من شين لابيه
فالنسين (فرنسا) (رويترز) - في الوقت الذي تحاول فيه فرنسا تسوية قضايا الأمن والهجرة خلال حملة الانتخابات الرئاسية يوظف كاتب مسرحي بلجيكي الفن كسلاح في الحرب على التطرف الديني.
وقد صادفت الكوميديا السوداء التي كتبها إسماعيل سعيدي (40 عاما) بعنوان "الجهاد" نجاحا لم يكن في الحسبان. وتدور أحداث المسرحية حول ثلاثة رجال في رحلتهم منكودة الحظ من حي شايربيك في بروكسل إلى مدينة حمص في سوريا.
وقال سعيدي وهو مسلم "كتبت هذه المسرحية لأقول ‘كفى. لابد من توقف ذلك‘. والآن أصبحت أكثر من مجرد مسرحية. أصبحت قضية اجتماعية حقيقية."
فقد هزت أحداث عنف فرنسا بما فيها هجوم بشاحنة أسفر عن مقتل 86 شخصا في نيس في يوليو تموز الماضي بعد هجمات منسقة وقعت في باريس في نوفمبر تشرين الثاني عام 2015 سقط فيها 130 قتيلا.
ويقول سعيدي إن الكتابة وسيلة لتحرير نفسه من الإحساس بالذنب الذي شعر به بعد أن تجنب الوقوع في الفخ الذي سقط فيه بعض معارفه.
ويضيف أن متشددين جندوا صبية مثله للحرب في أفغانستان عندما كان مراهقا يعيش في حي شايربيك. وبعد سنوات طويلة نشر أحد زملائه السابقين في الدراسة عام 2014 صورة على فيسبوك وهو يحمل بندقية في سوريا.
كما اكتسبت قضايا الإرهاب والهجرة أهمية في سباق انتخابات الرئاسة في فرنسا بسبب سفر حوالي 700 مواطن فرنسي للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
واقترح مرشح الوسط إيمانويل ماكرون الذي يتصدر السباق إقامة مراكز اعتقال لإعادة توجيه أصحاب الفكر المتشدد العائدين من سوريا والعراق.
أما مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية التي تمثل اليمين المتطرف فستطرد كل الأجانب الذين تربطهم صلات بالتشدد الإسلامي في حين أن فرانسوا فيون مرشح المحافظين حذر مرارا من خطر اعتناق مسلمي فرنسا الفكر المتشدد.
وتقدر الحكومة أن 11500 شخص اعتنقوا الفكر المتشدد في فرنسا وتعتزم إنفاق 15 مليون يورو (19 مليون دولار) هذا العام على برامج منع انتشار الأفكار المتشددة ارتفاعا من حوالي مليون يورو فقط عام 2014.
ومن مظاهر الحملة الجارية وجود مواقع إلكترونية لزيادة الوعي بأساليب التجنيد.
ويقول معارضون إن الحكومة لم تطرح استراتيجية متماسكة للتصدي للتشدد الديني بين مسلمي فرنسا البالغ عددهم خمسة ملايين.
غير أن مسؤولين حكوميين يقولون إن البرامج التي ترعاها الدولة يجب تعزيزها بمشروعات خاصة مثل مسرحية سعيدي التي استقطبت جمهورا كبيرا في جولتها على مدى عامين في فرنسا وبلجيكا.
وفي الفترة الأخيرة شاهدها أكثر من 700 من طلاب المدارس الثانوية في مدينة فالنسين بشمال فرنسا.
قالت الطالبة سارة مصدق (16 عاما) "بالمسرحيات من هذا النوع يمكنك فعليا أن تحدث تغييرا."
وأيدت مورييل دوميناش التي تقود الجهود الحكومية لمنع التحول إلى التشدد هذه المبادرة.
ويجادل بعض الخبراء بأن الجهاديين السابقين هم الوحيدون الذي يمكنهم الوصول إلى من هم عرضة للخطر.
تقول عالمة الانثروبولوجيا الفرنسية دنيا بوزار التي كانت تساعد الحكومة حتى العام الماضي في تدريب السلطات المحلية على مكافحة التطرف "هؤلاء عاشوا الوضع من الداخل ويعرفون الخيوط غير المرئية لعالم الجهاد المثالي."
دخل ديفيد فالات، الذي يظهر في إحدى الحملات الحكومية لمناهضة التطرف على الانترنت، السجن لمدة خمس سنوات خلال التسعينيات لانضمامه إلى شبكات تربطها صلات بالجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر.
وكان قد سافر قبل ذلك إلى البوسنة وأفغانستان. والآن يريد فالات، الذي يعمل مدير مشروع ويبلغ من العمر 45 عاما، قضاء وقته كله في قص حكايته. لكنه يقول إنه لا يمكنه توصيل صوته دون تمويل من الدولة.
وترفض السلطات الفرنسية التعاون مع الجهاديين السابقين احتراسا من احتمال عدم صدق ابتعادهم عن الأفكار المتطرفة.
وفي العام الماضي حاولت بوزار إقناع الحكومة بالعمل مع فريد بنيتو الموجه السابق للأخوان كواتشي اللذين هاجما صحيفة شارلي ابدو الأسبوعية الساخرة في يناير كانون الثاني عام 2015 وقتلا 12 شخصا.
لكن اقتراحها قوبل بالرفض.
وتقول بوزار "الحكومة شديدة الخوف. حتى أفضل الأئمة.. أفضل الأطباء النفسيين.. أفضل معلم لا يمكنه غرس الشكوك في شيء لم يعايشه."
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح) OLMEWORLD Reuters Arabic Online Report World News 20170315T142855+0000