خلال هذا الاسبوع تشهد المنطقة الأوروبية بعض من الهدوء خاصة مع عدم وجود البيانات المحركة للأسواق على الأجندة الاقتصادية، لكن يبقى الإهتمام منصب حول كل ما يتعلق من تتطورات لأزمة الديون السيادية التي تواجه الاقتصاديات الأوروبية و التي أصبحت أحد المؤثرات السلبية على أداء الأسواق ليس فقط في أوروبا بل في العالم أجمع.
وفي ظل الإهتمام العالمي بشأن تلك الأزمة من المنتظر أن يقوم وزير الخزانة الأمريكي السيد تيموثي جايثنر في زيارة إلى كلا من ألمانيا و بريطانيا من أجل البحث في مسألة الأزمة ويأتي ذلك بعد أن تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى أدنى مستوياته منذ العام هذا فضلا عن تراجع معظم اسواق الأسهم العالمية الأمر الذي من شأنه أن يعكس مدى تأثر عملية تعافي الإقتصاد العالمي.
حتى الآن تسعى الدول الأوروبية في اتخاذ إجراءات حاسمة من أجل الحد من انتشار الأزمة و دعم الثقة في الأسواق من جديد، إذ شهدنا في الأسبوع السابق قيام البرلمان الألماني بالموافقة على المشاركة في حزمة الإجراءات البالغ قيمتها 750.00 بليون يورو، وتسعى كلا من اسبانيا و البرتغال و كذا ايطاليا إلى القيام بالمزيد من الجهد لخفض الدين العام و من ثم تقليص العجز.
وبين هذا و ذاك لم تقتنع الأسواق حتى الآن ولم تشهد الاستقرار الكامل بعد، إذ أن حجم المعضلة ليس بالهين في الوقت الذي تتشعب فيه العلاقات البينية لحجم الديون بين أكبر الدول صاحبة العجز وبين الدول الأكبر اقراضا مثل ألمانيا و فرنسا وأيضا بريطانيا.
انتقالا إلى بريطانيا حيث أشار تقرير التضخم الربع سنوي إلى أن عملية التعافي تواجه بعض من مخاطر اتساع أزمة الديون في الدول الاعضاء لمنطقة اليورو التي تعد الشريك التجاري الأول للبلاد وهذا يدل على مدى تأثير تلك الأزمة على أداء الاقتصاد البريطاني.
في الوقت نفسه الاقتصاد البريطاني لايزال هشاً وإن كان قد حقق نمو في الربع الأخير من العام السابق بنسبة 0.4% و الذي جاء بعد ستة أرباع متتالية من الإنكماش ومدفوعا بالتدخل الحكومي في الأسواق و ارتفاع حجم الانفاق العام الذي كان له التاثير الأكبر على تحقق النمو.
بالنسبة للقراءة الأولية عن الربع الأول فقد أظهرت تراجع وتيرة النمو بمقدار النصف لتصل إلى مستوى 0.2% فيما ينتظر أن تصدر القراءة التمهيدية للناتج المحلي الإجمالي و التوقعات تشير إلى ارتفاع القراءة لتسجل مستوى 0.3%.
واشار تقرير التضخم الربع السنوي ببطئ عملية النمو في الربع الأول متاثراً ببعض العوامل المؤقتة التي تتمثل في تقليص السياسة المالية و قيام البنوك بتدعيم رأس المال و إعادة الهيكلة هذا بجانب إتجاه القطاع الخاص إلى الإدخار بدلا من الاستثمار في ظالة حالة عدم التأكد التي تنتاب الأسواق.
وذكر التقرير أن الاقتصاد من شأنه أن يشهد وتيرة أسرع للنمو في الربع الثاني هذا في ظل الاستفادة من تراجع قيمة الجنيه الإسترليني أمام العملات الرئيسية الأخرى وإن كان الأثر الإيجابي لذلك الضعف لم يؤثر بشكل كبير على عملية التعافي.
بالنسبة للميزان التجاري فإنه لايزال يشهد عجزاً هذا في ظل النمو السريع للواردات عن الصادرات، في شهر مارس/آذار ارتفعت الورادات بنسبة 5.2% وهو أعلى مستوى منذ الثمانية عشر شهر مدعومة بارتفاع الطلب على السيارات و السلع الوسيطة فيما ارتفعت الصادرات بنسبة 1.0% فقط.
وهناك عامل آخر يؤثر سلبا على عملية التعافي يتمثل في ضعف سوق العمل في الربع الأول، فوفقا لمعدل ILO للبطالة سجل نسبة 8.0% وأظهر ارتفاع عدد العاطلين إلى أعلى مستوى منذ عام 1994 بمقدرا 53 الف عاطل في تلك الفترة فقط ليصل إجمالي عدد العاطلين في البلاد نحو 2.51 مليون شخص.
وفور تولي السيد دافيد كاميرون زعيم حزب المحافظين زمام الأمور في البلاد بالإئتلاف مع حزب الأحرار الديمقراطيين تم الإعلان عن تطبيق إجراءات لخفض العجز بقيمة 6.00 بليون جنيه إسترليني خلال العام الحالي في محاولة لحل هذه المعضلة و إن كانت تزيد من المخاوف في الأسواق فيما يتعلق بالتأثير على عملية التعافي، فيما ينتظر أن يعلن السيد جورج أوسبورن وزير المالية في الشهر القادم عن تفاصيل خطة الإجراءات من أجل خفض العجز.
التوقعات الأخيرة للبنك البريطاني أشارت إلى أن الاقتصاد من شأنه أن يحقق نمو بنسبة 3.5% في بداية عام 2012، و يشير البنك إلى أن تلك التوقعات إعتمدت على أساس أن سعر الفائدة يبقى منخفضا عند مستوى 0.5% خلال العام الحالي إلى أن يرتفع ليسجل مستوى 1.7% بنهاية عام 2011.