يبدأ الاقتصاد الأمريكية أسبوعه الحالي بهدوء تام، قد يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة، نظراً لأهمية البيانات والأخبار الاقتصادية والتي ستصدر عن الاقتصاد الأمريكي خلال الأسبوع الحالي، في ظل ترقب المستثمرين والأسواق لاجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة والخاص بأسعار الفائدة يوم غد الثلاثاء.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن بيانات الأسبوع الماضي والصادرة عن الاقتصاد الأمريكي كانت من العيار الثقيل أيضاً، حيث أكدت تلك البيانات على أن مستويات الدخل والإنفاق لا تزال ضعيفة ضمن الاقتصاد الأكبر في العالم، وسط ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، والتي تقف عند أعلى مستوى لها في حوالي 25 عاماً عند 9.5 بالمئة، الأمر الذي يثقل كاهل كافة قطاعات الاقتصاد الأمريكي ومستويات الإنفاق في تلك القطاعات، مع العلم بأن الإنفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
إلّا أن عاملاً آخر لا يزال يقف كالشوكة في حلق عجلة التعافي والانتعاش ضمن الاقتصاد الأمريكي، والمتمثل في تشديد شروط الائتمان، الأمر الذي يعمل أيضاً على الحد من مستويات الإنفاق في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك وسط معاناة قطاع العمالة الأمريكي كما أسلفنا، حيث لا يزال القطاع يبحث عن استقراره المفقود، مع الإشارة إلى أن حالة من التخوف تسيطر على أرباب العمل في الولايات المتحدة، الأمر الذي يمنعهم من توفير المزيد من فرص العمل، ولذلك فإن القطاع لا يزال يقطر دماً.
وقد ارتفعت مؤشرات الأسهم الأمريكية قبيل افتتاح جلسة اليوم، الأمر الذي زاد من مستويات الثقة في الأسواق وبالأخص في ظل غياب الاقتصاد الأمريكي عن إصدار أية بيانات اليوم، حيث ارتفع مؤشر الداو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة بواقع 0.3 بالمئة، ليصل إلى مستويات 10649 نقطة، بينما ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في تعاملاته الآجلة بنسبة 0.4 بالمئة، ليتداول حالياً عند مستويات 1123.80 نقطة، أما مؤشر الناسداك 100 فقد ارتفع في تعاملاته الآجلة بنسبة 0.4% ليصل إلى 1909.50 نقطة، (البيانات مسجلة في تمام الساعة 10:29 صباحاً بتوقيت لندن).
هذا الارتفاع جاء على ضوء توقعات الأوساط الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية تفيد بأن الاقتصاد الأمريكي قد يعلن عن إجراءات جديدة لدعم معدلات النمو في الولايات المتحدة الأمريكية خلال اجتماع لجنته المفتوحة للإعلان عن أسعار الفائدة يوم غد الثلاثاء.
وبما أن الدولار الأمريكي تراجع مقابل معظم العملات الرئيسية، فقد ارتفعت أسعار كل من الذهب والنفط، نظراً للعلاقة العكسية التي تربط الدولار الأمريكي بالمعادن والسلع الأساسية، لنشهد افتتاح الذهب لتداولاته اليوم عند 1205.09 دولار أمريكي للأونصة، في حين يتداول الذهب حالياً عند مستويات 1206.55 دولار أمريكي للأونصة، أما النفط فقد شهد ارتفاعاً ليتداول حالياً عند مستويات 81.61 دولار أمريكي للبرميل، عقب ارتفاعه 0.78 دولار أمريكي.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن الاقتصاد الأمريكي يبخل علينا بالبيانات والأخبار الاقتصادية اليوم، في حين تشير التوقعات إلى أن الأسواق ستشهد تقلباً ملحوظاً في تداولات اليوم، ولكن معظم المستثمرين سيتوجهون نحو الأسهم، السلع الأساسية، الأصول ذات العائد المرتفع، لتوسع تلك الأدوات المالية من دائرة ارتفاعها، عقب تحسن مستويات الثقة، على ضوء ترقب المستثمرين للجديد الذي سيأتي به البنك الفدرالي الأمريكي يوم غد الثلاثاء، مع العلم بأن التوقعات تشير إلى أن البنك الفدرالي الأمريكي سيبقي على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير عند مستوياتها المتدنية الحالية ما بين 0.00% و 0.25% وذلك لدعم عجلة النمو الاقتصادي في البلاد.
وبسبب ما تقدم فإن مؤشرات الأسهم ستواصل ارتفاعها اليوم، أما الدولار الأمريكي فسيتراجع مقابل معظم العملات الرئيسية بحلول افتتاح الجلسة الأمريكية، ولكن وبشكل عام فإن المستثمرون سيركزون على الأصول ذات العائد المرتفع والاستثمارات ذات الخطورة المرتفعة، الأمر الذي سيرفع من أسعار السلع الأساسية.
وفي النهاية عزيزي القارئ، فإن الوضع في الاقتصاد الأمريكي لا يزال غامضاً بشكل أو بآخر، ولا يزال مستقبل الاقتصاد الأمريكي قيد أسر الغموض أيضاً، وذلك عقب تراجع أداء كافة قطاعات الاقتصاد مؤخراً وبحسب كافة البيانات والمؤشرات الاقتصادية الأمريكية، الأمر الذي قاد الاقتصاد الأمريكي للنمو بنسبة 2.4 بالمئة فقط خلال الربع الثاني من العام الجاري 2010، حيث من المتوقع أن يعلن الفدرالي الأمريكي عن تسهيل سياساته النقدية يوم غد بسبب ذلك، فهل سيصلح العطار ما أفسد الدهر؟!!