أصدر الاقتصاد الأميركي اليوم بيانات بغاية الأهمية والتي تعكس أداء الاقتصاد وسط توقعات البنك الفدرالي وتصريحاته حول مستويات التضخم، حيث أظهر مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري بأن مستويات التضخم لا تزال تحت السيطرة، وهذا ما أشار إليه البنك الفدرالي مسبقا وهو أن مستويات التضخم لا تعتبر تهديدا خلال الفترة المقبلة.
حيث جاء مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري خلال تشرين الثاني ليصل إلى القراءة الصفرية بأدنى من القراءة السابقة التي بلغت 0.2% وبأدنى ايضا من التوقعات التي بلغت 0.1%، أما على الصعيد السنوي فقد بقي المؤشر دون أي تغيير ليستقر عند القراءة السابقة التي بلغت 1.4% وبأدنى من التوقعات التي أشارت بارتفاع المؤشر ليصل إلى 1.5%، في حين أن مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي المثبط للفترة نفسها ارتفعت لتصل إلى 1.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.2% وبأدنى من التوقعات التي بلغت 1.6%.
ونشير هنا عزيزي القارئ أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يواجه الصعوبات التي تقف عائقا أمام تقمه والتي تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني والتي تستمر بالتأثير السلبي على النشاطات الاقتصادية، إلا أن الأسواق ستشهد طمأنينة اليوم وسط بقاء مستويات التضخم ضمن المستويات المتدنية أي ضمن المستويات المرغوبة من ضمن البنك الفدرالي تحت نسبة 2.0%.
والجدير بالذكر أن البنك الفدرالي توقع خلال محضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة السابق بأن معدلات التضخم ستحوم حول نسبة 2.0% خلال العامين المقبلين، وبالتالي جاء اليوم مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري ليثبت هذه المقولة، واضعين بالاعتبار بالمقابل أن الكميات الضخمة من الأموال التي تم زرعها في النظام المالي ووسط توسيع البرامج التحفيزية من قبل الحكومة الأمريكية ساهمت بارتفاع أسعار الطاقة.
ومن المتوقع أن يتأثر إنفاق المستهلك من معدلات البطالة المرتفعة والأوضاع الائتمانية الصعبة وذلك بالرغم من أن التقارير الصادرة اليوم تشير إلى ارتفاع طفيف في الدخل والإنفاق الشخصي الأمريكيين، حيث ارتفع الدخل الشخصي خلال تشرين الثاني ليصل إلى 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.2% والتي تم تعديلها إلى 0.3% وبادنى من التوقعات التي بلغت 0.5%، بينما ارتفع الإنفاق الشخصي خلال تشرين الثاني ليصل إلى 0.5% وبأدنى من القراءة السابقة والتوقعات عند 0.7% والتي تم تعديلها إلى 0.6%.
ونشير أيضا أن معدلات البطالة عزيزي القارئ لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ 26 عام لتصل خلال تشرين الثاني إلى 10.0% إلى جانب الشروط الصعبة التي يضعها البنوك والتي تحد من حصولب المستهلكين على قروض جديدة خلال الفترة الماضية، ومن المتوقع أن يبقى هذا التأثير على الاقتصاد ليشكل عائقا أمام النشاط الاقتصادي، حيث من المحتمل أيضا أن يحد من نمو الاقتصاد خلال الربع الرابع، وهذا ما شهدناه في توسع الاقتصاد الأمريكي في القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي السنوي الصادر يوم أمس مشيرا أن الاقتصاد توسع بنسبة 2.2% مقابل 2.8%.
والاقتصاد الأمريكي يلزمه المزيد من الوقت ليحقق انتصاراته على أسوأ مرحلة من الركود منذ الكساد العظيم، إذ أن هذه العوائق ممكن أن تعيد الاقتصاد إلى دائرة الركود وسط تأثيرها على مرحلة التعافي الراهنة، والتي تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة وتضييق الشروط الائتمانية وتهيديات التضخم على المدى البعيد فضلا عن ضعف إنفاق المستهلك والتي تحد من ثروتهم.
كما صدر أيضا عن الاقتصاد الأمريكي القراءة النهائية لمؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك عن شهر كانون الأول حيث تراجعت لتصل إلى 72.5 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 73.4 وبأدنى من التوقعات التي بلغت 73.8.
بينما جاء قطاع المنازل الأمريكي ببيانات بغير المتوقع حيث تراجعت مبيعات المنازل الجديدة خلال تشرين الثاني إلى 355 ألف وحدة سكنية أو -11.3% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 430 ألف وحدة سكنية أو 6.2% والتي تم تعديلها إلى 400 ألف وحدة أو 1.8% وبأدنى من التوقعات التي بلغت 438 ألف وحدة او 1.7%، هذا وبالرغم من الدعم الحكومي في الإعفاء الضريبي، إلا ان ضعف إنفاق المستهلك حد من ارتفاع المبيعات خلال تشرين الثاني.
ومتحدثين بإيجاز عن الاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي، ألا وهو الاقتصاد الكندي، فقد أظهر هو الآخر الكثير من بوادر التعافي التدريجي، ولكن تبقى التأثيرات التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي تعتبر تأثيرات أيضا على الاقتصاد الكندي، حيث صدر اليوم عن الاقتصاد الكندي مؤشر الناتج المحلي الإجمالي عن تشرين الأول الذي أشار إلى توسع بنسبة 0.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.4% وبأدنى من التوقعات التي بلغت 0.3%، إلا أن الاقتصاد الكندي لا يزال يسير على خطى نظيره الاقتصاد الأمريكي نحو التعافي التدريجي، حيث أن الاقتصادين يعتبران العام المقبل 2010 هو عام التعافي الواضح، إلى أن يصلا إلى التعافي التام بحلول العام 2011.