Investing.com - في الفترة الأخيرة، استطاعت البنوك المركزية بالأسواق الناشئة زيادة احتياطياتها من النقد الأجنبي إلى حوالي ستة تريليونات دولار، وذلك بهدف احتواء انخفاضات عملاتها المحلية، حيث أضافت البنوك المركزية 114 مليار دولار إلى احتياطياتها خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، وهذه أسرع وتيرة زيادة منذ عام 2014، بحسب بيانات معهد التمويل الدولي.
حاولت دول العالم النامي الاستفادة من زيادة إقبال المستثمرين على أصول الأسواق الناشئة ذات العوائد المرتفعة والتفاؤل إزاء نمو الاقتصاد العالمي، وقامت بجمع احتياطيات من النقد الأجنبي، إلا أن "وول ستريت جورنال" نشرت تقرير يؤكد أن هذه الاقتصادات مازالت تعاني من تراجع عملاتها المحلية، فما السبب وراء هذا التراجع؟.
بالفعل، تراجعت احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، بسبب العديد من التحديات التي تواجهها، مثل قوة الدولار الأمريكي، واشتعال الحرب التجارية بين أمريكا والصين والاتحاد الأوروبي والتي أثرت بشكل سلبي على سوق العملات والأسهم والسندات.
خلال شهر يونيو فقط، استهلكت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة حوالي 57 مليار دولار من احتياطياتها من النقد الأجنبي، وهذا يعد أكبر تدخل شهري منذ نهاية عام 2016، لكن بالرغم من هذا التراجع إلا أن وتيرة زيادة احتياطيات النقد الأجنبي في الاقتصادات النامية مازالت قريبة من أعلى مستوياتها منذ عام 2015، وهذا دليل على تحسن أحوال الأسواق الناشئة وقدرتها على التعامل مع التقلبات المصاحبة لارتفاع الدولار منذ منتصف أبريل.
كانت الاقتصادات الناشئة تعاني في وقت سابق من ضعف حيازتها من احتياطيات النقد الأجنبي، وأدئ ذلك إلى خلق مشكلة ترتبط بخدمة ديونها المقومة بالدولار واحتواء التضخم المصاحب لضعف عملاتها المحلية.
تراجع مؤشر ""MSCI – الذي يقيس أداء سلة من عملات الأسواق الناشئة – بنسبة 3% خلال هذا العام، نتيجة ارتفاع الدولار وزيادة الفائدة في الولايات المتحدة والتوترات التجارية، وحتى الآن لاتزال عملات الصين وتركيا والأرجنتين هي الأكثر تضررا بين عملات الأسواق الناشئة.
في يونيو الماضي، تعرض اليوان لأسوا الانخفاضات أمام الدولار الأمريكي، وبالتالي زادت الضغوط على البنك المركزي في بكين لاتخاذ إجراءات لحماية سعر الصرف ودعم العملة كما فعل خلال عامي 2015 و2016، ومؤخرًا أكد البنك المركزي الصيني أنه سيعمل على استقرار سعر صرف اليوان، وبالفعل استقر اليوان إلى حد ما أمام الدولار بعد خسائر نسبتها 3.2% أمام الدولار، فقد فقدت الصين نحو تريليون دولار من احتياطياتها النقدية.
تمتلك بكين احتياطيات من النقد الأجنبي أكثر من أي دولة أخرى على مستوى العالم كله، فبحسب البيانات الحديثة فإن احتياطيات النقد الأجنبي في بكين قد ارتفعت إلى 3.11 تريليون دولار في يونيو، ولكنها لا تستخدم منها الكثير، الأمر الذي جعل أحد المحللين في معهد "بيترسون" للاقتصادات الدولية، ماذا تريد الصين؟.
من الناحية الأخرىظت استغلت البنوك المركزية في بعض الاقتصادات الناشئة الأخرى ما لديها من احتياطيات نقد أجنبي لدعم نمو واستقرار الأسواق، حيث أنفقت البرازيل مثلًا 44 مليار دولار بسبب تدخلها في سعر صرف عملتها أمام الدولار خلال العام الجاري، وأنفقت الهند 17 مليار دولار للسبب ذاته.
وصرح محللون وخبراء اقتصاديون أن هذه التدخلات من جانب البنوك المركزية لدعم العملات المحلية قد قصيرة الأجل، فالأمر يعتمد على مدى حيازتها من الدولار وليس بيع الدولار مقابل عملتها لدفع عملتها المحلية للارتفاع.
وأشاروا إلى أن استنزاف البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لاحتياطياتها سيعتمد بشكل جزئي على قيمة الدولار الأمريكي، التي ارتفعت بنحو 5% أمام العملات الأخرى خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهذه هي أول مكاسب فصلية في أكثر من عام.