من دان وليامز ونضال المغربي
القدس/غزة (رويترز) - أبدت إسرائيل عزمها على حصار المدينة الرئيسية في قطاع غزة يوم الأحد ونشرت صورا لدبابات على الساحل الغربي للقطاع الفلسطيني بعد 48 ساعة من إصدار أوامر بالتوسع في عمليات التوغل البرية عبر حدوده الشرقية.
وسعت إسرائيل في بادئ الأمر إلى عدم كشف خطتها الحالية من حربها المستمرة مع مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) منذ ثلاثة أسابيع إذ كانت قواتها تتحرك تحت جنح الظلام وفي ظل انقطاع الاتصالات عن الفلسطينيين. لكن إسرائيل أعلنت لاحقا ما سمته "المرحلة الثانية" من عملياتها ضد الحركة المدعومة من إيران.
وقال سكان في غزة إن خدمات الاتصالات الهاتفية والإنترنت بدأت في العودة تدريجيا يوم الأحد بعد انقطاع تام لما يزيد على يوم مما أثّر بشدة على عمليات الإنقاذ في الوقت الذي قصفت فيه إسرائيل أهدافا لحركة حماس التي تدير القطاع، وخصوصا في شمال مدينة غزة حيث مقر حكومتها ومراكز القيادة.
وبخلاف صور الدبابات التي نشرها الجيش الإسرائيلي، أظهرت بعض الصور على الإنترنت جنودا إسرائيليين يلوحون بالعلم الإسرائيلي في عمق غزة.
ولم تتمكن رويترز من التحقق من تلك الصور.
وقالت حماس إنها أطلقت قذائف مورتر على القوات الإسرائيلية في شمال غزة وقصفت دبابات إسرائيلية بالصواريخ مما يقلل من شأن التقارير التي تحدثت عن إحراز عدوها تقدما كبيرا.
وقال الفلسطيني شعبان أحمد، الذي يصر على البقاء في مدينة غزة رغم التحذيرات الإسرائيلية بالإخلاء، إن إسرائيل عزلت السكان عن العالم للقضاء عليهم وإنهم يسمعون دوي الانفجارات، لكنه عبر عن فخره بقدرة حماس على التصدي للقوات الإسرائيلية.
وأضاف أن أحد أقاربه لقي حتفه في غارة جوية يوم الجمعة لكنه لم يعلم بذلك سوى يوم الأحد بسبب انقطاع الاتصالات.
وقال الجيش الإسرائيلي إن مقاتلاته الحربية قصفت أكثر من 450 هدفا عسكريا لحركة حماس في قطاع غزة من بينها مراكز قيادة عمليات ومواقع مراقبة ومنصات لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وأضاف أن عدة مسلحين سقطوا بين قتيل وجريح في اشتباك مع القوات بعدما خرجوا من أحد الأنفاق قرب حدود إسرائيل.
وقال الأميرال دانيال هاجاري المتحدث باسم الجيش في إفادة "نوسع النشاط البري تدريجيا ونطاق قواتنا في قطاع غزة... سنبذل كل ما في وسعنا من الجو والبحر والبر لضمان سلامة قواتنا وتحقيق أهداف الحرب".
وشددت إسرائيل حصارها وتقصف غزة منذ ثلاثة أسابيع في أعقاب الهجوم الدامي الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول. وقالت السلطات الإسرائيلية إن ما لا يقل عن 1400 إسرائيلي قتلوا بينما أُخذ أكثر من 200 كرهائن في ذلك اليوم الأكثر دموية في تاريخ البلاد الذي يعود إلى 75 عاما.
وزار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان معبر رفح حيث قال إن منع وصول المساعدات للمدنيين الأبرياء يمكن أن يشكل جريمة وحث إسرائيل على التعاون.
وتؤيد الدول الغربية بشكل عام ما تقول إنه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكن الغضب الدولي يتصاعد بسبب عدد ضحايا القصف فيما تتزايد الدعوات إلى "هدنة إنسانية" للسماح بوصول المساعدات إلى المدنيين في غزة وتخفيف الأزمة الإنسانية.
وقال الكولونيل إيلاد جورين من وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية مع الفلسطينيين إن إسرائيل ستسمح بزيادة المساعدات الموجهة إلى قطاع غزة بصورة كبيرة في الأيام المقبلة ودعا المدنيين الفلسطينيين إلى التوجه إلى ما وصفها بمنطقة "إنسانية" بجنوب القطاع.
وقالت السلطات الصحية في قطاع غزة، الذي يبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة، يوم الأحد إن 8005 فلسطينيين، منهم 3324 قاصرا، قتلوا في الحملة الإسرائيلية للقضاء على حركة حماس.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس إن 116 مسعفا و35 صحفيا قتلوا منذ اندلاع الصراع.
ولم يتسن لرويترز التحقق من ذلك بشكل مستقل.
- هل يمتد الصراع؟
تعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس، وهي مهمة وصفتها بأنها تتطلب شن مداهمات برية طويلة الأمد تستهدف مدينة غزة ومحيطها وأنفاقها حيث يمتلك المسلحون شبكة واسعة من المخابئ تحت الأرض.
وهناك مخاوف أيضا من امتداد الحرب في غزة إلى جبهات أخرى، بما في ذلك لبنان حيث يتبادل الجيش الإسرائيلي وجماعة حزب الله المدعومة من إيران إطلاق النار.
وفي وقت سابق يوم الأحد، قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) إن أحد أفرادها أصيب بعدما سقطت قذائف على قاعدة تابعة لها بالقرب من قرية الحولة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية يوم السبت.
وقالت إسرائيل إنه تم إطلاق عدد من الصواريخ أو قذائف المورتر من لبنان على أراضيها وإنها كانت ترد على مصادر إطلاق النار، في حين قال حزب الله إنه أسقط طائرة مسيرة إسرائيلية.
وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس الأمريكي جو بايدن أكد خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد على ضرورة حماية المدنيين و"تدفق المساعدات الإنسانية بشكل فوري وكبير لتلبية احتياجات المدنيين في غزة" حيث تشهد الإمدادات نقصا كبيرا في القطاع المحاصر.
كما شدد بايدن على ضرورة دفاع إسرائيل عن نفسها لكن بطريقة تتماشى مع القانون الدولي الذي يكفل حماية المدنيين.
وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يوم الأحد إن نقص إمدادات الغذاء والمياه والأدوية وتسوية معظم المباني بالأرض دفع ألوفا من سكان غزة إلى اقتحام مستودعات ومراكز توزيع مساعدات تابعة لها والاستيلاء على طحين (دقيق) و"مواد غذائية أساسية".
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني يوم الأحد إن 24 شاحنة مصرية تحمل مواد غذائية وأدوية وصلت إلى غزة عبر معبر رفح ليصل عددها الإجمالي حتى الآن إلى 118، وهو أقل كثيرا مما يلبي الاحتياجات الفعلية. وأضاف أن الشاحنات لم تجلب أي وقود إلى القطاع.
- ’ربنا يحن علينا’
وصف نازحون فلسطينيون يقيمون في خيام في خان يونس بغزة الظروف المعيشية بالقاسية مع قلة الطعام والماء واضطرارهم للوقوف في طوابير لساعات من أجل دخول المراحيض.
وقال رامي العرقان وهو يحتضن واحدة من ستة أبناء له "نتمنى من الله ربنا يحن علينا وتقف ها الحرب. وصلنا لمرحلة نقول يا ريتنا ضلينا لغاية ما وقعت الدار علينا ومتنا وارتحنا، حياتنا عذاب".
وتعرض وسط إسرائيل أيضا لقصف صاروخي كثيف يوم الأحد مع انطلاق صفارات الإنذار في العديد من المدن الكبرى.
وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عبر حسابها على تطبيق تيليجرام إنها "تقصف تل أبيب ردا على المجازر الصهيونية بحق المدنيين".
وأضافت في وقت لاحق أن مقاتليها اشتبكوا مع القوات الإسرائيلية شمال غربي غزة وأضرموا النيران في دبابتين إسرائيليتين. ولم يصدر تعليق من إسرائيل حتى الآن بشأن ذلك.
وأثار الصراع مظاهرات كبيرة في أنحاء العالم لدعم الفلسطينيين. ونظم أنصار حماس في لبنان يوم الأحد مسيرة في بيروت تضامنا مع غزة.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني يوم الأحد إنه تلقى تحذيرات من السلطات الإسرائيلية لإخلاء مستشفى القدس في قطاع غزة على الفور. وأضاف أن القصف الجوي اليوم الأحد وقع على بعد 50 مترا من المستشفى.
ويقول الهلال الأحمر إن نحو 14 ألفا لجأوا إلى المستشفى هربا من الغارات الجوية الإسرائيلية.
وتتهم إسرائيل حماس بإقامة مراكز قيادة وبنية تحتية عسكرية أخرى في مستشفيات غزة، وهو ما تنفيه الحركة.
ويقول مسؤولون فلسطينيون إن نحو 50 ألف شخص يحتمون في مستشفى الشفاء في غزة، وعبروا عن قلقهم حيال التهديدات الإسرائيلية المستمرة بشن هجوم على المنشأة الطبية.
(شارك في التغطية جيمس ماكنزي وإميلي روز ورهام الكوسى وعمر عبد الرازق وآري رابينوفيتش وآدم مكاري وعلي صوافطة وجون دافيسون وميشيل نيكولز - إعداد مروة سلام ومحمد عطية وسامح الخطيب ومحمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين وحسن عمار)