وصلنا أخيراً إلى يوم الجمعة عزيزي القارئ، وهو اليوم المشهود للمستثمرين نظراً لانتظارهم بفارغ الصبر صدور تقرير الناتج المحلي الإجمالي في قراءته الأولى للربع الرابع من العام 2011، حيث تشير التوقعات إلى أن التقرير سيشير غلى نمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 3.0%، وذلك بسبب تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل عام في الولايات المتحدة خلال تلك الفترة، ناهيك عن تلقي الاقتصاد الأمريكي لدفعة جيدة من موسم الأعياد والعطلات.
وقد دعم القطاع الصناعي في الولايات المتحدة الأمريكية عجلة النمو الاقتصادي في البلاد خلال الفترة السابقة ليس بسبب معدلات الطلب المرتفعة فحسب، بل بسبب تخفيض مخزونات الشركات أيضاً، وذلك في سبيل تخفيض التكاليف ورفع نسب الأرباح، ولكن ضعف الأوضاع الاقتصادية والذي ما زال يدمر النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية، هذا إلى جانب الركود في معدلات الطلب والذي سيكون له تأثيره على أداء الاقتصاد في العام الحالي، مما سيؤثر على الاقتصاد ليمنعه من مواصلة النمو القوي، لذا فسنشهد قراءات معدلة للناتج المحلي الإجمالي سواءاً في قراءته للربع الرابع، أو حتى في الربع الأول من العام 2012.
ولا بد لنا من الإشارة عزيزي القارئ إلى أن ضعف معدلات الطلب، ارتفاع معدلات البطالة، إلى جانب تشديد شروط الإئتمان، ستواصل إثقال كاهل الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الأرجح سيتلاشى الارتفاع الذي شهدناه في أنشطة القطاع الصناعي، ليتبع نظيره قطاع المنازل حيث شهدنا في تقارير سابقة صادرة هذا الشهر عن قطاع المنازل بأن الأنشطة الاقتصادية ومبيعات المنازل لا تزال تقبع ضمن مستويات ضعيفة ومخيبة للآمال، على حد وصف البنك الفدرالي الأمريكي.
وقد يشهد العام 2012 تعثراً في عجلة التعافي والانتعاش بعض الشيء في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأت الدلائل المخيبة للآمال بالظهور على ملامح الاقتصاد الأمريكي، نظراً لاستمرار أزمة الديون الأوروبية في السيطرة على أجواء الاقتصاد العالمي، علماً بأن تلك الأزمة تعمل في الوقت الحالي على خفض مستويات الثقة في الأسواق، مع الإشارة إلى أن معدلات البطالة ما زالت تقف عند أعلى مستوياتها هي الأخرى، هذا إلى جانب ارتفاع قيم الحبوس العقارية والتي تقف أيضاً عند أعلى مستوياتها، وإذا ما ذكرنا تشديد شروط الائتمان سنجد بأن تلك العوامل تجعل حصول المستهلكين على قروض أراً صعباً مما يحد من معدلات إنفاقهم واستثمارهم، علماً بأن الانفاق والاستثمار عاملان داعمان لعجلة النمو الاقتصادي، مع الإشارة إلى الانفاق يشكل تقريباً ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا وقد ظهرت مشاكل اقتصادية جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الماضي 2011، حيث شهدنا ارتفاع عجز ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك وسط ارتفاع مديونية الولايات المتحدة بشكل كبير، الأمر الذي أفقدها تصنيفها الائتماني الأعلى في العالم منذ العام 1917.
وهنا نذكر بان البنك الفدرالي الأمريكي قام قبيل يومين بتخفيض توقعاته الخاصة بنمو الاقتصاد الأمريكي خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، في حين شهدت معدلات البطالة المرتفعة انخفاضاً خلال كانون الأول/ديسمبر الماضي إلى أدنى مستوى لها منذ ثلاث سنوات لتستقر عند 8.5 بالمئة، الأمر الذي برر قيام البنك الفدرالي الأمريكي بتعديل توقعاته لمعدلات البطالة في السنوات الثلاث المقبلة بشكل إيجابي.
على أية حال فالبيانات الاقتصادية والتي ستصدر اليوم عن الاقتصاد الأمريكي سوف تظهر كما ذكرنا آنفاً وبحسب توقعات المحللين بأن الاقتصاد الأمريكي نما خلال الربع الرابع بنسبة 3.0%، هذا بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، علماً بأن القراءة السابقة كانت 1.8%، في حين تشير التوقعات إلى صدور الناتج المحلي الإجمالي المقاس بالأسعار عند مستويات 1.9%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 2.6%، في حين يتوقع المحللون صدور قراءة الانفاق الشخصي عند مستويات 2.4% خلال الربع الرابع، أما نفقات الإستهلاك الشخصي فمن المتوقع أن تصل إلى 0.9%.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن التوقعات تشير إلى أن عجلة النمو والتعافي في الولايات المتحدة الأمريكية تلقت دعماً حقيقياً من ارتفاع مستويات الإنفاق خلال الربع الرابع في الولايات المتحدة الأمريكية، مدعومة بموسم الأعياد والمناسبات، في حين تشكل مستويات الإنفاق حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي.
هذا وسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي عزيزي القارئ القراءة النهائية لمؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين عن شهر كانون الثاني/يناير، حيث من المتوقع أن يصدر المؤشر عند القراءة السابقة ذاتها والتي بلغت 74.0.
مؤشرات الأسهم الأمريكية و في تعاملاتها الآجلة ارتفعت قبيل انطلاق جرس بداية الجلسة الأمريكية وبشكل طفيف، بسبب ترقب بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكية، حيث ارتفع مؤشر الداو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة بنسبة أقل من 0.1 بالمئة وبواقع 9 نقاط لغاية اللحظة، ليصل إلى مستويات 12693 نقطة، بينما لم يحقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أي تغير في تعاملاته الآجلة خلال اليوم، ليتداول حالياً عند مستويات 1315.3 نقطة، (تم تسجيل البيانات في تمام الساعة 7:06 صباحاً بتوقيت نيويورك).