بغداد، 4 مارس/آذار (إفي): تعد الانتخابات البرلمانية التي ستجرى الأحد القادم الأهم في تاريخ العراق، حيث تضع النظام السياسي الذي تم تشكيله على مدار السنوات الخمس الماضية أمام اختبار حقيقي، لتجاوز مرحلة ما بعد سقوط نظام صدام حسين، والخروج من نفق الصراعات الطائفية.
ويخوض الانتخابات ستة آلاف مرشح يتنافسون على مقاعد البرلمان البالغ عددها 325 مقعدا، وينتمون لتحالفات وتكتلات سياسية مختلفة تسعى لضم جميع الطوائف العراقية وتحقيق المصالحة المنشودة بينها.
ويعتبر البرلمان الذي من المقرر ان يتم انتخابه الاحد هو الثاني منذ الاطاحة بصدام حسين في 2003 حيث عقدت في يناير/كانون ثان 2009 انتخابات المجالس البلدية، والتي لم يشارك بها التيار السني، بينما اختير المجلس الحالي في ديسمبر/كانون أول 2005.
ولأول مرة في تاريخ البلاد يذهب العراقيون للانتخابات على اساس القوائم المفتوحة، وهو ما من شأنه ان يسمح للناخبين بالتصويت لاختيار تكتل سياسي معين لتمثيلهم، أو أحد مرشحيه بشكل مستقل.
ويرى بعض السياسيين العراقيين، من بينهم النائب والمرشح المستقل المدرج ضمن قائمة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، عزت الشاهبندر، ان "هذا النظام سيسمح بالوقوف على مدى الشعبية التي يتمتع بها كل مرشح بين الناخبين".
وتشير التوقعات إلى أن أيا من الائتلافات المتنافسة لن تنجح في الحصول على المقاعد اللازمة لتحقيق الأغلبية التي تسمح لأحدهم بتشكيل الحكومة القادمة دون الدخول في تحالفات.
ويرى العديد من المراقبين ان الائتلاف الذي يرأسه نوري المالكي، ويعرف بإسم "دولة القانون"، الذي ينتمي أغلب أعضاءه إلى حزب الدعوة، يعتبر من أقوى المرشحين للحصول على أكبر عدد من المقاعد، التي يتوقع مقربون من المالكي ان تصل إلى المائة.
ويأمل رئيس الوزراء، طبقا لما أكدته مصادر سياسية مقربة منه، في حصول ائتلافه على 120 مقعدا في البرلمان، وإن كانت بعض التوقعات الأقل تفاؤلا تشير إلى أن نصيبه لن يتعدى 80 أو 90 مقعدا، وهو ما سوف يضطره إلى الدخول في تحالفات لتشكيل حكومة جديدة، وهو ما يؤكده الشاهبندر.
وكان المالكي قد وصل إلى رئاسة الحكومة في ابريل/نيسان من عام 2006 بوصفه شخصية توافقية عقب فشل سلسلة من المفاوضات استمرت قرابة خمسة شهور في تخطي حالة التشتت والفرقة السياسية التي عصفت بالبلاد في تلك الفترة.
ويخوض المالكي الانتخابات الحالية في ظل عدم رضاء شريحة كبيرة من العراقيين عن سياسة وانجازات حكومته خلال السنوات الماضية، بسبب عدم وفاءه بالكثير من الوعود الانتخابية السابقة، فضلا عن عدم قدرته على السيطرة على الفساد والعنف.
يذكر ان العديد من التقارير وضعت العراق ضمن أكثر الدول تعرضا للفساد على مستوى العالم، فيما تسببت سلسلة الاعتداءات الارهابية التي وقعت في الفترة بين أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين أول الماضيين، واستهدفت عددا من المباني والشخصيات العامة، في اهتزاز صورة المالكي.
وفي هذا الصدد، يقول القيادي بحزب الدعوة علي الأديب ان "التفجيرات التي ضربت البلاد العام الماضي كانت الهدف منها هو التقليل من أهمية النجاح الذي حققه ائتلاف المالكي".
ويخوض المالكي الانتخابات المقبلة بعد أن تخلى عنه بعض شركائه السياسيين، والذي كان استمرارهم معه سيساهم في حصوله على السلطة مجددا بشكل أكثر سهولة.
ويعد التحالف الوطني العراقي أقوى الائتلافات القادرة على عرقلة مساعي المالكي لإعادة تشكيل الحكومة، حيث يترأسه أكبر الأحزاب الشيعية وهو المجلس الإسلامي الأعلى العراقي، الذي يضم بين أعضائه جماعة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
ومن أبرز الأسماء التي يضمها هذا الائتلاف وزير المالية الحالي باقر جبر الزبيدي ورئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري.
كما ان المالكي سوف يكون عليه مواجهه منافسين آخرين لا يستهان بهم، مثل رئيس الوزاء السابق إياد علاوي (شيعي)، ونائب رئيس الجمهورية الحالي طارق الهاشمي (سني)، وجميعهم يخوض الانتخابات ضمن ائتلاف القائمة العراقية.
وتم استبعاد صالح المطلك، رئيس جبهة الحوار الوطني، من القائمة العراقية بعد ان رفض ترشحه مع المئات من المرشحين الاخريين على خلفية مزاعم تربطهم بالنظام العراقي السابق.
وتسببت قرارات رفض المرشحين، وخاصة من السنة، في اثارة بعض الدوائر السياسية، التي اعتبرتها بمثابة دليل على عدم الفاعلية الكاملة لتخطي نزعات الانتقام وتصفية الحسابات السياسية بين مختلف طوائف العراق.
وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي خليفة هادي ان قرارات رفض المرشحين "تجعل المصالحة العراقية بمثابة حلم"، إلإ انه يرى من المفيد الانتظار حتى ظهور النتائح، على اعتبار ان "الانتخابات ستحدد ما إذا كان العراق يتجه نحو مرحلة بناء نظام سياسي مستقر، تعزز التعايش السلمي، أو أنه متجه إلى الانحدار، ليدخل نفق النزاعات الطائفية المظلم". (إفي)