من توم ألارد
إليجان سيتي (الفلبين) (رويترز) - كان الأسقف إدوين ديلا بينا يرشف القهوة بعد العشاء في مدينة ساحلية بجنوب الفلبين يوم الثلاثاء الماضي عندما تلقى مكالمة هاتفية من أحد القساوسة يتحدث بنبرة تشي بالذعر والحزن.
فقد احتجز متشددون إسلاميون الأب تيريسيتو "شيتو" سوجارنو الكاهن العام لمدينة ماراوي مع نحو عشرة من أفراد أبرشيته.
وقال ديلا بينا "أعطوه بضعة سطور ليلقيها وكانت ببساطة ترديدا لمطالب الخاطفين بانسحاب القوات". وقيل له إنه إذا لم تلب المطالب "فسيحدث شيء سيئ".
ولم ترد أنباء أخرى عن هذه المجموعة منذ اختطاف أفرادها في إطار معركة شرسة بين المتمردين الإسلاميين وقوات الجيش الفلبيني في ماراوي خلال الأسبوع الأخير.
وفر ما يصل إلى 180 ألفا يمثلون 90 في المئة من سكان المدينة التي أصبحت بين عشية وضحاها تقريبا مسرحا لحرب مدن الأسبوع الماضي.
وأعلن الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي الأحكام العرفية في مينداناو أبعد جزر البلاد جنوبا في الوقت الذي سعت فيه القوات لتضييق الخناق على اسنيلون هابيلون الذي أعلن أميرا على جنوب شرق آسيا العام الماضي عندما بايع تنظيم الدولة الإسلامية.
وقد تجمع في مينداناو الآن مقاتلون إسلاميون من ماليزيا واندونيسيا ودول أخرى الأمر الذي يغذي المخاوف من أن تتحول إلى معقل إقليمي للدولة الإسلامية.
وأكثر من 90 في المئة من سكان الفلبين البالغ عددهم 100 مليون نسمة مسيحيون لكن المسلمين أغلبية في مدينة ماراوي التي أعلنت عام 1980 أنها "مدينة إسلامية" لتصبح المدينة الوحيدة في البلاد بهذه الصفة. لكن الحياة ظلت هادئة ومزدهرة للطائفة المسيحية الصغيرة فيها.
وقال ديلا بينا الذي عاش في المدينة 17 عاما وكان خارجها عندما تفجر العنف "نحن لا نعتبر أنفسنا مسلمين أو مسيحيين. فنحن أصدقاء".
وأضاف أن الهدوء تحطم عندما قصف الجيش معسكرا للجماعات الإسلامية على مسافة 50 كيلومترا.
وقال لرويترز في مقابلة بمدينة إليجان على مسافة 37 كيلومترا من ماراوي "قالوا إنهم سحقوا المعسكر كله لكن هؤلاء الناس نقلوا قاعدة عملياتهم من الغابة إلى... مدينة ماراوي".
* اعتداء على كاتدرائية وإشعال النار فيها
انتشرت الفوضى في ماراوي عندما تعرضت قوات كانت تبحث عن هابيلون لكمين نصبه متشددون مدججون بالسلاح. وانتشر أكثر من 200 مقاتل محلي وأجنبي من جماعة ماوتي وانتشر آخرون متحالفون مع الدولة الإسلامية في مختلف أنحاء المدينة فاستولوا على المستشفى الرئيسي والسجن قبل مهاجمة كاتدرائية ماريا أوكزيليادورا.
وقال سكان في منطقة قريبة لديلا بينا إن الأب تيريسيتو ومجموعة من المصلين كانوا بداخلها يزينون الكنيسة احتفالا بأحد الأعياد.
وقال ديلا بينا إنهم جروا إلى بيت الأسقف القريب على أمل الاحتماء به لكن المتشددين اقتحموه عليهم وقال سكان إنهم أشعلوا النار في الكنيسة في ذلك المساء بعد أن أخذوا أسراهم في عربات.
وظهرت على الانترنت صورة للكاهن وشاب وامرأة مسنودين على حائط ويعتقد ديلا بينا أن المتشددين استخدموهم كدروع بشرية.
غير أنه مازال يأمل في توحيد المدينة من جديد. وقال إن أغلب سكان المدينة روعهم ما حدث من عنف وفوضى.
وأضاف "أعتقد أن بوسعنا أن نبدأ شيئا أكثر فعالية من حيث العمل معا ومن حيث الحوار والتعايش السلمي. فنحن نشترك رغم كل شيء في محنة واحدة".
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير سها جادو)