واشنطن، أول ديسمبر/كانون أول (إفي): الكثير من الموسيقى والحركة، كلها عوامل تجسد شخصية المطربة الأمريكية ليدي جاجا، ولكن أحدا لم يفكر في أن العريف برادلي مانينج، المتهم الرئيسي في تسريب وثائق المراسلات السرية الدبلوماسية الأمريكية لموقع (ويكيليكس)، كان سيستغل هذا الأمر للحصول على معلومات ربما تتسبب، أو تسببت بالفعل، في حدوث أكبر أزمة دبلوماسية للولايات المتحدة في التاريخ الحديث.
وكشفت مجلة (ويرد) الأمريكية الثلاثاء ما نقله الهاكر السابق أدريان لامو للسلطات عن تفاصيل ما قام به مانينج للوصول لهذه الوثائق، وذلك بعد أن قصها الأخير عليه ليقوم الثاني بعدها بالإبلاغ عنه أمام السلطات.
ويقول مانينج، طبقا لرواية لامو التي أبرزتها المجلة "كنت أصل للقاعدة وفي يدي قرص مضغوط قابل لنسخ البيانات وعليه غلاف للمطربة ليدي جاجا، وبعدها أمسح الموسيقي وأنسخ ملفات البيانات مضغوطة في أجزاء متفرقة".
وأبرز المتهم "كنت أسمع الأغنية وأحرك شفتاي على أغنية ليدي جاجا (تيليفون) وفي نفس الوقت أقوم بنسخ ما كان ربما أكبر تسريب للبيانات في تاريخ الولايات المتحدة".
واعتبر العريف أن عملية حصوله على البيانات كانت بمثابة "العاصفة المثالية"، فكل العوامل متوفرة في نظره.. "سجلات ضعيفة وخوادم (سيرفرات) غير مراقبة وأمن سيئ ونظام دفاع استخباراتي ضعيف ومحللو إشارات مشتتو الانتباه".
وكان مانينج (22 عاما)، يعمل حينها في قاعدة (هامر) للعمليات التقدمية الواقعة على بعد 60 كلم شرق بغداد، وبفضل منصبه كعريف ومحلل للبيانات العسكرية كان يتاح له الدخول إلى جهازي حاسوب.. ولكن ليس كأي حاسوبين عاديين بل متصلين بشبكتين سريتيين للحكومة الأمريكية.
الشبكة الأولى هي "SIPRnet" وهي اختصار لـ"شبكة البروتوكولات السائرة بالإنترنت السري"، حيث تم تصميم هذه الشبكة، وفقا لما تقوله الصحف الأمريكية، كوسيلة لمواجهة المشاكل البيروقراطية وإتاحة الإطلاع على وثائق سرية لأشخاص معينين يعملون بالسياسة الخارجية الأمريكية في أماكن مختلفة بالعالم.
أما الشبكة الثانية التي كان يستطيع مانينج الولوج إليها فكات أكثر أهمية وتدعى "Joint Worldwide intelligence Comunications System"، وكانت توجد بها وثائق أكثر خطورة ومصنفة كـ"سري للغاية".
ولعدة شهور كان مانينج قادرا على الولوج لهاتين الشبكتين الاستراتيجيتين، وحول هذا الأمر قال مانينج للهاكر لامو الذي أبلغ عنه بعدها، وفقا لمجلة (ويرد) الأمريكية "لو كان في يدك مفتاح الدخول بشكل لم يسبق له مثيل لشبكات سرية خلال 14 ساعة يوميا لمدة سبعة أيام في الأسبوع لأكثر من ثمانية شهور.. ما الذي ستفعله؟".
والرد معروف، وهو تسريب هذا الوثائق لهيئة تقوم بنشرها، لأن العريف كان يرى أنه من الضروري أن تكون هذه المعلومات والبيانات السرية ضمن "الأملاك العامة".
واعتقل مانينج في أواخر مايو/آذار، بعد الاتصال بوقت قليل بلامو، واتهم في يونيو/حزيران من قبل سلطات الجيش الأمريكي بعدم الالتزام باللوائح العسكرية.
ويحتجز المتهم حاليا في قاعدة المارينز في كوانتيكو بولاية فرجينيا، في انتظار محاكمته، التي ربما تلقي به في غياهب السجن لمدة 52 عاما، وفقا لما تقوله شبكة دعم برادلي مانينج التي تشكلت للدفاع عنه.
وكان (ويكيليكس) قد أطلع خمسة من كبريات وسائل الإعلام في العالم على محتوى 250 ألف من البرقيات والمراسلات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وسفاراتها وقنصلياتها وبعثاتها الدبلوماسية حول العالم.
وأظهرت بعض الوثائق وجود أوامر لهؤلاء الدبلوماسيين في الخارج بجمع معلومات والتجسس على موظفي منظمة الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون.
يذكر أن الموقع كشف الشهر الماضي 400 ألف وثيقة عسكرية سرية عن حرب العراق، تقول إن نحو 70 ألف مدني على الأقل لقوا مصرعهم منذ بداية الغزو عام 2003 وحتى عام 2009 ، مشيرة إلى أن إجمالي عدد الضحايا من العراقيين يتجاوز المائة ألف، بما يفوق بكثير ما كانت تتحدث عنه الولايات المتحدة. (إفي)