القاهرة، 8 فبراير/شباط (إفي): جدد المتظاهرون في مصر رفضهم لحلول الوسط والتسويات، وردوا بمظاهرات حاشدة اليوم في ميدان التحرير بقلب القاهرة وعدد من المدن الأخرى للتأكيد على تمسكهم برحيل نظام الرئيس المصري حسني مبارك.
واتسع نطاق المظاهرات في ميدان التحرير وامتد إلى البرلمان ومقر رئاسة الحكومة القريبين، حيث حاصرهما آلاف الأشخاص وطالبوا بحل مجلسي الشعب والشورى اللذين وصفوهما "بالمزورين".
وكان المتظاهرون في ميدان التحرير قد أعلنوا عن تنظيم مظاهرات "مليونية" أيام الأحد والثلاثاء والجمعة في إطار ما أطلقوا عليه "أسبوع الصمود"، بالتوازي مع تواصل الاعتصام في الميدان القاهري حتى الاستجابة لمطالبهم وفي مقدمتها تنحي مبارك (83 عاما) عن السلطة.
وبالإضافة إلى تواصل المظاهرات التي داخلت اليوم أسبوعها الثالث في القاهرة، شهدت مدن الإسكندرية والمنصورة والإسماعيلية وسوهاج والفيوم والوادي الجديد والعريش مسيرات احتجاجية حاشدة ضد النظام الحاكم في مصر.
وكانت السلطات المصرية قد أعلنت عن تنفيذ خطوات تقول إنها تهدف لتمهيد الطريق أمام الانتقال السلمي للسلطة لتهدئة الاحتجاجات الشعبية.
وقال نائب الرئيس المصري عمر سليمان إنه عرض على مبارك ما تم التوصل إليه خلال الحوار الذي أجراه خلال الأيام الماضية مع قوى المعارضة والأطياف السياسية المختلفة في البلاد، بما فيها شباب "25 يناير" وجماعة الإخوان المسلمين.
وأضاف سليمان في مؤتمر صحفي صباح اليوم أن مبارك أبدى ترحيبه بما تم التوصل إليه، مشيرا إلى أن ما تم الاتفاق عليه بشكل مبدئي "يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للخروج من الأزمة"، مشددا على ضرورة مواصلته والانتقال به إلى "خريطة طريق واضحة بجدول زمني محدد" على طريق الانتقال السلمي للسلطة.
وأوضح أن مبارك وقع قرارا جمهوريا بتشكيل اللجنة الدستورية التي ستقوم بالتعديلات الدستورية اللازمة، المتعلقة بنظام الترشح للرئاسة، إلى جانب تشكيل لجنة أخرى تقوم بمتابعة التنفيذ "الأمين" لما تم الاتفاق بشأنه خلال الحوار، مشيرا إلى أن هاتين اللجنتين ستبدآن ممارسة عملهما اعتبارا من اليوم.
وأعلن نائب الرئيس المصري أنه تقرر كذلك تشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق في الأحداث التي شهدها ميدان التحرير يوم الأربعاء الماضي، في إشارة إلى المواجهات الدموية التي وقعت عندما حاول مؤيدون لمبارك اقتحام الميدان الذي يعتصم به آلاف من المتظاهرين المعارضين للرئيس، ما أسفر عن مقتل 11 على الأقل وإصابة مئات آخرين.
وقال سليمان إن اللجنة المذكورة ستبدأ عملها خلال الأيام المقبلة بمجرد إتمام تشكيلها، موضحا أنها ستقوم برفع تقاريرها إلى النائب العام لاتخاذ ما يلزم من إجراءات.
وأكد سليمان أن الرئيس مبارك تعهد أيضا بعدم ملاحقة الشباب المتظاهرين وعدم التضييق عليهم ومنحهم الحرية في التعبير عن آرائهم.
واختتم سليمان حديثه بالإشارة إلى أن الرئيس كلفه بمواصلة الحوار الوطني وتلقي تقارير اللجان الثلاثة للمضي قدما في إجراءات المرحلة الانتقالية.
ويرى المراقبون أن نجاح المحتجين في تنظيم تظاهرات جديدة مشابهة لتلك التي اجتاحت عدة مدن مصرية منذ بدأت الاحتجاجات في 25 يناير/كانون ثان الماضي شكل اختبارا لقدرتهم على الاستمرار في الضغط على الحكومة، التي تحاول بدورها تقليص المساحة التي يشغلها المتظاهرون منذ نحو أسبوعين في الميدان الذي يقول المعتصمون فيه أنه أصبح "رمزا لثورتهم".
ويشار إلى أن جانبا كبيرا من شباب "25 يناير" أعربوا عن معارضتهم لما تم التوافق بشأنه في جلسات الحوار التي جرت بين سليمان والمعارضة، نظرا لتجاهله مطلبهم الاساسي المتمثل في رحيل الرئيس مبارك قبل نهاية ولايته الدستورية في سبتمبر/أيلول.
وقالت شخصيات من قوى معارضة، بعضها كان ممثلا في الاجتماع مع سليمان، من بينها الإخوان وحركة "25 يناير"، إنها لن توقف التظاهرات والاحتجاجات قبل رحيل الرئيس.
وفي سياق متصل، قرر حوالي 200 ألف شخص على موقع "فيس بوك" تفويض المدون المصري وائل غنيم الذي أطلقت قوات الأمن سراحه أمس للحوار باسم المتظاهرين مع النظام المصري.
وكانت التظاهرات قد انطلقت بدعوة من صفحة "كلنا خالد سعيد" التي دشنها غنيم على "فيس بوك" للدفاع عن حقوق الإنسان في مصر، ولاقت استجابة من عشرات الآلاف على موقع التواصل الاجتماعي، وهو ما ترجم لواقع باحتجاجات واسعة في 25 من الشهر الماضي.
بعد ذلك، شهدت العديد من مناطق البلاد تظاهرات واسعة النطاق يوم 28 من نفس الشهر أطلق عليها "جمعة الغضب"، وأعقبتها ثلاثة "مظاهرات مليونية" ناجحة أيام الثلاثاء والجمعة والأحد الماضية. (إفي)