البنك المركزي الأوروبي، و كما كان متوقعا منه، لم يستسلم لضغوطات الأسواق، بعد أن تصاعدت مؤخرا توقعات تخفيض سعر الفائدة، و ذلك مع انتهاء الفترة الرئاسية لجان كلود تريشي، الذي يودع البنك المركزي الأوروبي هذا اليوم بقرار تثبيت الفائدة.
اللجنة المقررة للسياسة النقدية في البلاد صوتت هذا اليوم لصالح الحفاظ على سعر الفائدة ثابتا عند 1.50% بالنسبة للفائدة على الإقراض، أما الفائدة على الإقراض فقد تم الحفاظ عليها عند 2.25% و الفائدة على الإيداع عند 0.75%. هذا و كانت أوروبا قد رفعت سعر الفائدة مرتين هذا العام و بقيمة 25 نقطة أساس في كل مرة و ذلك في نيسان و تموز.
لكن المستثمرين ما زالوا يتوقعون المزيد من البنك المركزي و ذلك في ضوء تفاقم أزمة الديون السيادية التي بدأت تؤشر سلبا على التعافي الاقتصادي للمنطقة، و التي قد تدفع بالاقتصاد للسقوط في ركود آخر من شأنه أن يضعف معه النشاطات الإقتصادية و التجارية للعالم بأسره. إذ تزداد فرص إفلاس اليونان، مما قد يخلق أزمة حقيقية في القطاع البنكي الأوروبي من ثم العالمي.
مع انتهاء الفترة الرئاسية لجان كلود تريشي، كان من المتوقع أن يحافظ البنك المركزي على أسعار الفائدة ثابتة، خاصة أن القراءة المتقدمة لمؤشر أسعار المستهلكين يؤكد استمرار الضغوطات التضخمية الصاعدة في أوروبا حيث وصلت إلى 3.0% في أيلول من 2.5% في آب.
قرار اليوم يؤكد سجل تريشي الحافل الذي ينصب نحو الدفاع عن استقرار الأسعار، و هو باعتقاده الهدف الرئيسي للبنك المركزي. بالتالي ستوجه انتباه الأسواق بعد هذا القرار نحو التصريح الصحفي لتريشي و الذي من خلاله سيحاول المستثمرين تلقي إشارات البنك المركزي الذي قد يكشف النقاب عن إجراءات جديدة تضمن السيولة و عمل الأسواق المالية بشكل فعال.
هنالك احتمالية بأن يقوم البنك المركزي باتخاذ إجراءات من شأنها التخفيف من الضائقة المالية، خاصة أن الودائع لدى البنوك المركزي في ارتفاع مستمر و كذلك الحال بالنسبة للاقتراض من البنك المركزي الأوروبي. مما يؤكد أن البنوك مترددة في إقراض بعضها البعض بسبب ارتفاع القلق من انتشار أزمة الديون السيادية و عدم التأكد من الخطة المقبلة التي تهدف احتواء هذه الأزمة.
هنالك إمكانية بأن يقوم تريشي بالإعلان عن استئناف برنامج توفير السيولة طويل الأمد تماشيا مع التدابير المتخذة بالتنسيق مع البنوك المركزية الأخرى في منصف أيلول من أجل توفير ثلاثة مزادات إضافية للدولار حتى نهاية العام لضمان التمويل اللازم للبنوك الأوروبية.
من الخيارات الأخرى هنالك إعادة تشغيل برنامج شراء السندات المغطاة الذي تم البدء فيه في أيار 2009 و حتى منتصف 2010. الثقة بدأت بالفعل في التحسن بناءا على صعود التوقعات باستعداد القادة الأوروبيون لوضع خطط من شأنها حماية البنوك و مواصلة إعادة الرسملة لمنع حدوث انهيار مالي في خال تخلفت اليونان عن سداد الديون.
المخاوف من انتشار الأزمة هي التي تولد أكبر قدر من الضغوطات، و هذا ما دفع بشركة موديز هذا الأسبوع لتخفيض التصنيف الائتماني لإيطاليا ثلاثة درجات و حذرت أن بلدان أخرى قد تلقى نفس المصير في حال استمرت الأوضاع تتفاقم. قمة الإتحاد الأوروبي المقبل سيكون نقطة هامة لأزمة الديون، و حتى ذلك الوقت على المستثمرين الاعتماد على البنك المركزي لحماية الإقتصاد، لذلك الأنظار جميعها موجهة على تريشي اليوم الذي يوده زملائه هذا اليوم، و يسلم القيادة لماريو دراجي في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني.