ارتفعت معدلات التضخم في كندا وبأعلى من التوقعات، عقب الارتفاع الأخير في الأنشطة الاقتصادية، والذي دفع على ما يبدو المستوى العام للأسعار إلى الأعلى، هذا على الرغم من أن التضخم لا يزال ضعيفاً بحسب البنك المركزي الكندي، والذي يفضل أن تبقى معدلات التضخم ما بين 2% و 3% ، إلا أن الواقع يشير إلى ارتفاع الضغوط التضخمية على المدى المتوسط و المدى البعيد.
هذا وقد صدر عن الاقتصاد الكندي قراءة مؤشر أسعار المستهلكين عن شهر شباط، حيث شهدنا ارتفاع المؤشر ليصل إلى %0.4 بالمقارنة مع القراءة السابقة و التوقعات التي بلغت 0.3%، أما مؤشر أسعار المستهلكين السنوي عن شهر شباط، فقد شهدنا ارتفاع المؤشر ليصل إلى 1.6% بالمقارنة مع القراءة السابقة والارتفاع السابق والتي بلغت 1.9% و بأعلى من التوقعات التي بلغت 1.4%.
في حين شهدنا ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الجوهري عن شهر شباط ليصل إلى 0.7% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.1% و بأعلى من التوقعات التي بلغت 0.7% ، بيد أن مؤشر أسعار المستهلكين السنوي الجوهري عن شهر شباط ارتفع ليصل إلى 2.1% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 2.0% و بأعلى من التوقعات التي بلغت 1.7%.
وقد ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 0.3% بالمقارنة مع الارتفاع السابق خلال كانون الثاني والذي بلغ 0.4% ، بينما ارتفعت أنشطة المستهلكين بنسبة 0.4% ، في حين ارتفعت أسعار الأحذية والملابس بنسبة 1.2% عقب الانخفاض بنسبة 0.6% خلال الشهر السابق، بينما أسعار التعليم والترفيه ارتفعت بنسبة 3.0%.
وقد ارتفعت أسعار السلع بنسبة 0.1 ? في شباط، في حين ارتفعت أسعار الخدمات بنسبة 0.7 ?، إلا أن أسعار الطاقة في شباط انخفضت بنسبة 1.2 ?، وهو ما يفسر ارتفاع مستويات التضخم الجوهرية، نظراً لكون معدل التضخم الجوهري يستبعد ويستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة.
وعلى ما يبدو فإن التضخم في كندا يعمل على تجهيز نفسه في ظل الارتفاع الأخير في النشاط الاقتصادي، نظراً لكون الاقتصاد الكندي نما بنسبة 5.0 ? خلال الربع الرابع من العام 2009، ويبدو بأن الاقتصاد الكندي سوف يكون قادراً على الحفاظ على بعض زخمه، وبالتالي فإن وتيرة النمو ستنخفض خلال النصف الأول من العام الحالي 2010 قبيل أن ترتفع بوتيرة قوية خلال النصف الثاني من العام.
ولا يزال الاقتصاد الكندي لم يصل إلى النمو على المدى البعيد، نظراً لكون النمو الاقتصادي في كندا يعتمد على مستويات الطلب العالمي فضلاً عن مستويات الطلب المحلي، حيث تمثل الصادرات تمثل حجر الأساس للنمو الاقتصادي في كندا، ونظراً لتحسن مستويات الطلب على نطاق عالمي ولا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية، فلا بد لنا أن نتوقع أن النشاط الاقتصادي سيرتفع تدريجياً.
ولا بد لنا من الإشارة عزيزي القارئ إلى أن ارتفاع النشاط الاقتصادي سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع الأسعار، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت، نظراً لكون الظروف الاقتصادية لا تزال هشة في جميع أنحاء المعمورة، والاقتصاديات الكبرى ما زالت تكافح للخروج من دائرة الركود، وهذا يعني بأن العام 2010 سيستمر ككونه عام الانتعاش لجميع الاقتصاديات في شتى أنحاء العالم، في حين أن العام 2011 قد يكون بداية لازدهار في الاقتصاديات العالمية بما فيها الاقتصاد الكندي.
وفي النهاية فقد أشار البنك المركزي الكندي في اجتماعه الأخير على أن الضغوط التضخمية بدأت في الارتفاع، ولكن ذلك الارتفاع لا يشكل تهديداً في الوقت الحالي، وبالتالي فقد أبقى البنك المركزي الكندي على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير عند 0.25% ، ومن المتوقع أن يبقي عليها كذلك خلال الأشهر المقبلة، على أية حال إذا ما بدأت التهديدات التضخمية بالارتفاع بوتيرة قوية، فقد نشهد تغييراً في السياسات النقدية للبنك المركزي الكندي قبيل نهاية العام الحالي ...