بنغازي (ليبيا)، 25 فبراير/شباط (إفي): في مشهد لم يختلف كثيرا عن سابقه في الأيام الماضية، قابل الزعيم الليبي معمر القذافي عشرات الآلاف من المتظاهرين المنادين بسقوطه بالوعيد في كلمة أدلى بها أمام مؤيدين له، فيما كانت واشنطن أولى الدول تطبيقا لعقوبات على طرابلس.
وردد المتظاهرون شعارات مثل "ليبيا حرة"، و"دماء الشهداء لن تضيع هباء" خلال التظاهرة التي شهدها أكبر الميادين الليبية، على شاطئ البحر المتوسط، مؤكدين أنهم لن يكفوا عن النضال حتى تتحرر طرابلس.
وفي مقر قسم الشرطة السابق، الذي تم إحراقه بالكامل، تم إنشاء لجنة إعلام نشرت لليوم الثالث على التوالي جريدة الثورة، تحت عنوان "ليبيا..ثورة 17 فبراير/شباط".
ولاقت أحداث العنف التي تشهدها ليبيا أصداء عالمية، كان أعلاها في واشنطن، والتي أعلن بيتها الأبيض تعليق أعمال السفارة الأمريكية في طرابلس بعد مغادرة جميع أفراد طاقمها الدبلوماسي ليبيا، كما تعتزم فرض عقوبات على طرابلس.
ومن جانبه، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليوم في أنقرة أن الزعيم الليبي "ينبغي عليه الرحيل" إزاء الأزمة التي تشهدها ليبيا.
وفي مؤتمر صحفي عقد بأنقرة بعد اجتماع دام ثلاث ساعات مع نظيره التركي عبد الله جول، أوضح ساركوزي: "ينبغي على القذافي الرحيل، ولا يمكننا قبول العنف الذي يحدث في ليبيا".
وأدان الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف ما وصفها بأعمال القتل المتعمد التي يتعرض لها مدنيون في ليبيا، داعيا قادة النظام الليبي إلى التخلي عن استخدام القوة في مواجهة الاحتجاجات الشعبية.
وقال ميدفيديف في تصريح تناقلته وكالات الأنباء الروسية: "ندين استخدام القوة ضد المدنيين بناء على أوامر من القادة الليبيين".
ومن جهة أخرى، أعرب ميدفيديف عن تخوفه من إمكانية أن تفضي موجة التغيير في العالم العربي إلى وصول عناصر متطرفة إلى السلطة وهو ما يعني "عقودا قادمة من الاضطرابات"، حسب قوله.
وفي استمرار لانشقاق الدبلوماسيين عن نظام القذافي، أعلن سفيرا ليبيا أمام فرنسا ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) اليوم استقالتهما، وانضمامهما إلى التظاهرات.
وتأتي استقالة الدبلوماسيين بعد استقالة نظرائهم في الهند وإندونيسيا وبريطانيا والولايات المتحدة وبولندا والبرتغال، إلى جانب وزير داخلية عبد الفتاح يونس، الذي استقال الثلاثاء وحث القوات المسلحة على الانضمام إلى صفوف الشعب.
كما قرر دبلوماسيو بعثة ليبيا أمام الأمم المتحدة اليوم التخلي في جنيف عن تمثيل نظام القذافي، وأعلنوا أنهم "ممثلو الشعب الليبي".
وأعلن السكرتير الثاني للوفد الدبلوماسي عادل شلتوت القرار لدى بدء الجلسة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والذي يتطرق منذ صباح اليوم إلى انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا.
وأدلى شلتوت بكلمة مقتضبة أخطر خلالها أنه و"جميع أفراد البعثة الليبية في جنيف تحولت منذ اليوم إلى ممثلين للشعب الليبي، ورغبته الحرة"، الأمر الذي قوبل بتصفيق في القاعة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، دعا المندوب الليبي المستقيل لدى الأمم المتحدة، عبد الرحمن شلقم، المنظمة الدولية إلى اتخاذ قرار "شجاع" حول ما يجري في بلاده.
واعتبر شلقم خلال كلمة أمام مجلس الأمن أن القذافي برفضه تخليه عن السلطة كأنه يقول للشعب الليبي "سأحكمكم أو أقتلكم"، مستبعدا في الوقت ذاته أن تتعرض ليبيا للتقسيم حال تغير النظام الحاكم.
ولم يختلف موقف القذافي كثيرا في تصريحاته، حيث جدد تمسكه بالسلطة في بلاده خلال خطاب جماهيري ألقاه بالساحة الخضراء في طرابلس اليوم، حيث حث أتباعه على "الاستعداد" دون أن يحدد لأي شيء.
وظهر القذافي فوق سطح أحد الأبنية أمام بضعة آلاف من أنصاره وأكد أنه عازم على "هزيمة أية محاولة خارجية" ضد نظام حكمه، كما حث الشعوب الأفريقية التي قال إنها تحبه على ترجمة ذلك إلى واقع فعلي، وقال: "من لا يحبني.. لا يستحق الحياة".
يذكر أن القذافي يحكم ليبيا منذ عام 1969 ورفض تنحيه عن السلطة منذ اندلاع الاحتجاجات في 17 من الشهر الجاري بدعوى أنه ليس رئيسا بل قائد ثورة. (إفي)