من علي صوافطة
القدس (رويترز) - استشاط الفلسطينيون غضبا وانتابهم شعور بالخديعة والخذلان بسبب اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس المتنازع عليها عاصمة لإسرائيل.
ويرى كثيرون الاعتراف الأمريكي المتوقع إعلان وفاة للمحادثات المتعثرة منذ فترة طويلة والتي ترعاها الولايات المتحدة وتستهدف إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. وقالوا كذلك إن المزيد من أعمال العنف قد تندلع.
وقال محمد أبو صبيح (28 عاما) وهو عاطل عن العمل من سكان المدينة القديمة "في نوعين من الناس ناس قلبها مطفأ وما رح تعمل شي وناس لسه (ما زالت) مستعدة تناضل وتقاتل علشان (من أجل) القدس". وأضاف "هذا القرار رح يشعل المنطقة والضغط يولد الانفجار".
والقدس، خاصة الشطر الشرقي أو المدينة القديمة التي تضم مواقع يقدسها المسلمون والمسيحيون واليهود، هي محور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية العربية من الأردن في حرب عام 1967 ثم ضمتها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. ويريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المستقبلية ويعتبر حل وضع القدس حيويا لأي عملية سلام.
ومن المنتظر أن يعلن ترامب في وقت لاحق يوم الأربعاء اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب فيما يخالف السياسة الأمريكية المتبعة منذ فترة طويلة.
وقال سمير الأسمر (58 عاما) من سكان المدينة القديمة "هذا تشتيت للشعب الفلسطيني من جديد. هذا وعد بلفور جديد.. هذا الأمر جنون ...القدس عاصمة للدولة الفلسطينية وأكيد العالم ما رح يقبل".
وشجبت الصحف الفلسطينية هذه الخطوة كذلك.
فكتبت صحيفة الأيام تقول "ترامب يتحدى العالم ويتجه لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس".
ونشرت صحيفة الحياة الجديدة عنوانا بحروف حمراء فوق صورة للمسجد الأقصى يرفرف عليه علم فلسطين يقول "القدس ... رسالة الثوابت الفلسطينية".
وحذر الزعماء الفلسطينيون كذلك من أن الخطوة قد تكون لها تداعيات خطيرة. غير أن الأمطار حالت دون تنظيم احتجاجات حاشدة جرت الدعوة إليها في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة الذي تهيمن عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لكن قليلين يشكون في تفجر أعمال عنف دامية.
وتتحسب قوات الأمن الإسرائيلية لاضطرابات محتملة لكن الشرطة قالت إن الوضع في القدس هادئ الآن.
لكن الحال قد لا يبقى طويلا على ما هو عليه نظرا للمشاعر الدينية التي تحيط بالمدينة القديمة التي تضم المسجد الأقصى، أول القبلتين وثالث الحرمين، والحائط الغربي وبقايا معبدين يهوديين قديمين.
وخرج الفلسطينيون في انتفاضتين ضد الاحتلال الإسرائيلي في عامي 1987 و1993 ثم من 2000 إلى 2005. والانتفاضة الأخيرة أطلقت شرارتها زيارة قام بها أرييل شارون زعيم المعارضة في ذلك الوقت للحرم القدسي.
واندلعت اشتباكات عنيفة في يوليو تموز من العام الحالي بعد أن وضعت إسرائيل أجهزة لرصد المعادن عند مداخل الحرم القدسي. وقتل أربعة فلسطينيين وثلاثة إسرائيليين كما قتل مسلحون اثنين من رجال الشرطة بالرصاص.
* غضب في غزة
ردد محتجون في شوارع قطاع غزة الساحلي هتافات تقول "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" و"يسقط ترامب". كما أحرق المحتجون صورا لأعلام الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل.
وقال يوسف محمد (70 عاما) من سكان مخيم للاجئين إن خطوة ترامب ستكون اختبارا للقيادة العربية في وقت تسود فيه المنطقة حالة من الفوضى وتغيير الولاءات.
وقال محمد وهو أب لثمانية أبناء "خليهم ينقلوها.. وخلينا نشوف شو الرؤساء العرب والمسلمين بدهم يعملوا. طبعا ما راح يعملوا شي لأنهم جبناء".
وقد تؤثر موجة الغضب في القدس على جهود تتوسط فيها مصر لإعادة غزة التي كانت تسيطر عليها حماس على مدى عشر سنوات إلى السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس الذي يؤيد التفاوض مع إسرائيل.
وقال حازم قاسم المتحدث باسم حماس إن خطوة ترامب المزمعة تظهر انحياز الولايات المتحدة.
وقال "الولايات المتحدة لم ولن تكون وسيطا نزيها في أي قضية تخص شعبنا بل تقف دوما لجانب الاحتلال".
وأضاف "لذا مطلوب من قيادة السلطة التخلص من وهم إمكانية تحصيل الحقوق عبر مسار التسوية تحت الرعاية الأمريكية".
(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)