أعلن البيت الأبيض الأمريكي أنه يمضي في فرض عقوبات جديدة على إيران تمنعها من تصدير النفط، علما بأن ما تصدره إيران حاليا من النفط يقدر بمليوني برميل يوميا، وهو ما يعادل 2.5% من السوق العالمية. فكيف يسد العالم هذا النقص؟ يعتقد الخبراء بأن صادرات النفط الإيرانية يمكن أن تتقلص لتصل في نهاية المطاف إلى مليون برميل يوميا أو أكثر، بعد أن يكون الحظر على استيراد النفط منها المفروض من قبل الاتحاد الأوروبي قد دخل حيز التنفيذ في شهر يوليو تموز القادم وتكون الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على بنوك تواصل شراء النفط الإيراني. وهناك دول مثل إيطاليا واليابان، قللت من مشترياتها من النفط الإيراني، حيث هبطت صادرات إيران بما يقدر ب 300,000 برميل يوميا خلال شهر مارس آذار المنصرم، وذلك بحسب شركة "بترو لوجستكس" السويسرية لشحن النفط.
ولكن حتى لو هبطت صادرات النفط الإيرانية بمثل هذه النسبة، فإن دول العالم يمكنها الاستعاضة عنها. فقد زادت العربية السعودية إنتاجها ب 600,000 برميل يوميا منذ سنة، وتقدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الطاقة الإنتاجية الزائدة لدول الأوبك بنحو 2.7 مليون برميل يوميا، وهو، وإن كان رقما مزعجا مقارنة بالطاقة الزائدة التي كانت تتمتع بها هذه الدول سابقا، إلا أنه لا يزال كافيا في الوقت الحالي. فالطلب العالمي على النفط قد تراجع في أول شهرين من سنة 2012، إذ زاد استهلاك الصين ب 160,000 برميل يوميا فقط، أي أقل مما كان متوقعا، كما أن الزيادة الكبيرة الأخيرة في إنتاج الوقود البيولوجي توفر للعالم متسعا إضافيا.
ولكن سارا إمرسون، مديرة شركة أمريكية لتحليل أمن الطاقة تقول إن هذه الأرقام يجب أن تحث الحكومة الأمريكية على المضي قدما بالعقوبات.
ومن جهة ثانية، فإن أسعار النفط العالمية لا تزال عالية ومن شأن تقليل الصادرات الإيرانية أن يزيد العالم عرضة للضرر، فالحروب الأهلية في كل من السودان واليمن وسوريا قد أزالت من السوق العالمية حوالي 600,000 برميل يوميا، وهو وإن لم يكن كارثة، إلا أنه يعتبر أمرا موجعا، وقد تتسبب أي مفاجآت أخرى في زيادة أخرى لأسعار النفط.
كما لا يزال من غير المعروف إلى أي مدى يمكن تقليص صادرات النفط الإيرانية، فالكثير يعتمد على قدرة الإيرانيين على بيع النفط التي تتخلى عنه أوروبا واليابان لدول أخرى في أنحاء العالم. ويقول ديفيد بامفري، المحلل في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، إن علامات الاستفهام الأكبر تحوم حول الصين. فهي، وإن كانت قد قلصت وارداتها من النفط الإيراني في شهر فبراير شباط الماضي بسبب خلاف يتعلق بالأسعار، إلا أنه من غير المعروف مدى التزامها بمقاطعة النفط الإيراني. ويضيف بامفري إن الشركات الصينية المستوردة للنفط تخشى إلى حد كبير من تحويل غلاء أسعار النفط إلى المستهلكين الصينيين، ما يعني أنها قد لا تصمد بوجه عروض إيرانية لبيعها النفط بأسعار مغرية. ولكن من جهة أخرى، فقد تلتزم الصين الحذر في تجاهل مسعى عالمي منسق لفرض العقوبات على إيران، لأنها لا تريد أن تبدو انتهازية.
وفي الوقت نفسه ثمة دول أخرى يمكنها مد يد العون لإيران، فقد شهدت واردات النفط الهندية من إيران ارتفاعا كبيرا خلال يناير كانون الثاني الماضي، وقد تجد إيران بلدانا أخرى تريد شراء النفط منها مثل تايلاند ومينمار. ولكن ليس واضحا في الوقت الحاضر ما إذا كانت إيران ستتمكن من العثور على عدد كاف من سفن الحاويات لشحن نفطها، علما بأن شركة الشحن الهندية اضطرت إلى إلغاء شحنة من إيران لرفض شركات أوروبية التأمين على السفينة التي كانت تنوي نقل النفط بواسطتها. وتملك إيران نفسها ما يزيد عن 50 سفينة حاويات لشحن النفط، وستعمل ما في وسعها لكي يستمر النفط في التدفق.
ومن وجهة النظر الإيرانية، فإن أهم حساب عليها القيام به هو المقارنة بين ما تخسره من تراجع كميات النفط التي تصدرها وبين زيادة الأسعار التي يتسبب فيها النقص فيه. وقد كشف استطلاع أجرته مؤسسة رويترز في شهر مارس آذار الماضي بين تجار النفط، أن إيران قد تشهد تراجع دخلها من النفط بنسبة النصف، لتصل إلى 50 مليار دولار فقط، في حال هبطت صادراتها إلى 1.5 مليون برميل يوميا، واضطرت إلى بيع البعض منها بأسعار مخفضة. ولكن ذلك يعتمد على افتراض أن يبقى متوسط سعر البرميل حوالي 115 دولارا للبرميل طوال العام بكامله، وهو سعر أدنى من السعر الحالي. وتقول إمرسون: "إذا تعرضت إيران إلى تقليص مبيعاتها بنسبة النصف، فإن ذلك سيؤثر على المفاوضات المزمع إجراؤها معها، ولكن العقوبات لن تكون مؤثرة إلا إذا التزم بها الجميع.
www.nuqudy.com/نقودي.كوم