يأتي اليوم الثاني على الاقتصاد الأمريكي من الأسبوع الأول للعام الجديد، ويبقى شعور المستثمرين قائما على التفاؤل الذي ينبع أصلا من وصف البنك الفدرالي بأن العام 2010 يعتبر عام التعافي للاقتصاد الأمريكي من أسوأ مرحلة من الركود منذ الكساد العظيم، وجاءت البيانات الصادرة يوم أمس عن الاقتصاد لترفع من حماس الأسواق بخصوص التطلعات المستقلبية للاقتصاد الأمريكي.
حيث صدر يوم أمس من معهد التزويد تقرير الصناعي لديها لتشير إلى تقدم الأوضاع في قطاع الصناعة، إذ ارتفع معهد التزويد الصناعي خلال كانون الأول بأفضل من القراءة السابقة والمتوقعة على حد سواء، واضعين بالاعتبار أن قطاع الصناعة الأمريكية لم ينقطع عن إبداء مؤشرات التعافي التدريجي خلال الفترة القليلة الماضية.
حيث أن فكرة أن العام الجديد بدأ ببيانات مبهجة كانت بمثابة دعم وتعزيز لثقة المستثمرين بأن الاقتصاد الأمريكي يسير على خطى التعافي التدريجي، وهذا ما دعم الأسواق يوم أمس ليصل مؤشر داو جونز إلى فوق مستويات 10600 نقطة، إلا أن ثقة المستثمرين دفعتهم إلى التوجه نحو العملات ذات العائد الأعلى متجنبين الدولار الأمريكي والذي شهد هبوطا خلال جلسات التداول المختلفة يوم أمس أمام العملات الرئيسية.
ويتصدر قطاع المنازل الأمريكي اليوم قائمة البيانات المصدرة عن الاقتصاد الأمريكي، حيث سيصدر في وقت لاحق اليوم الثلاثاء مؤشر مبيعات المنازل قيد الانتظار التي من المتوقع أن تتراجع خلال تشرين الثاني لتصل إلى -0.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 3.7%، أما على الصعيد السنوي فمن المتوقع أن ترتفع المبيعات لتصل إلى 31.0% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 28.6.
كما أن الطلبات الصناعية ستصدر اليوم عن الاقتصاد الأمريكي والتي من المتوقع أن تشير إلى انخفاض خلال تشرين الثاني لتصل إلى 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.6%، ومع هذه التوقعات لا ينبغي لنا أن الاقتصاد الأمريكي سيواجه تعثر بالرغم من التفاؤل الذي تحدثنا عنه مسبقا.
حيث ليس من المنطقي عزيزي القارئ أن نتوقع دفعة قوية للاقتصاد الأمريكي بشكل عام أو حتى لأي قطاع رئيسي في الاقتصاد بشكل خاص، وذلك لسببين رئيسيين، الأول يكمن في العوائق التي لا تزال تقف أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود والتي تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة وتشديد الأوضاع الائتمانية إضافة إلى التهديدات التضخمية على المدى البعيد، والتي تعمل مجتمعة كالعامل المثبط لمستويات إنفاق المستهلك الذي يشكل حوالي ثلثي النمو في الولايات المتحدة الأمريكية.
والسبب الثاني يتمركز عزيزي القارئ في أن الاقتصاد الأمريكي كغيره من الاقتصاديات الرئيسية حول العالم وقع ضحية أسوأ أزمة مالية وائتمانية منذ الحرب العالمية الثانية أي منذ الكساد العظيم، وهذه الأزمة وإن تقلصت آثارها عما كانت عليه في السابق إلا أن لها عواقب تؤثر في الأداء الاقتصادي، لذا يجب أن نضع في اعتبارنا أن الاقتصاد الأمريكي يلزمه المزيد من الوقت ليشعر بالانتعاش الحقيقي قبل تحقيق النمو على المدى البعيد.
وهنا نشير إلى أن الحكومة الأمريكية إلى جانب البنك الفدرالي لم يتوانوا عن تقديم الدعم والمساعدة إلى مختلف القطاعات أو المجالات في الاقتصاد، وذلك لانتشال الاقتصاد من الأزمة الخانقة، وذلك عن طريق ابتكار برامج وخطط تحفيزية لدعم مستويات الإنفاق لدى المستهلك، كما أنهم قرروا تمديد هذه البرامج بالرغم من مؤشرات التعافي التدريجي، وذلك حتى يضمنوا سير الاقتصاد الأمريكي نحو التعافي التام ضمن خطى ثابتة ومتوازنة.
ومتحدثين بإيجاز عن الاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي، ألا وهو الاقتصاد الكندي، فقد أظهر هو الآخر الكثير من بوادر التعافي التدريجي، ولكن تبقى التأثيرات التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي تعتبر تأثيرات أيضا على الاقتصاد الكندي، وسيصدر اليوم عن الاقتصاد الكندي مؤشر أسعار المنتجات الصناعية التي من المتوقع أن ترتفع خلال تشرين الثاني لتصل إلى 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.3%، ومن المنتظر صدوره أيضا اليوم مؤشر أسعار المواد الخام التي من المحتمل أن تتراجع خلال الشهر نفسه إلى 1.1% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 2.5%.