القاهرة، 18 يونيو/ حزيران (إفي): إذا كانت أهرامات الجيزة على رأس أفضل الأعمال المعمارية التي عرفها التاريخ منذ الاف السنين، فان ما ينتظره المصريون اليوم هو ما يمكن ان يطلق عليه الهرم الرابع، ممثلا في مترو الأنفاق، الذي يتسارع العمل فيه لاستكمال الخط الثالث، مما قد يحوله إلى أضخم مشروع من نوعه في هذا البلد في القرن الحادي والعشرين.
والارقام تتحدث عن نفسها، وكأنها هى نفسها أرقام فرعونية، ففي المرحلة الاولي للخط الثالث، بطول 4 كلم تتوزع على خمس محطات، يعمل حوالي 5 الآف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، في حين ان من المنتظر استخدام نحو 350 الف متر مكعب من الخرسانات، وحفر 549 الف متر مكعب، وإنفاق ما يقرب من 400 مليون يورو.
ويروي المهندس الفرنسي روبرت إميري، المدير الفني للمشروع، كيف بدأ العمل به في الثمانينيات، عندما تم بناء الخط الاول للمترو، الذي يربط بين احياء القاهرة من الشمال الشرقي إلى الجنوب الشرقي، ثم الخط الثاني في التسعينيات، بين شمال العاصمة وجنوبها الشرقي.
ويؤكد إميري لـ "إفي" ان بناء الخط الثالث يمثل جزءا من مشروع أشمل تقوم السلطات المصرية بتنفيذه من أجل تنظيم أفضل لحركة المرور والمواصلات بالقاهرة ذات الـ18 مليون نسمة، في محاولة جريئة للتخفيف من حدة الاختناقات المرورية التي تحولت إلى طبيعة يومية داخل العاصمة، وما تخلفه من تلوث.
ويتضمن المشروع، الذي تقوم بتطويره شركات مشتركة مصرية-فرنسية، برامج لبناء سبعة خطوط للمترو من المفترض انها ستكون بحاجة لعشرات السنين لتفيذها، اذا اخذنا في الاعتبار ان الخط الثالث لن يكون جاهزا للتشغيل قبل عام 2020 على افتراض ان العمل سيستمر دون مشاكل تعترضه.
إميري، بالإضافة للمهندس الاسباني أنطونيو بولينشس، يعملان معا بشركة فينسي، وهي احدى الشركات الفرنسية المنفذة للمشروع، ويؤكد المهندسان ان من الطبيعي ان يستمر العمل في مشروع بهذه الضخامة لسنوات طويلة، نظرا لطول الخطوط، وخاصة الخط الثالث (حوالي 32 كلم)، الذي سوف يربط بين مطار القاهرة الدولي ومنطقة امبابة الشعبية، مرورا بعدة احياء، وعابرا إلى امبابة من تحت نهر النيل.
ويشير بولينشس إلى ان العمل لا يتم بعدة نقاط في نفس الوقت، وانما يتم تنفيذه على مراحل نظرا لعدم توفر الاعتمادات الكافية لتنفيذ المشروع جملة واحدة.
ويتحدث إميري وبولينشس بشغف عن عملهم، ويهونان من المشكلات التي تظهر امامهم في كثير من الاحيان، مثل ارتفاع نسبة مسامية التربة بعدة مناطق بالقاهرة مما يؤدي لظهور الكثير من المياه الجوفية، واستخدام تقنيات جديدة في العمل مثل الألياف الزجاجية بدلا من الصلب في المناطق التي تعمل بها ماكينة الحفر.
كلا المهندسين يتحركان بكل امان تحت الارض، بخوذاتهما وستراتهما المخصصة للعمل، ويبرزان على وجه الخصوص ما يمكن اعتباره احد اهم نقاط العمل داخل المشروع، وهو ماكينة الحفر "كليوباترا"، التي تم تصميمها بمواصفات خاصة لتعمل بكفاءة تحت الارض.
ويؤكد إميري ان هناك عددا محدودا جدا من تلك الماكينات في العالم، وان "كليوباترا" تم تصنيعها خصيصا لمترو القاهرة لتقوم بحفر الخط الثالث، الذي من المنتظر ان يشمل على 29 محطة عند اكتمال المشروع.
كما يشير إلى ان الفرق الملحوظ بين العمل في المرحلة الاولي والثالثة للمترو يكمن، بين اشياء اخرى، في ان العاملين في الخط الثالث غالبيتهم من المصريين، ومنهم من هم على مستوى عال جدا، حيث يذكر منهم "شريف"، ذو الثلاثين عاما، وهو الشخص الوحيد الذي يستطيع العمل على ماكينة الحفر.
ويؤكد المهندس الإسباني ان المترو بالنسبة لمصر يعني نقلة كبيرة ليس فقط لحل مشاكل المواصلات على اهميتها، ولكن ايضا على مستوى تسخير التكنولوجيا لرفع مستوى حياة الناس بصفة عامة والحفاظ على الوجه الحضاري للعاصمة. (إفي)