الرهن العقاري بالاعتماد على احصائية شركة RealtyTrac فقد وصلت إلى 2.82 مليون منزل معروض للبيع، وذلك وسط فشل المستهلكين في سدادهم للدفعات المستحقة عليهم.
في حين أن البنك الفدرالي أشار إلى اقتراب انتهاء برنامج تسهيلات القروض بضمان الأصول، مما قد يضغط أسعار الاقتراض لترتفع، وذلك وسط الهدف الذي سعى إلىه البرنامج مسبقا وهو ضمان بقاء تلك المستويات ضمن المستويات التاريخية، مما قد يخلق بالتالي تحديدات جديدة للاقتصاد الأمريكي، مع العلم أن البرنامج مرتب له أن ينتهي مع نهاية شهر آذار المقبل.
مشيرين إلى أن قطاع المنازل الأمريكي سيلزمه المزيد من الوقت للتعافي من أعقاب أسوأ أزمة مالية منذ عقود، إلا أن المستثمرين على يقين على الأقل بأن القطاع استقر نوعا ما وأن الأوضاع قد تحسنت كثيرا عما كانت عليه خلال العام المنصرم، مشيرين أن استقرار القطاع يجب أن يتحسن مع الوقت أو على الأقل مع بداية النصف الثاني من العام الحالي، وذلك ليجعل من التطلعات المستقبلية أكثر وضوحا بالنسبة للاقتصاد الأمريكي خاصة والاقتصاد العالمي عامة.