عواصم، 9 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): جاء التقرير الذي أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الملف النووي الإيراني ليسكب المزيد من البنزين على نار هذا الملف المشتعلة أصلا بعد أن وجدت فيه واشنطن وحلفاؤها فرصة سانحة للتصعيد.
وفور الكشف عن التقرير الذي أشار بوضوح إلى أدلة لا تقبل الشك تفيد بقيام طهران بتطوير سلاح نووي، أعلنت الإدارة الأمريكية أنها تدرس فرض عقوبات جديدة على إيران ما لم تبدد الشكوك التي طرحها التقرير حول أنشطتها النووية.
وقال مسئولون رفيعو المستوى إن الولايات المتحدة ستستشير حلفاءها حول الإجراءات التي يتعين اتخاذها في هذا الصدد، والتي يبرز من بينها فرض مزيد من العقوبات الدولية، على الرغم من أنه من المرجح ألا تكون هذه العقوبات على مستوى مجلس الأمن بسبب المعارضة الروسية الصينية المتوقعة، وأن يقتصر الأمر على عقوبات فردية أو توافقية ولكن خارج إطار المنظمة الدولية.
وفي السياق ذاته، قال الاتحاد الأوروبي إن التقرير المذكور "يزيد من المخاوف القائمة" حول أهداف البرنامج النووي لطهران.
وأكدت ماجا كوسيانسيتش، المتحدثة باسم مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى كاثرين أشتون، أن التقرير الجديد يزيد من المخاوف الموجودة بشأن طبيعة البرنامج النوووي الإيراني، ويكشف عن معلومات مؤكدة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول أبعاد عسكرية للبرنامج النووي الإيراني.
وأوضحت أن الوثيقة تؤكد أيضا استمرار إيران في التوسع في أنشطة تخصيب اليورانيوم، بما يخرق قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن على حد سواء.
واعتبرت المسئولة الأوروبية أن زيادة قدرة طهران على تخصيب اليورانيوم بقدر 20% تثير القلق بشكل خاص، وأضافت أن الاتحاد سيجري مشاورات على المستوى الداخلي مع شركائه لاتخاذ رد فعل ملائم حيال تقرير وكالة الطاقة الذرية.
ومن جانبها، طالبت فرنسا بفرض مزيد من العقوبات الصارمة على إيران، وأكدت على ضرورة إحالة هذه القضية إلى مجلس الأمن.
وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن بلاده مستعدة "للذهاب لحد أبعد كثيرا في العقوبات"، إلا أنه لم يعط المزيد من التفاصيل في هذا الشأن.
واتخذت ألمانيا موقفا مشابها بعدما دعا وزير خارجيتها جيدو فيسترفيله إلى تشديد العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، على الرغم من تأكيده رفض بلاده اللجوء إلى "الخيار العسكري".
وعلى الرغم من التصريحات النارية التي أطلقها مسئولون إسرائيليون قبل صدور التقرير حول ضرورة تضييق الخناق على إيران، إلا أن حكومة تل أبيب التزمت صمتا رسميا كاملا في أعقاب صدوره.
وقالت مصادر إسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أعطى تعليمات لوزرائه بعدم إعطاء أية تصريحات حول التقرير، فيما قال بيان صدر عن مكتبه إن الحكومة ستدرس التقرير أولا قبل إصدار أي تعقيب عليه.
ونقلت صحيفة (هآرتس) العبرية عن مصادر حكومية لم تكشف عنها قولها إن السبب في تأخير رد الفعل يرجع إلى رغبة حكومة نتنياهو في انتظار ردود الأفعال العالمية بشأن المعلومات التي وردت في التقرير حتى لا تبدو تل أبيب الدولة التي تتزعم الموقف العالمي تجاه طهران.
وعلى الرغم من السخونة الشديدة التي أضفاها التقرير الدولي على الملف الإيراني، إلا أن هناك دولا، في مقدمتها الصين، لا تزال متمسكة بموقفها الداعي للتهدئة وتحكيم الخيار الدبلوماسي في التعامل مع هذا الملف.
وطالبت بكين المجتمع الدولي بتعزيز الحوار والتعاون مع نظام طهران، وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، هونج لي، إن "الصين تعتقد دائما بأن ملف إيران النووي من الممكن أن يحل من خلال الحوار والتعاون".
وفي طهران، أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن بلاده لن تتراجع قيد أنملة عن برنامجها النووي، ووصف الاتهامات التي احتوى عليها التقرير بأنها "سخيفة"، وطالب في الوقت نفسه الوكالة الدولية "بالتخلي عن هذا الطريق". (إفي)