بغداد، 10 أغسطس/آب (إفي): شهدت عدة مدن عراقية من بينها العاصمة بغداد ومدينة الموصل، ثاني اكبر مدن البلاد، خلال الايام القليلة الماضية وحتى اليوم سلسلة انفجارات ادت الى مقتل وجرح العشرات غالبيتهم من الشيعة.
واثار هذه الحوادث المخاوف من امكانية عودة العراق إلى دوامة العنف والاقتتال الطائفي الذي اجتاح مدنها عام 2006 ، وخلف مئات القتلى والجرحى وآلاف المهجرين.
وتنقلت موجة العنف الاخيرة بين العديد من مكونات المجتمع العراقي، حيث ابتدأت بمهاجمة المسيحيين في الموصل وبغداد، ومن ثم اتجهت الى محافظة الانبار السنية غربي العراق مخلفة عشرات الضحايا، وعادت لتضرب مجموعة من الحسينيات الشيعية في بغداد والموصل، وكأنها لاتريد ان تستثني احدا من ابناء العراق.
ويرى اغلب المحللين والمتابعين للشأن العراقي ان الهجمات الاخيرة كانت ذات طابع سياسي اكثر منه طائفي، على الرغم من انها استخدمت المفهوم الطائفي للوصول الى اهدافها.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي رائد الجبوري لمراسل (إفي) ان الاحزاب والكيانات السياسية التي اثبتت وجودها في الساحة العراقية من خلال العزف على الوتر الطائفي في السنوات التي تلت احتلال البلاد عام 2003 ، لازالت تريد التمسك بالمواقع والمكتسبات التي حققتها.
وأكد أن "هذا امر اصبح غير ممكن في ظل حالة الوعي التي وصل اليها المجتمع العراقي من خطر الطائفية ونتائجها المريرة خلال السنوات الماضية".
واوضح الجبوري ان هناك احزاب وقوى سياسية طائفية تقف وراء هذه الهجمات لانها تريد ان تستغل حالة الخوف والقلق من الانفجارات وتردي الاوضاع الامنية للعمل على اعادة المواطن العراقي الى التخندق الطائفي، لاغراض انتخابية.
وراى الكاتب الصحفي عزيز العبيدي، ان اعادة العراق الى الحرب الطائفية هو هدف سياسي تقف خلفه احزاب وشخصيات فاعلة في الساحة العراقية بالدرجة الاولى، ولديها القدرة على تنفيذ اهدافها دون ان يتم الكشف عنها، لافتا الى ان جميع التحقيقات التي فتحت بعد تفجيرات بغداد والموصل الاخيرة لم تصل إلى شئ ولم يتم الاعلان عن نتائجها.
وتابع انه بالاضافة الى الاجندات الداخلية فأن هناك ايادي خارجية تلعب دورها في الملف العراقي، لافتا الى ان ايران تعد من اكبر اللاعبين في الساحة العراقية ولها اهدافها الخاصة من خلال التدخلات في هذا البلد ومنها تصفية حساباتها مع امريكا والغرب في اطار الصراع حول ملفها النووي.
واتهم اثيل النجيفي محافظ نينوى (شمال بغداد) الاكراد بالوقوف وراء الهجمات الاخيرة في المحافظة، والتي استهدفت بشكل اساس بعض القرى التي تسكنها غالبية شيعية وادت الى مقتل وجرح العشرات.
وكان انفجار سيارة مفخخة قرب حسينية للشيعة في قرية شليخان السفلى قرب مدينة الموصل يوم الجمعة الماضي، ادى الى مقتل 38 شخصا واصابة نحو 267 اخرين بجروح مختلفة وتدمير عدد من منازل القرية.
وفي وقت سابق اليوم ادى انفجار شاحنتين ملغمتين في قرية خزنة التي تسكنها غالبية من الشيعة الشبك الى مقتل 30 شخصا واصابة 160 اخرين بجروح مختلفة وتدمير 40 منزلا، حسب اخر احصائية للشرطة.
اما في بغداد فقد انفجرت سيارة ملغمة في ساحة لتجمع عمال الاجر اليومي في منطقة الشرطة الرابعة جنوب غربي بغداد صباح اليوم، اسفر عن مقتل تسعة من العمال واصابة 36 اخرين بجروح مختلفة، فيما ادى انفجار سيارة ملغمة في ساحة لتجمع العمال في حي العامل الى مقتل سبعة منهم واصابة 46 بجروح.
جدير بالذكر ان العاصمة بغداد شهدت يوم الجمعة الماضي سلسلة هجمات استهدفت الزوار الشيعة العائدين من مدينة كربلاء (110 كلم جنوب بغداد)، بعد انتهاء زيارة المنتصف من شعبان واحياء ذكرى ولادة الامام المهدي.
يذكر ان رئيس الوزارء العراقي نوري المالكي قد طالب العراقيين الأحد بمزيد من المواقف الوطنية والابتعاد عن الطائفية، محذرا من وجود اجندات تستهدف الوحدة الوطنية.
واكد "لقد إستعاد العراق عافيته بعد أن قضينا على الطائفية ولن نسمح بعودتها من جديد، وكان للعشائر دور بارز في هذا الاطار"، مشددا ان "خيارنا الوحيد هو المشروع الوطني ، وللأسف نجد من يقف أمام هذا التوجه لأنه لايحقق مصالحه".
ويتفق معه في الرأي، عبدالكريم السامرائي، نائب رئيس لجنة الامن والدفاع في البرلمان، الذي قال ان التفجيرات الاخيرة تستهدف الوحدة الوطنية واعادة البلاد الى العنف الطائفي، مؤكدا ان المواطن العراقي اصبح الآن اكثر وعيا من مخاطر الحرب الطائفية، ولن يتمكن احد من جره إليها. (إفي)