تحدث رئيس البنك الفدرالي الأمريكي بن برنانكي أمام حزمة من رجال الأعمال المجتمعين في دالاس يوم أمس، حيث أكد برنانكي على أن الاقتصاد لم ينتعش بالشكل الكافي لتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين الأمريكيين، وبالتالي فمن المبكر قيام البنك الفدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة الرئيسية، نظراً لكون الاقتصاد الأمريكي ما زال يسير في عجلة الانتعاش والتعافي من تبعات أسوأ أزمة مالية تعم البلاد منذ الحرب العالمية الثانية دون ظهور أية تهديدات تضخمية.
وأضاف برنانكي بأن أحد أبرز المشاكل والعقبات التي تواجه الاقتصاد في الوقت الحالي تكمن في ارتفاع معدلات البطالة بل وفي ظروف قطاع العمالة بشكل عام، مشيراً إلى أن مخاوفه تتركز على المواطنين الذين فقدوا وظائفهم خلال الربعين الماضيين، قائلاً "نحن ما زلنا لم نحصل على مكاسب الوظائف، ولكننا نسعى لذلك ونرغب فيه".
وكانت اللجنة الفدرالية المفتوحة قد أصدرت هذا الاسبوع محضر اجتماع اللجنة والذي انعقد في السادس عشر من آذار لتحديد أسعار الفائدة الرئيسية، حيث سلط صناع القرار الضوء على قطاع العمل خلال ذلك المحضر، حيث ترى اللجنة بأن الضعف في القطاع سيكون السبب الرئيس لأي نكسة في عجلة التعافي والانتعاش مستقبلاً، ولكن وتيرة التعافي والانتعاش التي شهدناها خلال الفترة الماضية ما تزال هادئة بعض الشيء مما يبقي على مستويات التضخم منخفضة وضمن السيطرة، ليصرح الفدرالي الأمريكي بأن أسعار الفائدة الرئيسية سوف تبقى ضمن معدلات متدنية وبشكل استثنائي لفترة أدول من الزمن.
أما نائب رئيس اللجنة الفدرالية المفتوحة دودلي فقد قال: "نظرتنا لواقع الاقتصاد في الوقت الحالي تقول بأن أسعار الفائدة الرئيسية بحاجة إلى أن تكون منخفضة بشكل استثنائي لفترة طويلة" مضيفاً "نود أن نرى توفير فرص عمل أكثر بكثير مما حصل خلال الآونة الأخيرة".
يذكر بأن تقرير الوظائف الأمريكي والذي صدر يوم الجمعة الماضي أظهر نجاح الاقتصاد الأمريكي في توفير أكثر من 160 ألف فرصة عمل خلال شهر آذار، بالمقارنة مع إحصائيات شهر شباط والتي أظهرت توفير الاقتصاد الأمريكي لحوالي 36 ألف وظيفة، وعلى الرغم من ذلك إلا أن معدلات البطالة بقيت دون أي تغيير عند معدلات 9.7% مما يضع المزيد من الضغوط على عجلة التعافي والانتعاش، والتي قد نشهد تأخرها بسبب ذلك.
وفي الوقت نفسه، فإن وزير الخزينة الأميركي غايتنر يزور الصين حالياً لمناقشة موضوع فك الارتباط بين عملتها اليوان والدولار الأمريكي، وترك العملة الصينية لتتحرك وفق ضوابط السوق، كما وسيلتقي غايثنر نائب رئيس مجلس الوزراء الصينى، في محاولة أمريكية للمضي قدماً في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وإغلاق الفجوة التي اتسعت بين البلدين حول المسائل المالية وخاصة موضوع العملة الصينية، حيث ترى الولايات المتحدة الأمريكية موضوع العملة على أنه تهديد حقيقي للتعاون بين اثنين من أكبر القوى الاقتصادية الرئيسية في العالم -أمريكا والصين- هذا وسبحث الطرفان آخر مستجدات الملف النووي الايراني وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك كقضية التبت.
وينتظر المستثمرون اليوم عزيزي القارئ صدور بيانات مؤشر طلبات الإعانة الأسبوعية عن الاقتصاد الأمريكي، على الرغم من كونه مؤشراً ذو أهمية متوسطة في ظل إصدار كل من البنك المركزي الأوروبي والبنك المركزي البريطاني لقرار أسعار الفائدة الرئيسية، حيث تشير التوقعات إلى بقاء معدلات الفائدة في أوروبا ضمن مستويات متدنية عند 1.00% نظراً لكون المنطقة الأوربية توقفت عن النمو خلال الربع الرابع من العام الماضي بحسب بيانات الناتج المحلي الاجمالي يوم أمس، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.1%، في حين تشير التوقعات إلى قيام البنك المركزي البريطاني بالإبقاء على سعر الفائدة عند مستوى 0.50% طوال هذا العام، و الابقاء على برنامج شراء الأصول عند قيمة 200.00 مليار جنيه إسترليني خلال شهر نيسان.
وستكون الأسواق اليوم رهن بما يراه المستثمرون بالاعتماد على الأرقام التي ستصدر عن تلك الاقتصاديات خلال الساعات القليلة القادمة، والتي ستحمل لنا نظرة مستقبلية لاقتصاديات أوروبا والمملكة المتحدة، مع الإشارة إلى استمرار مشاكل الديون اليونانية، والتي ما زالت تؤثر على اليورو، وسط توقعات تشير إلى أن أوروبا ستحتاج إلى المزيد من الوقت لتحقيق الانتعاش والتعافي، وتمكين الاقتصاد من الوصول إلى الانتعاش الكامل من تبعات أسوأ أزمة مالية تعم العالم منذ الحرب العالمية الثانية.