ستشهد الأسواق المالية اليوم موجة تذبذب شديدة و تقلبات شديدة ستسيطر على تداولات الأسواق، حيث سيلجأ المستثمرين بشكل عام لإغلاق مراكزهم المالية وسط حالة عدم اليقين التي نراها تتصاعد يوماً بعد يوم، و يبقى المستثمرين قلقين اليوم حول جلسة ثقة مجلس النواب الايطالي على خطة مونتي التقشفية.
يومٌ تخلو فيه الأجندة الاقتصادية من البيانات التي قد يكون لها أثر على الأسواق المالية، إلا أن هذا الأمر قد ينعكس على الأسواق المالية سلباً، و ذلك نظراً لحاجة الأسواق لبيانات اقتصادية تشجع المستثمرين و تُري أداء أفضل نوعاً ما للاقتصاد.
من المفترض أن يعقد مجلس النواب الايطالي اليوم جلسة تصويت الثقة على الخطة التقشفية التي أقرتها حكومة ماريو مونتي التكنوقراطية، و التي تُعلق عليها آمال عديدة لإخراج ايطاليا من المأزق الاقتصادي الصعب التي تقع فيه الدولة، و ذلك بالارتفاع المطرد في دينها العام و عدم استقرار الأسعار فيها من ناحية أخرى.
ينصب الخوف الأكبر حالياً على ايطاليا، و التي تُعد ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، و التي برأي الاقتصاديون " ايطاليا كبيرة جداً ليتم اعانتها مالياً"، فتكاثرت التساؤلات و تعددت الاستفسارات حول مستقبل ايطاليا الاقتصادي، فهل سيكون لمونتي و حكومته دور في انتشال الدولة من وضعها الحالي، أم أنها ستكون الكارثة التي قد تدمر مستقبل العملة الموحدة و دولها.
اجتمعت هذه الشكوك و المخاوف حول مستقبل ايطاليا، لُتلقي بثقلها على مستويات الثقة في ايطاليا و في القارة بأكملها و ذلك بالطبع وسط أزمة الديون السيادية التي تعتم الصورة المستقبلية لمنطقة اليورو بالأكمل، و كان لتراجع مستويات الثقة و المخاوف الأثر السلبي الواضح على الارتفاع الحاد الذي شهدناه على تكاليف الاقتراض لهذه الدول المتعثرة، و الذي يصعب المهمة بلا شك عليها.
تكاليف اقتراض باهظة شهدناها في القارة الأوروبية و في منطقة اليورو بالأخص، و ذلك وسط تدني مستويات الثقة كما ذكرنا آنفاً، فعلى الرغم من أنها تراجعت في اسبانيا أمس، إلا أنها تبقى عند أعلى مستويات لها شهدتها في منطقة اليورو، حيث شهد المزاد الأسباني أمس نسبة طلب قوية جداً لتبيع الدولة فوق المستوى المقرر، و هو أفضل من نظيرتها ايطاليا التي تقترض بأعلى تكاليف في المنطقة في الفترة الحالية.
و يحدق بمسقبل ايطاليا صعوبات شديدة و التزامات هائلة تتجسد في بداية العام القادم و منتصفه أيضاً، و هو ما يجعل الأسواق قلقة كثيراً حول مدى قدرة الدولة على سداد هذه الديون، و هو الأمر الذي يشكل ضغط كبير على البنك المركزي الأوروبي للتدخل في أسواق السندات و شراء كميات أكبر لتخفيض تكاليف الاقتراض على دول المنطقة.
و لكن، شهدنا التلميح المباشر من رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، بأنه لن يقوم البنك بعمليات شراء جديدة للسندات الأوروبية، ذاكراً بأن ذلكك ليس من مهمة البنك و مخالف للقوانين، و نعلم جميعاً أن قرار دراغي ه1ا جاء بضغط ألماني شديد رافضاً للتدخل الكبير من قبل البنك الأوروبي في دعم الدول المتعثر، و هو أمر يندد به أغلب دول منطقة اليورو.
وسط خلو الأجندة الاقتصادية من البيانات الاقتصادية الهامة، سيتيح ذلك المجال لتذبذب الأسواق بشكل كبير خاصة مع تصاعد حالة عدم اليقين التي تنشر الخوف في قلوب المستثمرين، الأمر الذي سيُجبر المستثمرين للجوء إلى إغلاق مراكزهم المالية خوفاً من أي تغيرات مفاجئة تحصل في الأسواق، تُلحق بهم خسائر كبيرة، و ليكونو في طمأنينة في استراحتهم.