في البداية، قام البنك المركزي الأوروبي بخفض سعر الفائدة المرجعية لأدنى مستوياته التاريخية مطابقاً لذلك التوقعات و التكهنات و ذلك في سبيل دعم الاقتصاد و تجنيبه الانكماش خلال الفترة القادمة وسط استمرار ظهور الاشارات السلبية الغير مشجعة، و ذلك بعد زوال المخاطر التضخمية التي كانت تحد من مساحة مناورة البنك في الآونة الأخيرة ليقوم البنك بأجرأ خطوة له هذا العام ملبياً المطالب الداخلية و الخارجية .
و لكن، نشير هنا إلى أن الأسواق و المستثمرين لم يكن هذا مطلبهم فقط، فعلى الرغم من صحة القرار الذي اتخذه البنك في الوقت المناسب، إلا أن المستثمرين لا يرى بأن هذا القرار منفرداً سيكون قادراً على تجنيب الاقتصاد من خطر الانكماش وسط تداعيات أزمة الديون السيادية و تفشيها في المنطقة .
فكان يأمل المستثمرين بأن يُقدم البنك على المزيد من الاجراءات و الخطط التحفيزية كتلك التي قام بها سابقاً بتقديم القروض الرخيصة و طويلة الأمد للبنوك، و لكن الأوروبي برئاسة دراغي قد اكتفى في هذه الخطوة في الوقت الراهن على الرغم من اشارته في المؤتمر الصحفي عن مدى تعثر اقتصاد المنطقة و غموض النظرة المستقبلية للمنطقة إلى جانب احاطتها بالعديد من المخاطر و الصعوبات .
و هذا ما دفع اليورو لتحقيق أحد أكبر خسائره الأسبوعية منخفضاً من مستوياته الافتتاحية عند 1.2676 ليصل قبل صدور تقرير الوظائف الأمريكي إلى أدنى مستوياته عند 1.2362. في الواقع، نحن لا نلوم المستثمرين على هذا الاعتقاد فقد لا يكون قرار الفائدة لوحده كافياً لإخراج المنطقة من بحر الديون التي تغرق به حالياً ليبقى المستثمرين بانتظار المزيد من الخطوات و التفسيرات التي قد يقدمها وزراء مالية الاتحاد الأوروبي الاسبوع القادم .
أما عن نظيره البريطاني، فقد أقدم على خطوة متوقعة أيضاً بتوسيع برنامج شراء الأصول بواقع 50 مليار يورو ليصبح عند 375 مليار يورو، و ذلك في سبيل دعم و تحفيز الاقتصاد أيضاً علماً بأن الاقتصاد الملكي قد دخل رسمياً دائرة الركود بعد انكماشه لربعين متتاليين بوتيرة -0.3% و هو ما أفزع صناع القرار البريطانيين من احتمالية دخول الاقتصاد في دائرة الركود العميق وسط استمرار ظهور الاشارات السلبية و انكماش مختلف قطاعات الاقتصاد .
علماً بأنه تم دعم موقف البنك و تعزيزه بعد تراجع مستويات التضخم في الاقتصاد الملكي و زوال المخاطر التضخمية في الفترة القادمة، حيث تراجعت مستويات التضخم إلى 2.8% و هي ضمن حدود المستويات المقبولة لدى البنك المركزي البريطاني، و لكن السؤال الآن هل ما قدمه المركزي البريطاني هو كفاية للغايات التي يأملها البنك و تجنيبه الركود العميق، أم عليه أخذ المزيد من السياسات التيسيرية؟
و من جانب آخر، أقدم بنك الشعب الصيني على تخفيض معدل الإقراض لعام بمقدار 0.31 نقطة أساس وتخفيض معدل الإيداع لعام بمقدار 0.25 نقطة اساس وذلك للمرة الثانية خلال شهر وذلك سعياً من البنك لدعم الاقتصاد الصيني الذي يشهد تباطؤاً في أداءه وسط تأثر الاقتصاد الصيني من تدني مستويات الطلب عالمياً بالإضافة إلى تفاقم أزمة المديونية الأوروبية.
و رغم هذه الخطوات من الثلاثة بنوك بقيت الأسواق تحت الضغط السلبي من حالة عدم اليقين و الخواف التي اجتاحت الأسواق، و ليس فقط الأسواق من بقيت خائفة من الأسواق، فحتى المنظمات العالمية أبدت قلقها حيال مستقبل الاقتصاد العالمي. أشارت الرئيس التنفيذي لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد عن قلقها حول استمرار تعثر الاقتصاد العالمي و أشارت إلى أن النظرة المستقبلية أصبحت مقلقة أكثر يوماً بعد يوم وسط استمرار ظهور الاشارات السلبية عن مسيرة الاقتصاد العالمي.
في حين أن صندوق النقد الدولي سيقوم بتخفيض توقعاته المستقبلية لنمو الاقتصاد العالمي التي كانت تشير إلى نمو عند 3.5% خلال 2012، في حين أن توقعات الصندوق لنمو الاقتصاد العالمي خلال العام القادم 2013 تقع عند 4.1%، و سيقوم الصندوق بإصدار توقعاتها القادمة للاقتصاديات العالمية في السادس عشر من تموز الجاري.