من جيف ميسون ودميتري سولوفيوف
واشنطن/موسكو (رويترز) - قال مسؤولون أمريكيون يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة حذرت القيادة السورية من شن هجوم كيماوي بعد أن رصدت واشنطن عمليات نشطة فيما يبدو في قاعدة جوية سورية استخدمت في هجوم كيماوي في أبريل نيسان.
ونددت روسيا، الداعمة الرئيسية للرئيس السوري بشار الأسد، بالتحذير ورفضت تأكيدات البيت الأبيض بأن هجوما يجري التحضير له باعتبارها "غير مقبولة" مما أدى إلى تفاقم التوترات بين واشنطن وموسكو بشأن الحرب السورية.
وقال جيف ديفيز المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) يوم الثلاثاء إن واشنطن رصدت استعدادات سورية فيما يبدو لهجوم محتمل بأسلحة كيماوية في مطار الشعيرات وهو نفس المطار الذي هاجمته واشنطن في أبريل نيسان.
وأضاف ديفيز إن واشنطن رصدت الأنشطة المقلقة قبل "يوم أو يومين". ولم يوضح كيف جمعت الولايات المتحدة هذه المعلومات.
وقال ديفيز عبر الهاتف من واشنطن "انطوى ذلك على طائرات معينة في حظيرة طائرات محددة نعرف أنهما مرتبطان باستخدام أسلحة كيماوية".
وقال البيت الأبيض يوم الاثنين إن الحكومة السورية تجهز فيما يبدو لهجوم كيماوي آخر وحذر الأسد من أنه وجيشه سيدفعون "ثمنا باهظا" إذا ما نفذوا هذا الهجوم.
وجاء الهجوم الصاروخي الأمريكي على قاعدة الشعيرات الجوية في سوريا في أبريل نيسان في أعقاب مقتل 87 شخصا فيما قالت واشنطن إنه هجوم بغاز سام في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة وهي اتهامات أثارت خلافا بين واشنطن وموسكو مباشرة.
وقال البيت الأبيض إن الاستعدادات الأخيرة في سوريا تشبه ما جرى قبل هجوم أبريل نيسان.
لكن روسيا تحدت معلومات المخابرات أمريكية.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحفي عبر الهاتف "ليس لدي علم بأي معلومات عن تهديد باحتمال استخدام أسلحة كيماوية".
وأضاف "بالتأكيد نعتبر مثل هذه التهديدات للقيادة الشرعية في الجمهورية العربية السورية غير مقبولة".
ووصف مسؤولون روس في أحاديثهم الخاصة الحرب الدائرة في سوريا بأنها أكبر مصدر للتوتر بين موسكو وواشنطن وزاد الهجوم الصاروخي الذي أمر به ترامب في أبريل نيسان من مخاطر المواجهة بينهما.
وزار الأسد قاعدة حميميم الجوية الروسية في غرب سوريا يوم الثلاثاء في أول زيارة يقوم بها للقاعدة التي تنطلق منها الطائرات الروسية التي تدعم قوات حكومة دمشق.
وأظهرت صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الأسد وهو يجلس في قمرة قيادة طائرة حربية روسية من طراز سوخوي سو-35 ويتفقد أسلحة وأفرادا وعربات مدرعة في القاعدة القريبة من اللاذقية.
وأدى الأسد صلاة العيد يوم الأحد في مدينة حماة في أول مرة يزور فيها المدينة منذ بدء الصراع. وذكرت وسائل إعلام حكومية يوم الثلاثاء إنه زار أيضا الجرحى من الجنود في ريف حماة بصحبة زوجته وأبنائه.
* تحذير أمريكي
لم يرد الجيش السوري أو وزارة الخارجية السورية على تحذير البيت الأبيض لكن تلفزيون الإخبارية السوري قال إن مزاعم البيت الأبيض ملفقة.
ولم يرد مسؤولون من البيت الأبيض على طلبات للتعقيب على المعلومات أو على خطط الولايات المتحدة إذا نفذت سوريا مثل هذا الهجوم.
وأبلغت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي جلسة لمجلس النواب بأن الإدارة الأمريكية لم تقصد بتحذيرها الحكومة السورية فقط وإنما روسيا وإيران.
وأضافت "أعتقد أن الهدف في هذه المرحلة ليس فقط إرسال رسالة (للرئيس السوري بشار) الأسد ولكن أيضا رسالة لروسيا وإيران مفادها أنه إذا حدث ذلك مجددا فإننا نحذركم رسميا".
وأكدت على أن الهدف الأمريكي الرئيسي في سوريا هو قتال تنظيم الدولة الإسلامية وليس الإطاحة بالأسد.
وقالت "لا أرى سوريا في حالة جيدة وعلى رأسها الأسد لكن الولايات المتحدة كانت ومازالت تعطي الأولوية لقتال داعش".
وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون إن لندن ستدعم عملا أمريكيا لمنع هجوم بالأسلحة الكيماوية لكنها لم تطلع على المعلومات التي بنت واشنطن تصريحاتها يوم الاثنين عليها.
وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون اتفق مع ترامب في اتصال هاتفي يوم الثلاثاء على العمل معا على رد مشترك في حالة وقوع هجوم كيماوي جديد في سوريا.
وقال مسؤول أمريكي مطلع على المعلومات إن ضباط المخابرات من الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها كانوا قد حددوا منذ فترة عدة مواقع اشتبهوا أن الحكومة السورية ربما تخفي فيها أسلحة كيماوية مصنعة حديثا عن المفتشين.
واستند التقييم في جزء منه إلى المواقع وإجراءات الأمن المحيطة بهذه المواقع المشتبه فيها ومعلومات أخرى رفض المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه الإفصاح عنها.
وقال المسؤول إن معلومات المخابرات لم تعتبر قاطعة، لكن واشنطن قررت توجيه تحذير علني للقيادة السورية في محاولة لردع هجوم من هذا النوع.
ويمثل عدد من قتلوا فيما يشتبه أنها هجمات بأسلحة كيماوية نسبة صغيرة من مجمل من لاقوا مصرعهم في الحرب السورية ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عدد من قتلوا في الحرب يقترب من نصف مليون شخص.
لكن لقطات تلفزيونية لضحايا هجوم أبريل نيسان وبينهم أطفال وهم يتألمون ويجري رشهم بالمياه لإزالة المواد الكيماوية من على أجسادهم على ما يبدو سببت اشمئزازا على مستوى العالم.
وبعد هجوم أبريل اتهم ترامب حكومة الأسد بأنها تجاوزت "خطا أحمر" ووافق على ما وصفه مسؤولون أمريكيون بأنه هجوم "لمرة واحدة" لردع أي هجمات كيماوية مستقبلا.
(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)