موسكو، 22 ديسمبر/كانون أول (إفي): بعد فترة امتدت لأربعة أعوام سيطر خلالها فلاديمير بوتين على رئاسة الحكومة الروسية، عاد الرجل القوي ليتصدر المشهد مجددا ليمسك بزمام رئاسة البلاد التي يحتمل أن يظل مسيطرا عليها حتى 2024.
وشهدت فترة رئاسة ديمتري ميدفيديف، رئيس الوزراء الحالي، تمديد الفترة الرئاسية من أربعة إلى ستة أعوام الأمر الذي قد يعني احتفال بوتين بعيد ميلاده الـ72 داخل أروقة قصر الرئاسة الروسية (كرملين).
وقد تسبب قرار الثنائي بوتين-ميدفيديف، الذي تم الإعلان عنه قبيل الانتخابات، بترشح الرجل القوي في روسيا للرئاسة في استياء الوسط المحيط بالرئيس الذي كان يجلس في الكرملين حينذاك.
وبرغم أن عددا قليلا فقط من الروس كان يعتقد وقتها أن ميدفيديف قد يرشح نفسه أمام بوتين، وبرغم أن عددا أقل كان ينظر بعين الأمل إلى المنهج الإصلاحي لميدفيديف، إلا أن الإعلان عن ترشيح بوتين للرئاسة تزامن مع انطلاق احتجاجات شعبية واسعة المدى.
وتتداول رسميا رواية أن الانتخابات العامة الأخيرة، التي تؤكد المعارضة حدوث عمليات تزوير فجة بها، هي السبب في الاحتجاجات الكبيرة إلا أن المعارضة تبرز أن عودة بوتين إلى سدة الحكم هي الدافع الحقيقي.
وكان مئات الآلاف من الروس قد نزلوا إلى الشوارع في كبرى مدن البلاد ورددوا هتافات أبرزها "من أجل انتخابات عادلة"، واستمرت تلك التظاهرات أثناء وعقب الانتخابات الرئاسية.
وقد فتحت القرارات التي تم اتخاذها منذ عودة بوتين للكرملين، باب انتقاده، ولاسيما بتقويض أسس الديمقراطية في البلاد.
أما آخر التظاهرات المناهضة لنظام بوتين فقد كان مصير المشاركين بها على غرار حقبة الحرب الباردة حيث تم القبض على عدد كبير من قيادات المعارضة والنشطاء وعرضهم أمام القضاء وصولا إلى الاختطاف.
ومن أبرز المختطفين ليونيد راجفوجهايف عضو اللجنة التنسيقية للمعارضة، والناشط في الجبهة اليسارية، الذي تم اختطافه من العاصمة الأوكرانية كييف واقتياده إلى موسكو حيث وجهت إليه السلطات تهمة "التخطيط لنشر الفوضى".
كما تم توجيه تهم مماثلة إلى قياديين معارضين مثل النائب جينادي جدكوف الذي اتهم بالخلط بين مهامه التشريعية والأنشطة الاقتصادية والخاصة في البرلمان الذي يسيطر عليه حزب (روسيا المتحدة) الحاكم بأغلبية مطلقة.
ثم حاولت خمس فتيات كن يغطين وجوههن تنظيم تظاهرة صغيرة نجحت إلى حد ما في كاتدرائية بالعاصمة موسكو، واتضح لاحقا أنهن عضوات فريق (بوسي رايوت) الغنائي وأنهن كن يطلبن من السيدة مريم العذراء "الإطاحة ببوتين".
وتم التعرف على هويات فتاتين من ثلاث شاركن في ذلك العمل الاحتجاجي ووقعت عليهن عقوبة السجن سنتين الأمر الذي دفع المجتمع الدولي وخاصة منظمة العفو الدولية لإطلاق حملة من أجل الإفراج عنهن.
إلا أن البرلمان الروسي كان له رأي آخر بعد تلك الواقعة بقليل حيث أقر قانونا مثيرا للجدل يقيد المنظمات غير الحكومية المعارضة ويجفف مصادر تمويلها الخارجي.
واعتبارا من الآن أصبحت المنظمات التي تتلقى تمويلا من الخارج توصف بأنها "وكالات أجنبية" وهو الشيء الذي يعادل وكالات التجسس أو التخريب في روسيا.
وبدا من الواضح أن الديمقراطية يجب أن تدرك كيف تحمي نفسها، على حد قول بوتين الذي أكد بوضوح أن روسيا لا يمكن أن تشهد شيئا مماثلا للاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في دول مثل جورجيا وأوكرانيا، ومؤخرا الربيع العربي. (إفي)