ها نحن عزيزي القارئ بصدد افتتاح جلسة أمريكية جديدة في خضم البيانات المنتظرة عن القطاع الأكثر نزيفا بين القطاعات الرئيسية في الاقتصاد الأكبر في العالم - قطاع العمالة - حيث أن الاقتصاد الأمريكي شهد تباطؤا في أنشطته الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة إثر الضغوطات التي تقع على عاتقه كمعدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني.
والجدير بالذكر أن جلسة اليوم هي الجلسة المنتظرة من قبل المستثمرين على مستوى العالم، حيث أن اللجنة الفدرالية ستعلن اليوم عن قرارها بخصوص أسعار الفائدة التي من المتوقع أن تبقى على ما هي عليه بين 0.0-0.25%، إلا أن الجانب الأكثر أهمية من القرار نفسه يكمن في البيان الذي سيصدر على هامش القرار، حيث ألمح الفدرالي الأمريكي مؤخرا أنه قد يمد يد العون للاقتصاد الأمريكي لتعزيز الأنشطة الاقتصادية فيه، حيث أن الكثير بدأ ببناء تكهنات بأن البنك الفدرالي سيعلن اليوم عن برنامج تحفيزي جديد بقيمة 500 مليار دولار أمريكي، مما قد ينشر الأمل بين المستثمرين حول وجهة الاقتصاد الأمريكي.
أما بالنسبة للبيانات الرئيسية الصادرة اليوم فنشير بأن تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص سيصدر اليوم عن قطاع العمالة الذي لا يزال يستحوذ التركيز الأكبر من قبل الاقتصاد الأمريكي ككل من مستثمرين وحكومة وحتى البنك الفدرالي نفسه، إذ من المتوقع أن يشير التقرير إلى وظائف مضافة خلال تشرين الأول تصل إلى 20 ألف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 39 ألف وظيفة مفقودة.
واضعين بعين الاعتبار أن المستثمرين قد ينظرون إلى بيانات اليوم كمؤشر أو دليل على ما سيأتي به تقرير العمالة الذي سيصدر بعد يومين الجمعة، في حين لا تزال العقبات تواجه الاقتصاد الأمريكي متمثلة في معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني التي واصلت الإلقاء بظلالها السلبية على النشاطات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الماضية، الأمر الذي يؤكد بأن قطاع العمالة بشكل خاص والاقتصاد الأمريكي بشكل عام يشهدان تراخيا في الأداء.
ويجب أن نشير هنا بأن التوقعات تنصب في أن الاقتصاد الأمريكي تمكن من إضافة 61 ألف وظيفة خلال تشرين الأول مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت خلال أيلول 95 ألف وظيفة مفقودة، وذلك وفقا لتقرير العمالة الذي سيصدر بعد يومين، أضف إلى ذلك عزيزي القارئ أن معدلات البطالة قد تثبت خلال الشهر نفسه عند القراءة السابقة التي بلغت 9.6%، مما يشير بأن الأوضاع في الاقتصاد الأمريكي ستبقى على ما هي عليه لفترة من الوقت.
ومع بقاء معدلات البطالة ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن فإن الاقتصاد الأمريكي سيواجه الصعوبات والتحديات ليتقدم في أنشطته الاقتصادية، حيث أن البطالة تحد من مستويات الدخل والإنفاق مما ينعكس بالسلب على نمو الاقتصاد الأمريكي، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلكين يمثل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
وعلاوة على ذلك فإن هناك عقبات أخرى تقف أمام الاقتصاد الأمريكي عدا عن معدلات البطالة والتي تتمثل في أوضاع التشديد الائتماني والتي تحد من قابلية وسهولة حصول أصحاب الشركات أو المستهلكين حتى على قروض جديدة، الأمر الذي يقف حاجزا أمام مستويات الإنفاق أيضا، هذا إلى جانب مسألة انقضاء البرامج والخدد التحفيزية التي كانت قد دعمت مستويات الإنفاق في السابق.
في حين من المنتظر أن يصدر أيضا تقرير معهد التزويد الغير صناعي للخدمات الذي من المتوقع أن يشير إلى توسع الأنشطة خلال تشرين الأول ليصل المؤشر إلى 53.5 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 53.2، وذلك استجابة من القطاع للتوسع الذي واججه قطاع الصناعة خلال الشهر نفسه، واضعين بعين الاعتبار أن مجمل الأوضاع لا تزال في حالة اضطراب، وبالتالي فإن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بعيدا نوعا ما عن الاستقرار التام من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
أما بالنسبة لانتخابات التجديد النصفي التي بدأت أمس الثلاثاء فقد أتت نتائج أولية عنها، حيث استطاع الجمهوريون أن ينتزعوا مجلس النواب بعد أن حصلوا على 234 مقعد مقابل 180 مقعد للديمقراطيين، حيث استطاع الجمهوريون الحصول على ستة مقاعد من الديمقراطيين، في حين حافظ الديمقراطيين على أغلبية مجلس الشيوخ بعد حصولهم على 51 مقعد مقابل 46 مقعد للجمهوريين.
مشيرين إلى أن الشعب الأمريكي بات مستاءا من الوضع الاقتصادي ومن معدلات البطالة التي لم تنزاح عن المعدلات الأعلى لها منذ ما يقارب ربع قرن، الأمر الذي جعل الآراء تتنامى بأن الجمهوريون قد يسيطروا على مجلس النواب ويحققوا مكاسب كبيرة في مجلس الشيوخ، الأمر الذي قد يسهّل عليهم إعاقة أي تشريع ديمقراطي.
ولكن يجب الإشارة بالمقابل أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يسير على خطى التعافي من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، ولكن باتت عجلة التعافي تأخذ وتيرة أكثر اعتدالا وبطئاً مما سبق، حيث سيلزم الاقتصاد مزيدا من الوقت ليحقق التعافي التام، والذي لن يحدث قبل النصف الثاني من العام 2011 على الأقل...