يستهل المستثمرين اليوم الأخير من الأسبوع والذي كان من المفترض أن يصدر فيه مؤشر وحيد عن الاقتصاد الأمريكي، إلا أن العاصفة الثلجية الثانية التي ضربت ولايات الساحل الشرقي الأمريكي ساهمت في تأجيل البيانات الصادرة يوم أمس إلى اليوم.
ونبدأ البيانات بتقرير مبيعات التجزئة الذي من المتوقع أن يرتفع خلال كانون الثاني إلى 0.3% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.3%، أما مبيعات التجزئة باستثناء المواصلات فمن المتوقع أن ترتفع أيضا إلى 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.2%، وأخيرا من المتوقع أن تصعد مبيعات التجزئة باستثناء المواصلات والوقود خلال الشهر نفسه إلى 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.3%.
حيث أن الاقتصاد الأمريكي مشى على خطى التعافي التدريجي، إذ شهدنا بروز قطاعات مختلفة في النشاط الاقتصادي فيها، مثل القطاع الصناعي والمنازل والخدمات، مشيرين أن القطاع الأكثر تعثرا أو نزيفا من الأزمة الأسوأ منذ الكساد العظيم، وهو قطاع العمالة الأمريكي يواصل سيره هو الآخر نحو الانتعاش التدريجي، إلا أنه يتسم بالتباطؤ مقارنة بباقي القطاعات.
وتنتقل بنا البيانات إلى مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين والذي من المتوقع أن يرتفع في قرائته التمهيدية واصلا إلى 75.0 خلال شهر شباط مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 74.4، وذلك على إثر الوعود والاستراتيجيات التي يرسمها البنك الفدرالي والحكومة الأمريكية لتعزيز مرحلة التعافي إلى حين الوصول إلى مرحلة النمو على المدى البعيد.
وأخيرا تأتي مخزونات الأعمال التي من المتوقع أن تتقلص خلال كانون الأول إلى 0.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.4%، وهذا ما يتماشى مع ارتفاع المبيعات، حيث أن ارتفاع المبيعات يشكل انخفاضا في المخزونات، مشيرين بالمقابل إلى ان المصنعين أيضا يلجأون في الوقت الحالي إلى تقليص مخزوناتهم وذلك لمجاراة الضعف الذي يمر به الطلب محليا وعالميا.
ولكن مع كل هذه البوادر التي تشير إلى ان الاقتصاد يسير فعلا على خطى التعافي التدريجي من الأزمة الأسوأ من الركود منذ الكساد العظيم، إلا أن الاقتصاد لا يزال يقف أمام تحديات وعقبات تحد من تقدمه بالشكل المنشود، متمثلة في معدلات البطالة والتي وإن انخفضت خلال كانون الثاني إلى 9.7% مقابل 10.0% إلا أنها لا تزال تحوم حول المستويات الأعلى لها منذ 26 عام، هذا إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني الذي يعيق عملية حصول المستهلكين على قروض جديدة، وهذا كله يعمل كالشوكة التي تقف في الحلق.
واضعين بعين الاعتبار ان المستثمرين اسقبلوا هذا الأسبوع بغمامة تشاؤم استمرت لليوم الثالث من الاسبوع، متأثرين بداية من معضلة الاقتصاد اليوناني الذي وقع ضحية توسع العجز في ميزانيته، إضافة إلى تصريحات السيد برنانكي رئيس البنك الفدرالي والذي أشار إلى أن البنك الفدرالي في صدد البحث في سبل وطرق فعلية لسحب الخطط التحفيزية من الأسواق، مما نشر الرعب في الأسواق.
إلا أن الدولار الأمريكي كان المستفيد الأول من هذه الغمامة، حيث أن الدولار تربّع على عرش العملات متألقا في الصدارة أمام العملات الرئيسية، حيث وصل مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى له منذ سبعة شهور، مضيفين إلى ان العملات الرئيسية هبطت إلى أدنى مستوى لها منذ شهور أيضا، مما أثر بالسلب على أسعار السلع الأساسية والمعادن الثمينة وسط العلاقة العكسية القوية التس تجمع ما بين الدولار والسلع الأساسية والمعادن الثمينة.
إلا أن الأنباء التي تواردت يوم أمس الخميس كانت بمثابة العصا التي يتعلق بها الغريق، متمثلة في القرارات المبدئية للقادة الأوروبيين بخصوص مد يد العون لليونان لانتشالها من الأزمة، مشيرين إلى ان اليونان قد تحصل على مبلغ 53 مليار دولار كخطة إنقاذ، الأمر الذي بث الأمل في نفوس المستثمرين ليعودوا مطمأنين نوعا ما، مما حد من صعود الدولار الأمريكي وأعاد التوازن إلى الأسواق بعض الشيء.
ولكن سرعان ما عاد الدولار الأمريكي إلى الصدارة خلال اليوم متأثرا بقرارات الصين التي أعلنت عن رفعها للاحتياطي الالزامي لديها بنسبة 0.5%، مما أعاد الفزع للمستثمرين جراء التشديد في السياسة النقدية، الأمر الذي قد يبطئ عجلة التعافي العالمي.
وهذا ما ظهر أيضا في المؤشرات الأمريكية التي تراجعت في تعاملاتها الآجلة، لنشهد هبوط مؤشر داو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة 58.00 نقطة واصلا إلى مستويات 10110 نقطة، بينما هبط مؤشر S&P 500 في تعاملاته الآجلة 22.00 نقطة ليصل إلى مستويات 1069.50 نقطة، أما مؤشر النازداك 100 فقد تراجع في تعاملاته الآجلة 13.20 نقطة ليصل إلى 1775.50 نقطة، إذ تم تحديث هذه البيانات في تمام الساعة 07:05 صباحا بتوقيت نيويورك.