لشبونة، 29 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): قال خبير اقتصادي أمريكي "شاءت البرتغال أم أبت فإنها باتت بين قوسين أو أدنى من النقطة الحرجة"، "يتعين على البرتغال طلب مساعدات الإنقاذ رسميا اعتبارا من اليوم" عن طريق صندوق النقد الدولي كـ"إجراء وقائي" وعدم الانتظار حتى "الحظة الأخيرة".
جاءت تلك التوقعات المتشائمة خلال مقابلة أجرتها اليوم جريدة "الاقتصاد البرتغالية" مع أستاذ الاقتصاد وإدارة الأعمال الدولية بجامعة نيويورك نورييل روبيني.
وحث الخبير الاقتصادي الأمريكي نورييل روبيني، الذي اشتهر بالتنبؤ بوقوع الأزمة المالية العالمية، البرتغال على المسارعة بطلب مساعدات دولية في إطار خطة انقاذ، لتجنب المزيد من التدهور الذي نتج عن تفاقم أزمة الديون وعجز الموازنة في الاقتصاد الوطني.
وأوضح روبيني أن البرتغال تواجه صعوبات كبيرة لمواجهة أزمة الديون والارتفاع الضخم في عجز الموازنة، وإذا لم تتخذ فورا إجراءات حاسمة لرفع الضرائب وتقليص الانفاق على المدى القصير، فلن تتمكن مواجهة التباطؤ وسيتفاقم العجز.
وقال بينما أيرلندا وإسبانيا تعانيان آثار الفقاعة العقارية العملاقة، فإن الوضع في البرتغال يبدو مختلفا حيث يتشابه إلى حد كبير مع الأزمة اليونانية، التي نشأت عن عجز الموازنة وتدهور أوضاع القطاع الخاص، التي أرغمت حكومة أثينا على التدخل لإنقاذ المؤسسات.
بالنسبة لوضع الاقتصاد الإسباني، أكد الخبير الأمريكي أن تبني إجراءات من شأنها خفض عجز الموازنة يعتبر مؤشرا إيجابيا، إلا أن الوضع أخطر من اليونان نظرا لضخامة حجم الأزمة التي تعاني منها المؤسسات المصرفية فضلا عن استمرار انهيار سوق العقارات.
كما أوضح أن الخلل في البرتغال سوف يؤثر سلبا بصورة كبيرة على الوضع في إسبانيا، بصرف النظر عن الإجراءات التي سوف يتم تبنيها لتحسين الأوضاع، منبها إلى أن مسارعة البرتغال بطلب المساعدات الدولية الآن سوف يعود بالنفع على كلا البلدين اللذين يتشاركان في شبة جزيرة أيبيريا.
واعترف روبيني أن إسبانيا ضخمة جدا لتقع وأن سقوطها سوف يكون مدويا بصورة تجعل من الصعب إنقاذها، لعدم توافر موارد مالية لذلك، بعد أموال الانقاذ التي تم اعتمادها لمواجهة أزمتي اليونان وأيرلندا.
وأعرب عدد من الوزراء الأوروبيين اليوم عن ثقتهم في عودة الهدوء للأسواق بعد القرار الذي اتخذته الحكومة الايرلندية بقبول خطة الإنقاذ المالي من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وخاصة بعد مخاوف انتقال عدوى أزمة الديون الأيرلندية لدول أخرى ذات اقتصاديات لا تزال تعاني من هشاشة التعافي مثل البرتغال وإسبانيا.
يشار إلى أن خطة الإنقاذ المالي، وقيمتها 85 مليار يورو التي ينتهي سريانها في عام 2013 ، تجبر ايرلندا على الوضع في حيز التنفيذ خطة جذرية لإعادة هيكلة نظامها المصرفي وسياستها المتعلقة بالموازنة.
كما يتعين على الحكومة الايرلندية خفض نسبة العجز إلى نسبة 3% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2014 عبر استقطاعات بقيمة 15 مليار يورو.
وصدق البرلمان البرتغالي الجمعة على موازنة الحكومة الاشتراكية لعام 2011 التي تتضمن خطة تقشف شاقة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، وتسعى لتقليل العجز المالي إلى 4.6% وتضع البرتغال بين الدول التي تمتلك حسابات عامة مستقرة في أوروبا.
يشار إلى أن الحكومة البرتغالية طبقت هذا العام خطتي تقشف متتاليتين في المال العام، من شأنهما تخفيض رواتب الموظفين بنسبة 5% وزيادة ضريبة القيمة المضافة من 21% إلى 23%، وتجميد المعاشات وزيادة الضرائب على الشركات والمواطنين، فضلا عن كبح الاستثمارات ونفقات القطاع العام الذي يعمل به نحو 25% من أربعة ملايين موظف برتغالي.
يذكر أن الإجراءات الاقتصادية القاسية المطبقة في البرتغال كانت السبب الرئيسي وراء الإضراب العام الذي أجري الأربعاء الماضي التي دعت إليه جميع النقابات لأول مرة منذ عام 1988. (إفي)