على ما يبدو فإن أكبر اقتصاد في العالم نما بشكل ملحوظ في القراءة المتقدمة خلال الربع الرابع كما توقع المحللون، لتنتهي أشهر العام 2009 بوتيرة نمو قوية هذا إلى جانب تسجيل القطاع الصناعي معدلات نمو جيدة خلال الأشهر القليلة الماضية.
ومن المتوقع عزيزي القارئ أن يظهر الاقتصاد الأمريكي نمواً بنسبة 4.7% خلال الثلاثة أشهر الماضية، بالمقارنة مع الارتفاع السابق والذي بلغ 2.2% والمسجل سابقاً في الربع الثالث من العام 2009 ، لتظهر التوقعات بأن وتيرة النمو قد تكون أقوى خلال أربعة سنوات.
وقد نما الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2.2% خلال الربع الثالث من العام 2009 كما أسلفنا عزيزي القارئ، إلا أن هذه الأرقام جاءت بعد التعديل مما كانت مسجلة عليه عند 2.8% ، على الرغم من التحديات الجمة التي ما زالت تقف في طريق الانتعاش وتعيقه، حيث من المتوقع أن يتم تعديل قراءة النمو القوي والتي سوف تصدر اليوم لتنخفض خلال التقارير المقبلة، نظراً لكون معدلات البطالة المرتفعة، تشديد شروط الائتمان، إلى جانب ارتفاع قيم الحبس العقاري والعجز الكبير في الميزانية ما زالت تدمر الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتشير توقعات أخرى بأن الناتج المحلي الإجمالي المقاس بالأسعار سيرتفع بنسبة 1.3% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.4% خلال الربع الثالث، أما إنفاق المستهلكين فمن المتوقع أن يرتفع بنسبة 1.8% بأدنى من الارتفاع السابق والذب بلغ 2.8% ، نظراً لكون معدلات الإنفاق ما زالت ضعيفة بسب ارتفاع معدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان، حيث يعد هذان العائقان أهم ما يعيق الأنشطة الاقتصادية وبالتالي معدلات الإنفاق.
وكما هو معلوم للجميع، فالإنفاق عزيزي القارئ هو العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي، حيث يشكل الإنفاق ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتضح لنا من خلال خطاب حالة الاتحاد والذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فقد شهدنا أهمية ذلك من خلال الخطاب، حيث يسعى الرئيس الأمريكي إلى تشريع خطط مستقبلية تهدف إلى تسهيل شروط الائتمان، وتذليل العقبات أمام البنوك لتقوم برفع معدلات الإقراض من أجل المساعدة في دعم الإنفاق وبالتالي رفع الأوضاع الاقتصادية مرة أخرى، ليصل الاقتصاد الأمريكي إلى النمو على المدى الطويل مرة أخرى.
ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأمريكي ويتعافى خلال العام الحالي، قبيل أن يتمكن من الوصول إلى النمو على المدى البعيد بحلول العام 2011 ، ولكن من أجل تحقيق ذلك ينبغي أن تعالج ارتفاع معدلات البطالة، وأن تسهل شروط الائتمان، إلى جانب تخفيض العجز في الميزانية الفدرالية، هذا بالإضافة إلى الحفاظ على معدلات التضخم عند مستوياتها المرجوة.
مع العلم بأن مؤشر التضخم المحبب للفدرالي الأمريكي سوف يصدر اليوم، حيث سوف يصدر مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري خلال الربع الرابع والذي من المتوقع أن يحقق ارتفاعاً طفيفاً ليصل إلى 1.3% بالمقارنة مع الارتفاع السابق والذي بلغ 1.2% ، في حين يتوقع البنك الفدرالي الأمريكي بقاء معدلات التضخم تحت السيطرة خلال الفترة المقبلة.
ولكن من الممكن أم تتسبب كمية السيولة المالية الضخمة والتي تم ضخها في الأسواق المالية بمخاطر كبيرة على الانتعاش الاقتصادي، نظراً لكون ذلك يرفع من معدلات التضخم، وبالتالي فإن البنك الفدرالي الأمريكي يجب أن يبدأ بالبحث عن أفضل الوسائل لسحب هذه المبالغ الضخمة من المال دون أن يؤثر ذلك على عجلة النمو، نظراً لكون السياسة الحالية تهدف إلى تعزيز النمو وليس السيطرة على التضخم.
هذا ولم يقوم البنك الفدرالي الأمريكي عزيزي القارئ بتقديم أية أدلة من خلال اجتماع قرار الفائدة الأخير حول الأدوات التي سوف يستخدمها لسحب الخطط التحفيزية من الأسواق، حيث صرح الأعضاء بأن البرامج الداعمة سوف تنتهي في الوقت المقرر لذلك، دون الإفصاح عن أية خطط لسحب الأموال من الأسواق من أجل منع معدلات التضخم من الارتفاع أو تخفيض العجز في الميزانية.