القاهرة، 23 يوليو/تموز (إفي): كل عاشق لممارسة الرياضة يدرك أن هناك رابطا سحريا بينها وبين الفن، فالعامل المشترك الواضح هو "الإبداع"، وجوانب الابداع في الرياضة متعددة، بدءا من أداء اللاعبين الذي يطلق عليه "الأداء الفني" مرورا بالقمصان الرياضية التي تحمل صبغة إبداعية وتناغما مع عالم الموضة المتطور باستمرار.
فالاعداد البدني والتأهيل النفسي للرياضيين لا يمثلان الحافز الوحيد لتحقيق الانجازات والتتويج بالميداليات، بل قد تشكل الملابس الرياضية ايضا عنصرا فارقا لمساعدتهم على تطوير الأداء وإضافة لمسة جمالية على موهبتهم.
ومع قرب انطلاق دورة الالعاب الأوليمبية لندن 2012 يوم الـ27 من يوليو/تموز الحالي، ستكون البطولة حافلة بكافة اشكال التنافس الشريف والفنون الإبداعية ايضا.
يشارك في أوليمبياد لندن قرابة 10 آلاف و500 رياضي ينتمون لـ205 دول، كل منهم يحلم بالتمثيل المشرف لمسقط رأسه، حتى وإن غاب الانجاز وتعذر الفوز بميدالية، فإن هناك أولوية أخرى بأن يكون واجهة مشرفة لبلاده من خلال التحلي بروح رياضية وأناقة في الزي والهندام.
وبتسليط الضوء على تصميم الزي الرياضي للمنتخبات، المهمة الشاقة التي لا تقل عن الاعداد البدني للمباريات، فمنذ اسدال الستار على الدورة الأوليمبية يعكف فريق من عشرات الخبراء على التجهيز للزي الذي ستتم الاستعانة به في الدورة المقبلة، أي أن الأمر قد يستغرق أربعة اعوام، لابتكار زي أنيق مستوحى من علم البلد بالتماشي مع صيحات الموضة العصرية، وباستخدام خامات مريحة للاعبين.
لكن اللجنة الأوليمبية الدولية لم تطلق العنان لإبداع مصممي الأزياء هذه الدورة بدون حدود، بل وضعت شروطا تهدف في المقام الأول للحفاظ على البيئة وتحفيز قطاع إعادة تدوير المخلفات.
تملك شركة (نايكي) الأمريكية باعا طويلا في تصميم الملابس الرياضية منذ تأسيسها عام 1968 ، حيث تشير المتحدثة باسمها جاكي برييتو الى أن فلسفة الشركة تتلخص في "معاملة كل انسان كرياضي طالما يملك جسدا".
وترعى (نايكي) اتحادات 20 رياضة متنوعة في 35 دولة، يبرز من بينها كرة السلة والعاب القوى والتنس.
وأوضحت برييتو أن الشركة العملاقة تقوم بتطويع التكنولوجيا لخدمة الرياضيين المشاركين بالأوليمبياد، وقد قامت بعض الاتحادات بالفعل بتجربة الازياء، وستنتظر الشركة آراء اللاعبين، وعلى رأسهم العداءة الأمريكية كارميليتا جيتر بطلة العالم في سباق 100 متر، ومواطنها العداء والتر ديكس صاحب برونزية دورة بكين 2008.
وكما تقول برييتو فإن "إدماج التكنولوجيا الحديثة في صناعة الملابس الرياضية أمر معقد وشديد الصعوبة، ويتم التفرغ له قبل وقت طويل من استخدام الرياضييين لتلك الملابس في التدريبات والبطولات، حيث يتم تطويرها بشكل مستمر".
لكن حرية الإبداع لمصممي الملابس الرياضية في دورة لندن ستكون مقيدة بعض الشيء، فاللجنة الأوليمبية وضعت سقفا لخيالهم لا يتجاوز انتقاء الالوان والتلاعب بها مع اختيار رموز تتماشى مع علم البلد وثقافتها، حيث ألزمتهم باستخدام خامات وأقمشة صديقة للبيئة، رغم أنها تحفز "ثورة في عالم المنتجات الرياضية"، ولكن بحدود، كما تؤكد مسئولة (نايكي).
لكن تجدر الإشارة الى أنه لا يمكن الاعتماد على خامة قماش واحدة وثابتة لجميع الرياضات، فكل لعبة لها ظروف خاصة وتتطلب زيا مرنا يتوافق مع كم الجهد المبذول من اللاعب، فعلى سبيل المثال، كرة القدم تمارس في ملعب مفتوح في اجواء قد تكون حارة او ممطرة، فتتطلب نوعية معينة من الملابس الخفيفة التي تريح الجلد وتمتص العرق دون أن تشكل ازعاجا للاعب الذي يتحرك باستمرار في المستطيل الأخضر.
وعلى النقيض في كرة السلة، حيث تمارس في ملعب مغطى ومغلق، لذا فتأثير العوامل الجوية معدوم، ولا يتطلب الأمر نفس نوعية ملابس لاعبي كرة القدم، كما ترى برييتو.
ويبقى العامل الأهم في اختيار الملابس الرياضية هو الكفاءة وتأدية الغرض المطلوب بتحرير حركة اللاعب ومنحه شعورا مريحا بارتداء أقل وزن ممكن.
أما فيما يتعلق بالأحذية، فقد حرصت (نايكي) على تصميم تشكيلات جديدة بأخف وزن ممكن وبأقل خامات متاحة، لكي يشعر الرياضي بأن ما يرتديه في قدميه لا يشبه الجورب، وإنما أقرب لطبقة ثانية من الجلد تتحلى بمرونة تامة مع حركة القدمين دون خياطة، مع الالتزام بعنصر الوقاية والسلامة، وذلك وفقا لابحاث متأنية في علم تشريح القدم تنأى عما يمكن أن يعيق الرياضي عن الوصول لمنصات التتويج.
وامتدت سياسة تقليص الخامات الى ملابس العدائين في سباقات الركض، فتصميم ملابسهم الجديدة راعى مساعدتهم على مقاومة الرياح، تماما مثل الثقوب المجوفة التي تجعل كرة الجولف تشق طريقها دون أن تتأثر باتجاهات الريح.
وبرهنت برييتو على ذلك بأن الدراسات أثبتت أن الملابس الجديدة للعدائين في سباقات 100 متر تجعلهم يركضون أسرع بـ23 ثانية من معدلهم حين كانوا يرتدون الملابس القديمة قبل أربعة اعوام.
وبخصوص مشروع " الرياضة الخضراء" الذي يتزامن مع انطلاق الأوليمبياد المقبلة، فإن ملابس الرياضيين بالدورة ستكون مصنعة من مادة البوليستر التي يتم انتاجها من إعادة تدوير الزجاجات المستهلكة، فعملية تصنيع قميص للاعب كرة قدم على سبيل المثال تستلزم تدوير 13 زجاجة، أما قميص لاعب كرة السلة فيحتاج 22 زجاجة.
وشرحت برييتو عملية تصنيع "القميص صديق البيئة" بأنه يتم تجميع الزجاجات الفارغة وتحطيمها لاستخراج نسيج البوليستر المصنع للملابس دون الاستعانة بأي خامات اخرى غير لازمة، وهو أمر متفق عليه بين شركات تصنيع الازياء الرياضية لما تشكله تلك الخامات من مستقبل للصناعة.
وتضع (نايكي) أولوية لطرح كميات ضخمة من تلك الملابس صديقة البيئة بأسعار اقتصادية في متناول المستهلكين، لكي تتيح لهم الفرصة ليتمتعوا بنفس شعور ابطالهم الرياضيين. (إفي)