سانتياجو، 15 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): تملك ميشيل باشليه (62 عاما) في جعبتها عدة أرقام قياسية. فهي أول امرأة تتولي منصب وزير الدفاع في تشيلي، وأول رئيسة للبلاد، وأول مديرة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
والآن تسعى وراء إنجاز شخصي جديد يتمثل في أن تستعيد رئاسة بلادها بعد انتخابات بعد غد الأحد.
في الوقت الحالي تصب الأرقام في مصلحتها، لأنها تتمتع بشعبية لا يبدو أنه من الممكن التفوق عليها وسط المواطنين، ما سمح لها بتصدر جميع استطلاعات الرأي، يتنبأ الكثير منها بفوزها من أول جولة.
لكن رغم تمتعها بدعم يصفه كثيرون بأنه "غير طبيعي"، ويقارنه آخرون بـ"قصص الحب"، فإن طريقها لحكم تشيلي هذه المرة في حالة انتخابها مجددا لن يكون مفروشا بالورود.
ومثلما هو الحال في دول أخرى، بدأت تشيلي تظهر في السنوات الأخيرة مؤشرات متزايدة على السخط الشعبي تجاه الاقتصاد النيوليبرالي الذي كان ينظر إليه في السنوات الأخيرة على أنه رمز للنمو والاستقرار في المنطقة.
وأبدت حملة باشليه تفهمها لجانب من تلك الصورة، ووعدت بـ"تعليم مجاني وجيد المستوى"، وتعديل للدستور المتوارث من حقبة أوجوستو بينوشيه الديكتاتورية (1973-1990) وزيادة من 20 إلى 25% على الضرائب المستحقة على الشركات.
وتعرضت مقترحات الرئيسة السابقة، التي يدعمها نفس ائتلاف يسار الوسط الذي حكمت معه البلاد بين عامي 2006 و2010 وانضم إليه الآن الحزب الشيوعي، لانتقادات قاسية من جانب حكومة الرئيس الحالي اليميني سباستيان بنييرا، ومن المرشحة المنافسة لها، إيفيلين ماتاي، وزيرة العمل.
ويؤكد خبراء أن الاقتصاد التشيلي، الذي نما بنسبة تتراوح بين 4.5 إلى 5% خلال الأعوام الأربعة الأخيرة بمعدلات بطالة وتضخم منخفضة، سيتقلص نموه وأن الاستثمارات الأجنبية ستكون صعبة المنال إزاء تغير في قواعد اللعبة الاقتصادية.
لكن باشليه لن تكون مكتوفة الأيدي. فهي تؤكد أن برنامجها "جاد ومسئول" وأن البلد الذي تركته عندما سلمت الرئاسة لتولي منصبها الأممي في نيويورك لم يعد هو نفسه، كما أنها تؤكد أنها هي الأخرى تغيرت.
وقالت في مقابلة بعد قليل من عودتها إلى تشيلي في مارس/آذار الماضي، بعد رحيلها عن رئاسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة (2010-2013) "تغير شيء في داخلي. كنت رئيسة وذلك يعطيك رؤية مختلفة، نظرة للأمور التي لن تعود أبدا إلى سابق عهدها".
ويعترف أشخاص مقربون من مرشحة ائتلاف (الأغلبية الجديدة) بأن ميشيل باشليه "ليست هي نفسها" التي عرفت من قبل بابتسامتها البسيطة وعفويتها وقدرتها على التفكير مثل المواطن التشيلي العادي.
وقال مصدر على صلة بالرئيسة السابقة "ما هو واضح أنها ليست هي نفسها التي حكمت في المرة الأولى.
ولن تكون هذه المرة الأولى التي تغير فيها باشليه جلدها. فالحياة دائما ما وضعتها في مواجهة تغييرات عاصفة، مثلما كان عليها أن تتعامل في شبابها مع جريمة بشعة انتهت بمقتل والدها، ألبرتو باشليه، الذي كان جنرالا مخلصا للرئيس سلفادور أليندي، اعتقل وعذب على يد زملائه بعد انقلاب 1973.
بعد ذلك واجهت اعتقالها وتعذيبها هي شخصيا إلى جانب والدتها أنخيلا خيريا، قبل أن تقضي أعواما في المنفى بدأتها بأستراليا ثم انتقلت إلى جمهورية ألمانيا الديمقراطية.
وبعد عودتها إلى بلادها في 1979 حصلت على إجازة في الطب، وبدأت العمل من أجل استعادة الديمقراطية، لكن دون أن تكون في الصورة.
لم يكن حينئذ ثمة ما يجعلها تتخيل أنها ستصبح أول رئيسة لتشيلي، وهو ما تحقق في الجولة الثانية من انتخابات يناير/كانون ثان 2006 ، بفارق نحو سبع نقاط مئوية عن سباستيان بنييرا. اليوم تغير الأمر برمته.
ورغم أنها قالت "كنت لأفضل تغييرا في الأجيال"، وعدم المنافسة على العودة إلى قصر لامونيدا الرئاسي، فإنها تعرب عن ثقتها إزاء التحديات التي عليها الوفاء بها، تحيط بها دائرة محدودة وقليلة الكلام من المعاونين الذين يدعمونها في قرارها بالحديث فقط عما هو ضروري، رغم انتقادات معارضيها لفترات صمتها التي تطول أحيانا.
وتقول مرشحة المعارضة "لقد حددنا بوضوح مصادر التمويل من أجل تقليل حدة التفاوت في تشيلي، كي لا تكون البلاد عادلة اجتماعيا وسياسيا فحسب، وإنما أيضا اقتصاديا، عبر جعلها أكثر تنافسية وذات قدرات أكبر".
وتضيف باشليه "أعرف ما يمكن وما لا يمكن، ما يفيد وما لا يفيد". (إفي)