الشغل الشاغل للمستثمرين هذا الأسبوع هو الانتخابات الرئاسية فانتهت جميع التكهنات و المناظرات بين الاثنين لنستقبل هذه الانتخابات بكل صدر رحب و ما سيكون رأي الشارع الأمريكي فهل سيبقى مع باراك أوباما و وعوده لتغير الوضع الاقتصادي و تحسينه، أم سييأس المواطنين من هذه الوعود ليدعموا وجهاً جديداً كرومني الذي يلوح بعصا قطاع العمل و تحسين أوضاعه.
في السادس من شهر تشرين الثاني، سيتجه الأمريكيون لصناديق الاقتراع و تحديد من سينال شرف رئاسة الولايات المتحدة للأربعة أعوام القادمة و التي سيكون لها أثر غير طبيعي على الأسواق المالية حيث أنها ستقلب الموازين الاقتصادية رأساً على عقب خاصة إذا استطاع رومني بإقناع المواطنين بأفضليته لاستلام منصب الرئاسة.
هذا و نشير هنا إلى ما سيواجهه أياً كان الفائز من صعوبات شديدة تتعلق بالميزانية و الموازنة الأمريكية خاصة مع معضلة "الجرف المالي" أو ما يُسمى بقانون تخفيض الضرائب التلقائي الذي قد يُفرض على الموازنة الأمريكية في حال استمر الخلاف بين أعضاء الكونجرس على بنود الموازنة و موقع الضرائب و العديد من الأمور المختلفة.
و يقضي هذا الجرف المالي أو قانون الضرائب التلقائي لرفع الضرائب و خفض الانفاق بشكل تلقائي مع بداية العام القادم في حال بقي الخلاف قائماً و لم تستطع الحكومة فعل شيء حتى نهاية العام الجاري، علماً بأن هذا القانون سيرفع ايراد الضرائب 400 مليار دولار و يخفض من الانفاق بما قيمته 200 مليار دولار مما قد يدفع الاقتصاد للركود من جديد.
هذا و يشير مكتب ميزانية الكونجرس إلى أن الايرادات الفيدرالي قد ترتفع من ما نسبته 15.7% من اجمالي الناتج المحلي خلال عام 2012 إلى ما نسبته 18.4% من الناتج المحلي الاجمالي خلال 2013، في حين قد تنخفض الانفاقات من 22.9% من الناتج المحلي إلى 22.4%، و الذي سيدخل الاقتصاد الأمريكي بال شك لدائرة الركود الاقتصادي لما سيكون له من أثر وخيم على الاقتصاد. فقد أشار المكتب أيضاً إلى أن الاقتصاد قد ينكمش بوتيرة 1.3% في حال تم تفعيل هذا القانون.
و بشكل عام، يحمل رومني سلاحاً حاداً في وجه اوباما وهو ترهل أوضاع قطاع العمل و عزوف ما يزيد عن 23 مليون مواطن أمريكي عن ايجاد عمل وسط ارتفاع معدل البطالة لمستويات 7.9% كما شهدنا في تقرير الوظائف الأمريكي الأخير الذي أظهر اضافة الاقتصاد الامريكي ما يصل إلى 171 ألف وظيفة خلال تشرين الأول و الذي أشار رومني بان ارتفاع البطالة إلى 7.9% هو أمر دراماتيكي و لا يقبل به المواطنون الأمريكيون.
و لكن، هل أوباما سيكون قادراً على اقناع الشارع الأمريكي بسياساته الاقتصادية و منهجه السياسي بحجة أن الاقتصاد العالمي كله يتباطأ وسط الآثار السلبية الوخيمة القادمة من القارة الاوروبية و أزمة ديونها التي تدخل بعامها الثالث، خاصة و ان الاقتصاد كان قد نما بوتيرة 2.0% خلال الربع الثالث و الذي قد يُعد أول طريق النمو و التعافي الاقتصادي برأي بعض الاقتصاديون.
من الصحيح أن الاقتصاد الامريكي لا يزال ينمو بشكل متواضع مقارنة بحجمه و عظمته، إلا أن هذا لا ينطبق عليه وحده فجميع الاقتصاديات المتقدمة تعاني في الفترة الحالية وسط الصعوبات و التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، فهل هذه الحقيقة ستفيد أوباما و موقفه في الانتخابات هذه و تقنع المصوتين لإبقاء أوباما على كرسيه لأربعة أعوام أخرى على أمل تنفيذه لوعوده و نشل الاقتصاد من الأوضاع الوخيمة التي يعيشها.
نفضل في هذه الحالة البقاء متيقظين و حذرين قبيل و بعد الانتخابات الرئاسية لما سيكون لها آثار كبيرة جداً على الأسواق المالية التي قد تصيبها الصرع هذا الأسبوع مع أحد أهم أحداث هذا العام و الذي سيكون أثره واضح للأربعة سنوات القادمة على أكبر اقتصاد في العالم.