كاراكاس، 29 ديسمبر/كانون أول (إفي):- ينهي الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز عامه وفي يده ضوء أخضر نحو ولاية جديدة، بعد نجاحه في الحصول على موافقة الناخبين بتعديل الدستور، في ظل معارضة داخلية متنامية لسياساته ومشكلات اقتصادية وأزمة دبلوماسية مستمرة مع الجارة كولومبيا.
وبعد أكثر من عقد في الرئاسة، حاول شافيز البحث عن منفذ لكي يتمكن من الترشح لولاية ثالثة عام 2012 نظرا لأن الدستور الساري في البلاد، والذي كان هو نفسه من عمل من اجل تمريره منذ عشرة أعوام، ينص على عدم السماح للرئيس بإعادة الترشح لأكثر من مرة.
ومن هذا المنطلق دعا الرئيس، الذي يعتبر نفسه ممثلا للثورة البوليفارية، لإجراء استفتاء شعبي في الـ15 من فبراير/شباط الماضي لإدخال تعديل على الدستور يسمح له بإعادة الترشح في الانتخابات الرئاسية لعدد غير محدود من المرات، وحظي بتصويت 54.86 في المائة من المواطنين لصالحه، بينما صوت ضده 45.13 في المائة.
ومحا هذا الانتصار آثار الإخفاق الذي مني به في محاولته الأولى لتمرير هذا التعديل في 2008 على الرغم من الاحتجاجات الشديدة من جانب المعارضة، التي اتهمته بالسعي للبقاء في الحكم بصورة أبدية.
كان شافيز قد انتخب رئيسا لفنزويلا للمرة الأولى في ديسمبر/كانون أول عام 1998 وعزز سلطاته كرئيس للبلاد عام 2000 عبر الدستور البوليفاري الجديد، كما أعيد انتخابة لفترة ثانية في 2006.
وعند قيامه بنشر التعديل الدستوري، تعهد شافيز بأن يكون دور الحكومة "الثورية"، التي يطمح أن يظل على رأسها حتى عام 2019 في حالة فوزه في الانتخابات المقررة في ديسمبر/كانون أول عام 2012 "أكثر فاعلية"، كما تعهد بحل كافة القضايا العالقة مثل أزمة الإسكان وانعدام الأمن.
ويعتبر انعدام الأمن في فنزويلا القضية الرئيسية التي تشغل بال المواطنين، وفقا لجميع استطلاعات الرأي بتلك الدولة اللاتينية التي تشهد سنويا مقتل 14 ألف شخص نتيجة العنف.
ولم ينخفض عدد ضحايا العنف في فنزويلا، لتصبح تلك القضية عاملا مضافا إلى الجوانب السلبية لحكومة شافيز والتي تشمل أيضا، المشكلات الاقتصادية والعجز الذي تعاني منه البلاد، فضلا عن نقص الطاقة والمياه مما أدى إلى انقطاعهما عن المواطنين، ليؤدي جميع ما سبق إلى زيادة الانتقادات الموجهة لإدارته.
وحاول شافيز الخروج من هذه الأزمات عبر دعوة المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك، مطلقا مصطلحات جديدة في مقدمتها "الاستحمام الاشتراكي" الذي لا ينبغي أن يزيد عن 3 دقائق.
وقال في كلمة مطولة: "هناك من يسترسل في الغناء داخل الحمام لتستغرق فترة الاستحمام نصف ساعة.. لا يا فتى، فثلاث دقائق أكثر من كافية.. لقد اختبرت الأمر بنفسي وأضمن لك هذا فهناك دقيقة للبداية، ودقيقة للصابون والشامبو، ودقيقة لإزالتهما.. لا تحتاج إلى المزيد أثناء الاستحمام".
كما أطلق الرئيس الفنزويلي مبادرات شعبية متعددة قال إنها تهدف إلى رفع شعار الاستراكية، مثل مشروع الخبر الاشتراكي، إلى جانب افتتاح سلسلة من المتاجر الشعبية تحمل اسم "كومرسيو".
وبالرغم من أن الأزمة الاقتصادية لم تلق بظلالها على فنزويلا بشكل فوري نظرا لانعزالها عن الأسواق العالمية، إلا أنها أثرت سلبا على اسعار البترول، الذي يعد المصدر الرئيسي الذي يقوم عليه اقتصاد الدولة اللاتينية، خامس أكبر مصدر للنفط في العالم.
وحذر المحللون والعاملون في المجال الاقتصادي من عدم توافر السيولة لدى حكومة فنزويلا، وهو ما نفته الحكومة في بداية الأمر، ولكنها أقرت فيما بعد بالضرر الذي لحق بها نتيجة لانخفاض اسعار النفط، وهو الامر الذي دفع البلاد إلى أعتاب مرحلة ركود اقتصادي بعد انخفاض إجمالي الناتج المحلي.
وتكهن أصحاب الأعمال خلال ديسمبر/كانون أول 2009 بانخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.7 في المائة، وان تبلغ نسبة التضخم 32.1 في المائة بنهاية العام، دون أي توقعات بتحسن الوضع الاقتصادي خلال 2010.
ومن جانبها أشارت الحكومة إلى أن تباطؤ النمو الاقتصادي في فنزويلا قد يصل بنهاية 2009 إلى أقل من 2.22 في المائة، أو ربما ناقص 1 في المائة، بينما قد يقف مؤشر أسعار الاستهلاك عند 26 في المائة، مقارنة بـ30.9 في المائة خلال 2008.
ويتزامن سوء الأوضاع الاقتصادية مع انخفاض شعبية شافيز لتصل إلى قرابة 50% وفقا لعدد من استطلاعات الرأي، في الوقت الذي عززت فيه المعارضة موقفها دون أن يعود ذلك بالنفع على الأحزاب التقليدية المعارضة.
وأدت الأوضاع في فنزويلا إلى تنامي ظاهرة يطلق على أصحابها "لا مع هذا ولا ذاك"، تضم ناشطين لا يؤيدون شافيز أو كفوا عن تأييده في حين انهم غير راضين عن قادة المعارضة التقليدية، ويحاول زعماء هذا الاتجاه توحيد جهودهم في "جبهة مشتركة" لخوض الانتخابات التشريعية المقررة في 2010.
وعلى صعيد السياسة الخارجية دخلت فنزويلا في أزمة جديدة مع كولومبيا بسبب الاتفاق المبرم بين بوجوتا وواشنطن، والذي يسمح للقوات الأمريكية باستخدام سبعة قواعد عسكرية للجيش الكولومبي.
ولاقى هذا الاتفاق انتقادات واسعة من شافيز الذي انتقده بشدة واعتبر انه موجه ضد بلاده حتى انه حث الفنزويليين على الاستعداد للحرب، مما دفع كولومبيا لتقديم مذكرة احتجاج رسمية ضد كاراكاس أمام مجلس الأمن الدولي في نوفمبر/تشرين ثان الماضي.
ويرى بعض المحليين السياسيين أن اضطراب العلاقات بين الجارتين اللاتينيتين يعود بالنفع على شافيز ونظيره الكولومبي ألبارو أوريبي، لأنه يغطي على الأزمات الداخلية التي تعاني منها البلدين. (إفي).