- Investing.com في ظل انتشار العملات الرقمية وخاصة "بتكوين" والبطاقات البنكية ووسطاء السداد الإلكتروني، أصبح هناك سبلًا عديدة للدفع، وصارت الضغوط على استخدام النقدية في تسوية المعاملات وإتمام المدفوعات أكبر بكثير من أي وقت مضى، وتزايد معها توقعات اختفاء الأموال النقدية.
خلال السنوات الأخيرة، ظهرت خدمات عديدة مثل "باي بال" و"سكوير كاش" و"فينمو"، وتطبيقات الدفع من خلال الجوال، والعملات الرقمية المشفرة التي يمكن تبادلها خارج نطاق سيطرة البنوك المركزية، وغيرها من الخدمات والابتكارات المحلية في عدد من الدول، تحفز على عدم الاعتماد على السيولة النقدية.
ففي وقتنا الحالي، بينما تحتاج التحويلات البنكية من 24 إلى 48 ساعة لإتمامها، يمكن للعملات الرقمية تسوية المعاملات خلال دقايق قليلة وحتى ثوان، مقابل رسوم إدارية أقل، إلى جانب سهولة إتمام العملية وأمانها، وهذا ما يجعلها الطريقة المفضلة للسداد خاصة في ظل ابتعاد التجار والبائعين عن المستهلكين لمئات أو آلاف الكيلو مترات.
وكشفت دراسة للاحتياطي الفيدرالي تم إجراؤها عام 2015، وجود نمو مطرد في طرق الدفع غير النقدية، كما أظهرت وصول إجمالي المدفوعات غير النقدية في الولايات المتحدة، بما في ذلك بطاقات الخصم والائتمان والشيكات وبعض المعاملات الإلكترونية إلى 144 مليار دولار، مرتفعة بحوالي 21 مليار دولار مقارنة بعام 2012.
وبحسب اتحاد تجار التجزئة البريطاني، كانت ثلاثة أرباع مبيعات التجزية في بريطانيا خلال العام الماضي، تتم من خلال البطاقات البنكية، وهذا دليل عل زيادة اعتماد المستهلكين على طرق الدفع غير النقدية في المعاملات منخفضة القيمة.
وبدوره، قال السير "ديف رامسدن" نائب محافظ بنك إنجلترا، إن الأموال النقدية ستظل عاملًا جوهريًا للاقتصاد خلال المستقبل، فهي وسيلة لضمان تمتع المواطنين بحرية اختيار كيفية إجراء معاملاتهم المادية، مؤكدًا على أهمية إدارة مسألة تراجع الاعتماد على النقدية، بما يضمن عدم استثناء أي شخص أو شركة من إتمام المعاملات.
وبحسب بيانات الاحتياطي الفيدرالي، فإن النقدية ستظل الطريقة المثلي لإتمام المعاملات المادية، بالرغم من تراجع هيمنتها خلال السنوات الأخيرة، إذ شكلت النقدية حوالي 31% من جميع المعاملات داخل الولايات المتحدة خلال عام 2016، إلا أن هذه النسبة جاءت متراجعة مقارنة بعام 2012، والتي كانت تبلغ فيه 40%.
ويتوقع الخبراء، زوال النقود منذ ما يقرب من 60 عامًا، بحسب "بي بي (LON:BP) سي"، خاصة مع زيادة الاعتماد على بطاقات الائتمان والخصم، وظهور طرق دفع جديدة غير الملموسة، وظهور العملات الرقمية مؤخرًا، ولكن بالنظر إلى العلاقة النفسية بين الأشخاص والأموال الملموسة، سنجد أنه من السابق لأوانه الخوض في هذا الحديث.
وبالطبع هناك صعوبة بالغة في التنبؤ بعواقب الاستغناء عن النقدية، والدليل على ذلك ما حدث في السويد والهند، ففي الأولى، تم حظر فئتين من العملة المحلية هما الأكثر تداولًا، وأعلن البنك المركزي السويدي نجاح خطته، إذ تراجعت المدفوعات في قطاع التجزئة من 40% خلال عام 2010، إلى 15% خلال عام 2016، ومن المتوقع أن تتخلى السويد عن السيولة النقدية تمامًا بحلول عام 2030.
أما في الهند، فعندما أعلنت الحكومة الهندية منع فئتين تشكلان حوالي 86% من الأموال المتداولة داخل البلاد، تعرضت إلى اضطرابات وتقلبات اقتصادية حادة، حيث فقدت 1.5 مليون وظيفة خلال أشهر قليلة من إعلان هذا القرار.