نيويورك (رويترز) - تستعد أسواق النفط لتعديلات في تدفقات التجارة العالمية مع تهديد الصين بفرض رسوم انتقامية على واردات الطاقة الأمريكية، بما في ذلك النفط الخام.
وهددت الصين، التي اشترت 330 ألف برميل يوميا من الخام الأمريكي في المتوسط هذا العام، بفرض رسوم بواقع 25 في المئة على مجموعة من صادرات السلع الأولية الأمريكية، بما ذلك النفط الخام، رغم أنه لم يتضح حتى الآن متى سيتم تطبيق مثل هذا الإجراء.
وجاء القرار الصيني ردا على قول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يمضي قدما في خطة لفرض رسوم كبيرة على واردات صينية قيمتها 50 مليار دولار.
لكنه أثار بدوره ردا عدائيا من ترامب، الذي هدد يوم الإثنين بفرض رسوم بواقع 10 بالمئة على منتجات صينية قيمتها 200 مليار دولار، إضافة إلى الرسوم على الواردات التي سبق الأعلان عنها.
وقد تقيد الرسوم شحنات النفط الأمريكي المتجهة إلى الصين، وهو نشاط تبلغ قيمتها الآن حوالي مليار دولار شهريا.
وستجعل الرسوم الصينية النفط الأمريكي أقل جاذبية من خامات أخرى، وهو ما قد يؤدي بشكل شبه مؤكد إلى هبوط حاد في مشتريات الصين، ليدفع بدوره الشركات النفطية الأمريكية للبحث عن مشترين آخرين.
وفي الثلاثة أشهر الأولى هذا العام، شكل الخام الأمريكي نحو 5 في المئة من إجمالي واردات الصين من النفط الخام، بحسب بيانات الجمارك الصينية.
وقال سكوت شيلتون من إيكاب للوساطة في دورهام في نورث كارولاينا "سيستغرق الأمر بضعة أشهر حتى تجد صناعة النفط الأمريكية منافذ جديدة"، مضيفا أن تدفقات الخام الأمريكي إلى أوروبا ومنطقة البحر المتوسط سترتفع على الأرجح.
وخارج الصين، لا يزال خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أقل بمقدار 10 دولارات للبرميل من خام برنت.
ويتوقع كثير من التجار أن يتسع الفارق إذا تباطأت تدفقات الخام الأمريكي إلى الصين، وهو ما يعني أن منتجين آخرين سيكون عليهم أن يتعاملوا مع كميات أكبر من النفط الأمريكي الرخيص التي ستصبح متاحة في أسواق أخرى كبيرة، من بينها أوروبا.
وبدورها فإن الصين من المرجح أن تستبدل النفط الأمريكي بزيادة مشترياتها من روسيا والسعودية أكبر منتجين في العالم.
وتحث السعودية وروسيا بالفعل على زيادة في الإنتاج في اجتماع منظمة أوبك هذا الأسبوع.
وقال متعامل مع أحد التجار الدوليين "أعتقد أن ذلك سيخلق تأثيرا تبادليا حيث ستشتري الصين عندئذ المزيد من الخامات البديلة، ويشتري مستوردون آخرون المزيد من الخام الأمريكي".
براميل عالقة؟
تعتمد الولايات المتحدة، حيث ارتفع إنتاج النفط بنحو الثلث في العامين السابقين إلى مستوى قياسي أسبوعي بلغ 10.9 مليون برميل يوميا، بكثافة على الصادرات للحفاظ على توازن السوق.
وزادت الصادرات إلى مستوى غير مسبوق بلغ 1.76 مليون برميل يوميا في أبريل نيسان، من 1.67 مليون برميل يوميا في مارس آذار.
واستوردت دول أوروبية، من بينها إيطاليا وهولندا، جزءا كبيرا من تلك الزيادة في صادرات الخام الأمريكي في أبريل نيسان.
ويتوقع بعض التجار أن تصبح شحنات نفط أمريكية عالقة، إذا تحول النزاع بين أكبر اقتصادين في العالم إلى حرب تجارية كاملة، وهو ما قد يدفع بدوره أسعار الخام الأمريكي إلى المزيد من الهبوط.
وقال جون كيلدوف الشريك لدى ايجيان كابيتال "سيكون هناك تباطؤ في المبيعات سيجعل تلك الشحنات عالقة ويوسع الفارق الذي نتوقع أن يستمر ويتفاقم قبل أن يتحسن".
وبالنسبة للصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، فإن ارتفاعا نسبيا في أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت يعني أن النفط سيصبح أكثر تكلفة.
وقال جون كوليمان كبير محللي أسواق الخام بأمريكا الشمالية لدى وود ماكينزي، إن ذلك سيضر المصافي الصينية.
ومع تصاعد النزاع التجاري بين واشنطن وبكين، يجتمع أكبر المنتجين في العالم في العاصمة النمساوية فيينا في 22 يونيو حزيران لوضع استراتيجية عالمية للإنتاج.
وتقوم منظمة أوبك، التي تقودها السعودية فعليا، بكبح الإمدادات منذ 2017 لدعم الأسعار، بمشاركة منتجين آخرين غير أعضاء بالمنظمة مثل روسيا أكبر منتج للخام في العالم.
وتضغط روسيا والسعودية من أجل زيادة في الإنتاج لتعويض نقص في الإمدادات من فنزويلا، وتأثير العقوبات الأمريكية على إيران.
وخام الأورال الروسي أحد الخامات التي تفضلها مصاف مستقلة في الصين.
وزادت أيضا التدفقات من الشرق الأوسط إلى دول آسيوية مثل الهند على مدى الشهرين السابقين، مع اتساع علاوة برنت على خام دبي القياسي.
وقال تجار إن خامات الشرق الأوسط الخفيفة مثل مربان ستجد الآن فرصة أفضل لإيجاد مشترين في الصين.
وورغم ذلك فإنه بشكل عام لا يتوقع التجار انخفاضات حادة في الإمدادات نتيجة لرسوم صينية انتقامية على الواردات من الخام الأمريكي.
(إعداد علاء رشدي للنشرة العربية - تحرير وجدي الألفي)